وجهة نظر: سوريا، اللاجئون والجانب الآخر لسياسة الهجرة
٦ يوليو ٢٠١٨عمليات قصف واسعة وهجمات على مستشفيات ومدارس: نظام الأسد يراهن في هجومه على محافظة درعا على آلة موته الموجهة ضد السكان المحليين. وذلك ليس لأن هؤلاء يتكونون من معارضين مسلحين. فسوء حظ غالبية الناس ببساطة هو أنهم يعيشون في منطقة تمكن فيها المعارضون إلى حد الآن من الصمود. ولذلك فإن أسلوب الأسد هو شن هجمات مباشرة على المدنيين وإخضاعهم للضغط حتى يدفعوا المعارضين إلى التنازل. لكن معارضي النظام لا يمكن لهم الاستسلام، لأن ذلك يعني بالنسبة إليهم التوقيع على حكم موتهم، لأن النظام نادرا ما يتخذ سجناء، فهو يفضل قتلهم، أكان ذلك مباشرة أم بعد تعذيبهم.
ومع درعا تكون المعركة قد استهدفت المدينة التي انطلقت منها الانتفاضة في سوريا قبل أكثر من سبع سنوات. واسترجاع هذه المدينة بالذات تحت السيطرة سيكون انتصارا مميزا للنظام. وبسقوط درعا ستكون الثورة برمتها قد تلقت ضربة، وسيكون "الإرهابيون"، كما يسمي الأسد معارضيه قد انهزموا نهائيا. "الإرهابيون" ـ هم بوجه خاص في درعا ما تبقى من أولئك الذين رفعوا طلباتهم في 2011، وضغطوا لنيل الديمقراطية والحريات السياسية. وبعضهم طالب أيضا بسقوط النظام.
حلم الأسد المهيمن
السلوك العنيف ضد المعارضين يكشف نوعية النظام السياسي الذي يتطلع له الأسد بالنسبة إلى مستقبل سوريا: سيطرة كاملة لا توجد فيها معارضة. وبالنسبة إلى الكثيرين من السوريين الذين فروا إلى الخارج لن يوجد لهم مكان في هذه الدكتاتورية. "والقانون رقم 10" المنشور مؤخرا الذي يشمل نزع الملكية بشكل واسع يكشف أين تسير الرحلة بالنسبة إلى الكثير منهم: بكل حال ليس العودة إلى سوريا. فالناس الذين فروا من النظام لم يعد يعترف بهم كمواطنيه وسيسلبهم أملاكهم. فالدولة السورية هي مستقبلا ملكية خاصة لقيادتها.
إلى أين مع اللاجئين الجدد؟
وبالتالي يبقى مجهولا مصير السوريين الذين يصل عددهم حتى 270.000 الذين فروا من المعارك حول درعا ويحتشدون حاليا على الحدود مع الأردن وإسرائيل. فهم يأملون على الأقل هناك أن لا يصبحوا هدفا لمروحيات النظام وبراميله المتفجرة.
وفي أوروبا يُنظر بقلق إلى هذا التطور. كيف يجب التعامل مع موجة لاجئين جدد؟ ونظرا للناس الكثيرين الذين قدموا منذ 2015 إلى أوروبا، فإن سكان الاتحاد الأوروبي انتابهم قلق كبير. فالأحزاب الشعبوية اليمينية تزدهر في جميع البلدان تقريبا، متحدة في رفض استقبال مهاجرين إضافيين. ولا يمكن ترقب وقف زيادتهم، بل العكس.
سياسة اللجوء الحالية ـ خطأ؟
سخاء السنوات الماضية كان موجودا لا سيما بسبب حاجة اللاجئين السوريين الذين وجب مساعدتهم بسرعة وبدون تعقيد. وهذا السخاء انتشر صيته بسرعة على مستوى العالم ـ وتسبب في حركات هجرة في مناطق بعيدة عن سوريا وتسود فيها ظروف أخرى. ألمانيا والاتحاد الأوروبي لم يجدا القوة للتمييز بين لاجئي الحرب ومهاجري الفقر: ودخل كل من تمكن من العبور.
وهذا عمل على إضعاف الاستعداد لاستقبال أشخاص إضافيين في ألمانيا والاتحاد الأوروبي ـ مع نتيجة أن من هم في أمس الحاجة إلى الحماية يواجهون في الأثناء أكبر العقبات.
الاضطرار للتمييز
ألمانيا بوجه خاص جابهت باستعدادها العام للاستقبال خطرا عاليا تمثلت انعكاساته السياسية في دخول حزب البديل من أجل ألمانيا كأقوى حزب معارض البرلمان الألماني. والعواقب الاجتماعية لهذه السياسة بدأت في المقابل تظهر ببطيء، هل كان ذلك سخاء، أم يجدر بنا القول" غفلة"؟ تُوجه ضد أولئك الذين يحتاجون أكثر إلى المساعدة. أشخاص واجهوا في وطنهم خطر الموت يجب علينا مساعدتهم حتى من خلال ترخيص بالسفر. الحراك السياسي في ألمانيا وأوروبا يوحي بالاستنتاج أنه يجب تحديد السخاء تجاه الآخرين الذين عرضوا أنفسهم للخطر من خلال الهرب.
كرستن كنيب