واشنطن قلقة من مداهمة السلطات المصرية لمكاتب منظمات غير حكومية
٢٩ ديسمبر ٢٠١١قامت قوات من الجيش والشرطة، الخميس (29 كانون الأول/ ديسمبر 2011)، بتفتيش مقرات منظمات غير حكومية مصرية وأجنبية متهمة بتلقي وإنفاق أموال "بشكل غير مشروع". وقال بيان أصدره قضاة التحقيق في ما يعرف باسم قضية التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية، ونقلته وكالة فرانس برس، إن ""فريقا من محققي النيابة العامة قام اليوم بعملية تفتيش لـ 17 مقرا لفروع منظمات مجتمع مدني مصرية وأجنبية، تنفيذا لأمر التفتيش الصادر من قضاة التحقيق المنتدبين من وزير العدل، في شأن قضية التمويل الأجنبي المخالف لقانون المنظمات الأهلية وما يرتبط بها من جرائم أخرى". وكان من بين المنظمات التي تم تفتيشها "المركز العربي لاستقلال القضاء"، و"المعهد الجمهوري الدولي"، و"المعهد الوطني الديمقراطي"، ومنظمة "بيت الحرية"، ومكتب مؤسسة " فريدوم هاوس" بالقاهرة، و"مرصد الموازنة العامة وحقوق الإنسان".
وأكد نبيل يعقوب، عضو مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان ورئيس فرعها في ألمانيا، في اتصال مع دويتشه فيله، بأن ما حدث اليوم لم يكن مستغربا، فقد شهدت الأشهر الماضية "تصاعدا في الاتهامات من قبل المجلس العسكري الحاكم وبعض وسائل الإعلام الحكومية وجهتها لمنظمات حقوق الإنسان ومنظمات من المجتمع المدني بأنها تتلقى تمويلا أجنبيا، وبأنها تطبق سياسات معادية للمصالح الوطنية". وشدد يعقوب على أن هذه المنظمات لا تقوم بأي عمل مخالف للقوانين المصرية أو ضد مصالح البلاد، ومن بين ما تقوم به هو "تدريب أعضاء الأحزاب التي تشكلت حديثا على فهم ما هي الديمقراطية والانتخابات ... وهي قضية علنية معروفة ولا تمثل أي خطر على المصالح الوطنية".
وكانت السلطات المصرية فتحت تحقيقا في آب/ أغسطس الماضي حول ما وصفته بالتمويل غير المشروع لمنظمات غير حكومية مصرية من جهات أجنبية. وحذر المجلس العسكري، الممسك بالسلطة منذ إسقاط مبارك إثر ثورة شعبية في 11شباط/ فبراير الماضي، في أكثر من بيان من أن أطرافا ثالثة "تحاول الوقيعة بين الجيش والشعب". ولمح المجلس العسكري إلى أن أشخاصا "مندسين" يتحملون مسؤولية سقوط نحو ستين قتيلا من المتظاهرين خلال الاشتباكات التي وقعت بين قوات الجيش والأمن من جهة والمتظاهرين من جهة أخرى خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وكانون الأول/ ديسمبر الجاري.
إدانات لعملية التفتيش
وسارعت الولايات المتحدة إلى الإعراب عن قلقها العميق، لقيام الشرطة المصرية بمداهمة مكاتب الجماعات المؤيدة للديمقراطية والمدافعة عن حقوق الإنسان، بما في ذلك بضع جماعات تمولها واشنطن، وحثت السلطات المصرية على أن تتوقف على الفور عن "التضييق" على موظفي المنظمات غير الحكومية. وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية "نحن قلقون للغاية لان هذا تصرف غير مناسب في المناخ الحالي"، مضيفة أن مسؤولين أمريكيين كبار على اتصال بالقادة العسكريين المصريين للتعبير عن قلقهم من هذه المداهمة. وأضافت نولاند قائلة "نتطلع إلى أن يتم حل هذه المسألة على الفور". ورغم أن الولايات المتحدة حليفة لمصر منذ عقود، إلا أنها شددت لهجتها أكثر من مرة خلال الأشهر الأخيرة حيال المجلس العسكري. وانتقدت واشنطن ودول غربية أخرى في أكثر من مناسبة القمع العنيف للتظاهرات.
ودانت منظمات حقوقية مصرية على الفور حملة التفتيش التي أمر بها قضاة التحقيق. ودانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ما اعتبرته "حملة أمنية ضد منظمات المجتمع المدني تستهدف ترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان". وأضافت الشبكة العربية في بيان أن "نظام مبارك لم يكن ليجرؤ على القيام بمثل هذه الممارسات قبل إسقاطه". وأكدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان "إدانتها الشديدة للهجمة الشرسة على منظمات المجتمع المدني التي تهدف إلى إسكات منظمات المجتمع المدني ومنعها من القيام بدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها". وكتب المرشح المحتمل للرئاسة المصرية محمد البرادعي على حسابه على تويتر أن"منظمات حقوق الإنسان هي إيقونة الحرية. الجميع سيراقب عن كثب أية محاولات غير شرعية لتشويهها".
(فلاح إلياس/ أ ف ب، رويترز، د ب ا)
مراجعة: أحمد حسو