وجهة نظر: ضربة ترامب للأسد قد تعود سلبا على القانون الدولي
١٤ أبريل ٢٠١٧منذ سنوات ونظام الأسد يرتكب أفظع جرائم الحرب بحق شعبه: إلقاء البراميل المتفجرة، والتعذيب في أقبية المعتقلات، والاشتباه في القيام بضربات كيميائية. ومن الصعب تحمّل فكرة بقائه في السلطة بعد مرور أكثر من ست سنوات على أعمال العنف الفاضحة هذه.
غير أن الأكثر إحباطاً من ذلك هو أن التعامل مع تلك الانتهاكات لايتم بالوسائل التي يتيحها القانون الدولي، كما فعل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من خلال ضربته الصاروخية لقاعدة الشعيرات الجوية السورية. ويعتبر أغلب الخبراء في القانون الدولي أن تلك الضربة كانت عبارة عن انتهاك للقانون الدولي. قد يمكن تفهم سبب الضربة من الناحية الأخلاقية، بيّد أنها لا تحظى بتغطية من القانون الدولي.
ولكن يبقى السؤال: ما فائدة القانون الدولي إن لم يستطع منع حاكم من ارتكاب جرائم بحق شعبه؟ ألا يفتح، القانون الدولي بذلك الطريق للاستغلال الفظيع له؟ أو هل يعمل القانون الدولي حتّى على التغطية على تلك الجرائم؟
عيوب القانون الدولي
تكمن مشكلة القانون الدولي، وكأي قانون آخر، في النواقص الجوهرية التي تعتريه، تلك النواقص التي لا يمكن التخلص منها. القانون الدولي جاء نتيجة تسويات قانونية على المستوى الدولي، ويخضع القانون الدولي على الدوام للكثير من المداولات والتفاهمات الجديدة. ومن هنا فهو يستند على مواقف الاتفاق بين كل من شارك في عملية التفاوض عند إقرارها. وهذا يعني، أيضاً، أن القانون الدولي يحتوي على رؤى مختلفة، ومتناقضة لحد ما. "وبذلك أصبح لدينا شبكة معيارية من القوانين، تكون في بعض المواضيع قوية بشكل كبير وتحتوي في أخرى على ثغرات كبيرة"، بهذه الكلمات تصف أنغليكا نوس بيرقر، المختصة القانونية في "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" في ستراسبورغ، معضلة القانون الدولي.
وعلى الرغم من كل نقاط ضعفه التي لا يمكن التخلص منها، فقد قدم القانون الدولي وفعل الكثير. فبغض النظر عن الاستثناءات المؤلمة فقد ساهم وبشكل رئيسي بالتغلب على قانون الغاب. وفي تلك الحالات تم التوصل لتوافق عام ينظم النزاعات حسب قواعد قانونية مشتركة. معظم الدول تلتزم بتلك التوافقات. غير أن بعضهم يمكناعتبارهم مستهترين بالقانون الدولي. ونظام الأسد واحد من أولئك، الذين لا يولون أي اعتبار للقانون الدولي.
خرق المعايير القانونية
على أي حال قد يكون من الأصح لو تم الحفاظ على معايير القانون الدولي؛ فضربة ترامب لم تكن على مستوى الانتهاكات التي يقوم بها الأسد يوميا. إذ أن ترامب انتهك المعايير الدولية وخرق القانون الدولي من داخله: فهو لم يكن بموضع الدفاع عن النفس، ولم يكن لديه كذلك تفويض من الأمم المتحدة. ندرك مدى خطورة هذا الخرق للقانون الدولي من سوابق حدثت في السنوات القليلة الماضية. فلم يحظَ كل من التدخل الأميركي في العراقي 2003 وضم روسيا للقرم عام 2014 بتغطية القانون الدولي. التدخل الأميركي والضم الروسي للقرم تعبران عن شريعة الغاب عندما يتم تجاهل القانون الدولي. كما إن كل الاعتذارات والتبريرات، كما تبين في في العراق والقرم، تشكل فقط محاولة لإعادة العمل بشريعة الغاب المنتهجة في ماضي الزمن. وإذا سادت شريعة الغاب مجدداً، فسيعني ذلك أن المجتمع الدولي يقوم بحفر قبره بيديه.
القانون الدولي ليس بحثاً علمياً عن عالم مثالي. بل على العكس، فهو محاولة لجعل الواقع البعيد عن المثالية أكثر وقاية استقراراً. وإذا تخلينا عن هذا المسعى، فستصبح بربرية الأسد فاتحة لجرائم بربرية أخرى على المستوى العالمي. وحتى اليوم تمكن القانون الدولي من منع حدوثها.
كيرستن كنب/ خ. س