وجهة نظر: اعتداء على الروح الألمانية
٢٧ أغسطس ٢٠١٦" لقد أصبحنا نخاف كثيرا"، تشتكي صديقتي بينما كنا نتناول طعام الغداء في برلين. بل صار المرء يتوجس من الشخص الجالس على الطاولة المجاورة. صديقتي أمريكية تعيش في برلين. ولم تكن تتحدث عن ألمانيا وإنما عن الوضع في الولايات المتحدة. هناك لم تسمح السلطات بأن يقيم أصدقاؤها في شقتها في نيويورك خلال فترة غيابها. والسبب هو: دواعٍ أمنية.
في ألمانيا لا يمكن تصور مثل هكذا وضع. أو ربما يجب أن أقول: حتى الآن لا يمكن تصوره. حتى اليوم يعتبر الألمان في الخارج قدوة في حسن التعامل والانضباط، رغم الهجمات الإرهابية والاعتداءات الأخيرة، ورغم تحرك كثير من الأتراك المقيمين في ألمانيا دعما لتقييد أردوغان للديمقراطية، ورغم وصول أكثر من مليون لاجئ، ما أعاد إحياء التخوف من الأجانب لدى البعض.
الخوف من التحول إلى ضحية
صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" علقت على استطلاع الرأي الأخير لمعهد ألينسباخ بالقول: "الشعور بالأمان لدى الألمان يتآكل"، محذرة من أن ذلك صار يجد أرضية خصبة لدى الأغلبية الصامتة. أرقام استطلاع ألينسباخ لم تكن مفاجئة. 70 بالمئة من الألمان يتوقعون أن يكونوا ضحية هجوم إرهابي. و16 بالمئة يرون أنفسهم مهددين فعلا. فقط 29 بالمئة يرون أنفسهم آمنين. و77 بالمئة يرون في الإسلاميين الراديكاليين مصدر خطر. في نهاية العقد الماضي كانوا 55 بالمئة فقط. ولكن أغلبية كبيرة لا تريد تغيير أسلوب حياتها بسبب هذه المخاوف، أو تقييد الحريات. هناك أغلبية تريد استمرار تنظيم الفعاليات الكبرى، رغم ارتفاع المخاوف الأمنية.
استطلاع آخر للرأي أجرته مؤسسة "infratest dimap" بتكليف من DW توصل إلى نتائج مشابهة. ورغم أن 60 بالمئة يتوقعون حدوث هجمات إرهابية جديدة، يرى أكثر من النصف أن قدوم المهاجرين إلى ألمانيا هو أمر إيجابي ويتوقعون نتائج إيجابية للمجتمع والاقتصاد. نحن فخورون بهذه الآراء التي تفرق بين الأمور جيدا. ولكن يجب الاعتراف أيضا بأن نصف المواطنين فقط يرون ذلك، أي أن ألمانيا منقسمة. ما يعني أن الخوف ورفض الآخر وصل إلى وسط المجتمع.
نقاش مشحون ومبالغة في ردود الفعل
وضمن استطلاعات الرأي هناك رسالة أخرى غير مطمئنة للمستشارة أنغيلا ميركل، قد تصحب عقبة كبيرة في طريق إعادة انتخابها. هناك أغلبية من الألمان صارت تربط بين تصاعد خطر الإرهاب وحركة اللاجئين. وبهذا يناقض الناس مستشارتهم، التي تقول عكس كلامهم. ولكن ميركل صارت تستوعب مؤخرا هذه التحفظات والتخوفات من الأجانب: أظهرت ذلك في موقفها من ارتداء البرقع في المحاكم والمدارس. وبهذا وضعت خطاً أحمر يشير إلى أن الأمور وصلت إلى أقصى مداها. رسالة واضحة إلى جمهور الناخبين. الأمر نفسه ينطبق على مطالبتها للألمان من أصل تركي بأن يظهروا وفاء لألمانيا وقيمها.
إذن سخونة النقاش السياسي ترتفع تدريجيا. هذا هو بالضبط مناخ المبالغة في ردود الفعل. كما أظهرته رئيس بلدية لوكنفالده في ولاية براندنبورغ، عندما رفضت متدربة بسبب ارتدائها الحجاب.
إذن ليس جميع الألمان منفتحين ومتفهمين كما كان يظهر. والخشية الآن أن يزداد عدد المتخوفين والقلقين.