وجهة نظر: السيسي هو فرعون مصر الجديد
٢٠ أبريل ٢٠١٩اللوحات الإعلانية الضخمة تملئ الشوارع. جميعها تحض الشعب على التصويت بـ"نعم" على التعديلات الدستورية التي تسمح للرئيس بالبقاء في السلطة ثلاث دورات متتالية مدة كل منها ست سنوات. ينص الدستور الحالي على حق الرئيس بالبقاء في سدة الرئاسة دورتين متتاليتين مدة كل منهما أربع سنوات. وقد بارك البرلمان التعديلات المقترحة بأغلبية ساحقة الثلاثاء الماضي.
النتيجة معروفة كما يبدو للكثيرين، مثل صحيفة "الشروق" المصرية. المصريون سيوافقون على التعديلات. اللوحات ومظاهر الترويج للتعديلات يقوم عليها، إما مستفيدون من النظام ممن لا يمكنهم التهرب من تقديم الدعم الدعائي للنظام، حتى وإن لم يطلب منهم النظام ذلك بشكل صريح. أو فئة ثانية من أناس، يعتبرونها مناسبة لاتقاء أي شر محتمل. أما مظاهر الترويج والدعاية ضد التعديلات فلا وجود لها في الشارع.
70 عاماً من الاستبداد
على الرغم من كل ما سبق ذكره فإن الكثير من المصريين بالكاد يبدون أي تأثر؛ إذ أنهم يزدرون الدعاية الصارخة للسيسي عن طريقة الاستهزاء بفرقة "مسار إجباري". الفرقة أطلقت أغنية "انزل وشارك" لتشجيع المصريين على المشاركة والتصويت.
يجري الاستفتاء في أجواء سياسية تبعث على الكآبة: عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين في السجن، اضطهاد وتعذيب لأصحاب الرأي المخالف، ووسائل الإعلام في البلد كلها تسير إلى حد كبير في ركب السلطة. ومن هنا يأتي إحجام شرائح من الشعب عن المشاركة. تلك الشرائح تعتبر مجرد المشاركة تنازل غير مقبول للنظام.
وبناء على ما سبق شرحه، يبدو أن "نعم" على التعديلات ستكون هي الفائزة. الكثير من المصريين محبطون. تحكم البلاد بطريقة استبدادية منذ ما يقارب السبعين عاماً، أي منذ انقلاب ما يسمى "الضباط الأحرار" لعام 1952. الدولة مصممة، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، على أن يكون جهاز القمع التابع لها هو الأداة الفعالة في إبقاء أي إيمان بأي منظومة أخرى، صغيراً قدر الإمكان.
إرجاع العفريت إلى القمقم
من الواضح أن جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك وعبد الفتاح السيسي كلهم مستبدون، إذ أن كل منهم قد ساهم بدوره في ترسيخ الاستبداد. يطلق بسخرية على الأربعة في مصر لقب "الفراعنة". هجماتهم على التفاؤل السياسي كانت ناجحة وحققت مبتغاها، القضاء على أي إيمان بالتغيير، الذي بانت ملامحه في بداية الألفية ووصل ذروته في عام 2011 في ما يسمى بـ"الربيع العربي". في ظل حكم السيسي تحول ذلك الإيمان بالتغيير إلى استسلام للقدر. محاكمات جماعية لمعارضين من مختلف المشارب والمنابت، وتعامل فض مع المنافسين للسيسي في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، والذي أجبرهم على سحب ترشيحهم. كل ذلك وسائل لإعادة العفريت إلى القمقم، ووأد ليس الثورة فقط، بل أي شكل من بالإصلاح.
ما تبقى هو مفارقة: الدعم الشعبي المزعوم للتعديلات، التي تجعل قبضة السيسي على الحكم أكثر قوة، وهي قوية بما فيه الكفاية الآن، لن تعود بالخير لا على البلاد ولا على ثقافتها السياسية. نظام استبدادي، كما يبدو ، سيزداد استبداداً في عطلة نهاية الأسبوع هذه.
كيرستن كنب