وجهة نظر: أردوغان فقط من بإمكانه مساعدة تركيا
٢٣ أغسطس ٢٠١٨إنه الاقتصاد ، يا غبي!" عرفت هذه الجملة منذ أكثر من ربع قرن، عندما أصبح بيل كلينتون رئيساً للولايات المتحدة. أما رجب طيب أردوغان فهو يعرف أنه من الممكن الفوز بالانتخابات من خلال اقتصاد جيد الأداء، لأنه هو من أخرج الاقتصاد التركي في بداية الألفية الجديدة من أزمة عميقة، بدعم مالي من صندوق النقد الدولي و بعد تطبيق إصلاحات شجاعة. وقد نجح في ذلك بشكل جيد، وتحولت تركيا إلى موقع محبب للاستثمار وإلى سوق جذابة، لأن الناس امتلكوا المزيد من الأموال بفضل السياسة الاقتصادية لأردوغان.
علاقات اقتصاد تقليدية
وحتى الشركات الألمانية شاركت بشكل كبير في (الاستثمار) في الدولة على مضيق البوسفور. فسبعة آلاف شركة تنشط في البلاد وتشغل أكثر من 120.000 شخصا، من بينها شركات تحمل أسماء كبيرة مثل Bosch و Volkswagen و MAN و Allianz و BASF. وحتى الشركات من الحجم المتوسط رأت في تركيا موقعا جذابا. ولا عجب في ذلك، لأن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لها تقليد عريق: فمنذ 1761 أبرم القيصر فريدريش الكبير اتفاقية تجارة مع السلطان مصطفى الثالث. وبعد مرور مائة عام جلبت تركيا الكثير من التجار الألمان والحرفيين. وما سُمي بـ "بوسفور جيرمان " (Bosporusgermanen) الذين كانت لهم مساهمة كبيرة في توسيع العلاقات التجارية.
وفي المقابل هاجر بعد الحرب العالمية الثانية مئات الآلاف من الأتراك إلى ألمانيا. "وكـ "عمال ضيوف" - كما أطلق عليهم في تلك الفترة - كانت لهم مساهمة كبيرة في المعجزة الاقتصادية الألمانية.
والآن تحل هذه الأزمة. فانهيار العملة المحلية يجعل من تركيا سوقا تمتاز بجاذبية أقل. وبدأ مستثمرون منذ فترة في سحب رؤوس الأموال من بلدان ناشئة مثل تركيا، لأن الولايات المتحدة الأمريكية منذ تحول مستوى الفائدة لدى البنك المركزي هناك تبدو أكثر جاذبية. بيد أن الانهيار السريع لليرة تتم تغذيته بوجه خاص عبر سياسة رئيس الجمهورية التركية. وبإمكان هذا الأخير شتم "الأسواق القبيحة" أو "لوبي الفوائد الدولي" طويلا وتسمية الأمر ووصفه بأنه "حملة أمريكية". فالمبادئ الاقتصادية لا يمكن لأحد تقويضها حتى لو كان ذلك أدوغان.
قضية المعتقد
ولا يخلق ذلك مزيدا من الثقة لدى المستثمرين، إذا ادعى أردوغان "هم لهم الدولار ـ ونحن لنا الله". وبما أن تركيا بالتحديد بلد مرتبط بالتجارة الدولية (عشر الخبراء الأتراك يذهبون إلى ألمانيا ) وجب عليه عدم شتم الدولار واليورو. فهذا تنبعث منه رائحة اليأس عوض استعادة الثقة. وليس ألمانيا وليس الاقتصاد الألماني بوسعهما مساعدة تركيا. فالرئيس وحده بإمكانه فعل هذا. يجب عليه توفير ظروف عامة مستقرة وإعطاء الأمان للشركات والمستثمرين، ولاسيما الأمن القانوني. ويجب عليه احترام استقلالية البنك المركزي وعدم الإملاء أن عليه تخفيض الفوائد للسيطرة على التضخم. فهذا لا يحدث بهذه الطريقة.
وعلى أية حال فإن الشركات الألمانية في تركيا تراقب الوضع عن كتب وتعيد التفكير بالتزامها في عين المكان، ولاسيما الشركات من القطاع المتوسط التي وجب عليها إجراء الحسابات بشكل خاص، إذا ما زاد مثلا سعر المواد الأولية أو الآلات، لأن تجارتها تُدار بالدولار. منتجو النسيج ولوازم الرياضة قد يُجبرون بسرعة على تحويل الإنتاج صوب آسيا. وهذا كله وجب على الرئيس أردوغان أخذه في الحسبان. ولكن هكذا تكون الحال عندما نكون محاطين بمن يؤيد فقط ونزج بالمنتقدين داخل السجن: فهناك نشوة بالأيديولوجية الخاصة ويتم تعويض المنطق الاقتصادي بالإيمان بالله. ليس هناك رفض لما هو مرتبط بالإله، إلا أن ذلك لن ينفع في النهاية في القضايا الاقتصادية.