وجهة نظر: تصاعد الكراهية في قلب ألمانيا
٢٠ فبراير ٢٠٢٠والآن يحصل ذلك في هاناو، فللمرة الثالثة في غضون شهور قليلة تفجرت الكراهية والحماقة لتشق طريقها في ألمانيا. فبعد اغتيال السياسي المحافظ فالتر لوبكه في يونيو/ حزيران من العام الماضي 2019 أمام بيته بسبب التزامه لصالح اللاجئين ودعمه لهم، كانت بوابة الكنيس الثابتة في مدينة هاله وحدها التي منعت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي متطرفا يمينيا من التسبب في حمام دم داخل المعبد المليء بالناس. والآن قتل رجل في هاناو بالقرب من فرانكفورت عشرة أشخاص. وفي شريط فيديو روج الرجل قبلها للعنصرية ونظريات المؤامرة قبل أن يقتل ضيوفا في مقهيين للشيشة ووالدته.
أرض خصبة لقتلة وسط المجتمع
هؤلاء الجناة تجمع بينهم كراهية كل ما لا ينسجم مع تفسيرهم القومي العنصري لألمانيا. سيان أكانوا على تواصل بينهم على الانترنت أو على تواصل مع أشخاص يمينيين متطرفين أو مجموعات أم لا: ألمانيا يجب عليها أن تُقر بأن تصعيد الكراهية وصل إلى قلب البلاد. السياسيون وكذلك المجتمع المدني يجب عليهم مجابهة حقيقة أن الأرض الخصبة لهؤلاء القتلة هي الإديولوجيات العنصرية والمعادية للنساء واليمينية المتطرفة التي تلقى من جديد الإقبال في كثير من الدوائر.
هذه الجرائم لا يمكن النظر إليها كجنح منفصلة عن بعضها البعض. وبغض النظر عما إذا كان هذا العنف المُحتقر للبشر يتم توجيهه ضد سياسيين منفتحين على العالم أو ضد يهود أو مسلمين، فهو تعبير عما يمكن أن ينتعش مرة أخرى في الأجواء الاجتماعية لألمانيا. وهو نداء يقظة مروع يستوجب منا التحقق فيما إذا كانت الدولة لا تزال تملك الوسائل الصحيحة للوفاء بمهمتها السيادية المتمثلة في حماية الأمن الفردي للمواطنات والمواطنين، وذلك حسبما ينص عليه دستورنا ـ أي بغض النظر عن الأصل والدين أو الجنس.
الكراهية والحماقة في الشبكة تأتي بالموت
ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل تجفيف فقاعة الكراهية والحماقة في الشبكة؟ فالأخيرة ليست مجالا افتراضيا لنفوس ضعيفة ومشوشة يمكنها التحرك تحت حماية حرية الاستعلام كيفما يحلو لها. هاناو دليل إضافي على أن الفتنة لا تخلو من عواقب، بل تجلب الموت.
والسياسة يجب عليها أن ترد بوضوح وسرعة ليس بالكلمات فقط. وفيما عدا ذلك سينقلب الوضع يوما ما ويصبح في النهاية كل شيء عرضة للمساومة فيما يتعلق بدولة القانون والحريات الفردية التي تضمنها. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل انتقت كلمات واضحة بهذا الخصوص: صحيح أن "العنصرية سم"، لكن التشخيص وحده لا يكفي. الجواب يجب أن يكون حملة مكافحة ضد جميع الإيديولوجيات التي تحتقر البشر! وضد نشرها في الشبكة. وهذه المسؤولية لا يمكن تركها فقط على كاهل فيسبوك أو تويتر أو شركات كبرى أخرى.
إنيس بول