أم علاء عبد الفتاح: الوضع العام في مصر متدهور جدا
٢٥ يناير ٢٠١٥DW الدكتورة ليلى سويف اثنان من أبنائك، علاء وسناء عبد الفتاح يقبعان حاليا في السجن، وهذه ليست المرة الأولى بالنسبة لعلاء، فهل أنت نادمة على التضحيات التي قدمتيها وعائلتك ثمنا لمعارضة النظام في مصر؟
الدكتورة ليلى سويف: وما الذي كنا نملك أن نفعله غير ذلك. أنا شخصيا غير نادمة على أي تضحيات قدمتها. ولكن وفيما يتعلق بحالة علاء تحديدا، فقد يكون هو من تعرض لظلم شديد: فقد عاد من عمله في جنوب أفريقيا وأصر على التواجد في مصر وحاول أن يفتح مجالا للعمل هنا. ولذلك ربما كان الأفضل توجيه هذا السؤال لعلاء، لأنه هو الذي بإمكانه أن يجيب عمّا إذا كان الأمر يستحق التضحية أم لا. أما عن وجهة نظري الشخصية، فأنا أرى أنك عندما تعيش في بلد يوجد به الكثير من الظلم وأنت -ولأسباب تاريخية- لديك حساسية كبيرة إزاء هذا الظلم، فإنك وإن لم تحاول مقاومته، حتى لو كنت تعلم أنك لن تحقق تقدما كبيرا في النتائج، فإنك ستشعر بقدر كبير من الإنكسار والإهانة التي لن تستطيع التعايش معها. إذن، ليست لديك شيء آخر سوى المقاومة. هذة طريقة الحياة التي قمت بإختيارها بنفسك ولو حاولت تغييرها، ستشعر بالإنهيار وستكون بعدها إنسانا آخرا و لن تعرف نفسك.
هل تشعرين بتعرض ابنك وابنتك للظلم ؟
أشعر بتعرض أولادي لظلم وتعنت كبيرين ومحاولات للتربص. ولكني لا أرى بأن ولديّا فقط من تعرضا للظلم، بل أيضا هناك الكثير من المظلومين. أنت الآن في بلد يوجد فيها الكثير من الظلم: يعيش المصريون تحت ظلم الفقر وظلم غياب القضاء وظلم سوء التعليم. كما لا توجد رعاية صحية ولا توجد كرامة للمواطن. وجهاز الدولة عموما منهار وهناك تفرقة وجور على حق الضعفاء أيا كان ضعفهم سواء كان ضعفا قائما على الانتماء لأقلية دينية أو على إعاقة بدنية مثلا، فالضعيف مظلوم في مصر الآن. ولربما يكون ابني وابنتي يشعران بالظلم، ولكنهما لا يشعران بالقهر، لأنهما اختارا طريقهما بنفسيهما.
ما الذي تغيّر في مصر الآن بعد أربع سنوات من الثورة؟
أكثر ما ظهر من تغييرات في مصر بعد الثورة أن هناك عددا متزايدا من المواطنين الذين يهتمون بالعمل العام و بالمشاركة في الشأن العام للبلاد. وهذا في رأيي هو التجربة الأهم لثورة يناير وهي نتيجة واقعة لا يستطيع أحد إلغائها أيا كان حجم القمع الموجود أو محاولات التأثير الموجهة.
ما تقييمك لوضع الحقوق والحريات في مصر؟
وضع الحقوق والحريات في مصر الآن رديء للغاية. هناك أعداد كبيرة من المعتقلين في السجون والغالبية العظمى منهم رهن الإعتقال دون محاكمات حقيقية وبإتهامات واهية. وضع القضاء أيضا في مصر أصبح سيئا للغاية. كنا قد تعوّدنا قبل يناير من عام 2011 على أنه من الممكن لجهاز الشرطة أن يخالف القانون وأنه من الممكن للنيابة العامة أن تنتهك القانون، أما أن ينتهك القضاء القانون، فهو أمر قد فوجئنا به جميعا و لم نتوقعه من قبل أبدا. بل على العكس، فقد كنا نتوقع أن يكون القضاء في مصر أحد وسائلنا لتحقيق العدالة. و لكن وللأسف، فإن القضاء كمؤسسة في الوقت الراهن أصبح في مجمله أحد أدوات التسلط في البلاد بغض النظر عن وجود بعض الأفراد داخله الذين يراعون ضمائرهم ويسعون لتحقيق العدالة. وبعد ما رأيناه في مصر خلال العام ونصف العام الماضيين، أعتقد أن القضاء لم يعد بحاجة ماسة لتصحيح مسار فحسب، وإنما أيضا لإعادة هيكلة كاملة مثلما هو الحال أيضا بالنسبة لجهاز الشرطة .
هل كنت تتوقعين أن يكون هذا هو الوضع في مصر بعد أربع سنوات من الثورة؟
لا، بالطبع لم أكن أتوقع أن تصل الأوضاع إلى ما وصلت إليه من تدهور. ورغم أنه كان لدي تخوف كبير من دور الجيش في مصر بعد الثورة، فأنا أعلم تماما أن الحكم العسكري مشكلة كبيرة. ورغم أنني كنت متخوفة أيضا من حكم الإخوان المسلمين، فقد كنت على يقين بأن أي إنتخابات سيتم إجراؤها في مصر سوف تأتي بالإخوان للحكم، على الأقل في مرحلة زمنية ما. الوضع الآن محتقن جدا ومتدهور على جميع الأصعدة، وليس فقط على صعيد الحريات: فهناك تدهور على الصعيد الإقتصادي والخدماتي. وحتى هذه الساعة لم أر أي محاولات جدّية لإحداث إصلاح حقيقي، ولا أعتقد أنه ستوجد محاولات قريبا. يبدو أن السلطة الحالية عاجزة عن تحسين الأمور، ليس لأنها لا ترغب في الإصلاح، بل لأن إختياراتها سيئة، نتج عنها عجز عن تحقيق تحسن ملموس.
ما هي هذه الاختيارات مثلا؟
السلطة في مصر اختارت أن تحابي وتقف إلى جانب الأغنياء وأن تضع مقاليد السلطة و الحكم بأيدي ضباط جيش يفتقدون في أغلبيتهم لقدر مهم من المعرفة. كما اختارت السلطة أيضا أن تعادي الشباب. وهذه اختيارات فاشلة.
برأيك، كيف ستسير الأمور في المرحلة القادمة؟
هناك احتمالان لا ثالث لهما: الأول، هو أن تتمكن السلطة ومن يحيط بها من الاستفاقة وإدراك حجم الخطر المقبلين عليه بأنفسهم وبالبلاد عموما. بالتالي أن يقرروا الإقلاع عن المواجهة الحادة بهذا الشكل المبالغ فيه و أن يعودوا إلى طريقة أداء أقرب لما كان يفعله الرئيس الأسبق مبارك، الذي كان يترك بعض المساحات وهوامش الحرية في أوقات الإحتقان، ويستخدم الشدة تارة واللين تارة أخرى. وفي هذة الحالة، فلا ربما لن تضمن لهم هذه الطريقة البقاء في الحكم لمدة ثلاثين عاما أخرى مثل مبارك، ولكن لعامين أو ثلاثة أعوام.فقط
الإحتمال الثاني؟
هو أن تُبقي السلطة على أسلوب المواجهة العنيفة المتبع حاليا. الأمر الذي قد يقود الأوضاع إلى الانفجار، قد يكون على الأغلب عفويا وعنيفا. وفي حالات الإنفجار والغليان، يصعب توقع ما الذي من الممكن أن يحدث بعدها.