وجهة نظر: لنقف ضد كراهية اليهود!
١٧ فبراير ٢٠١٥أصبح الإرهاب الإسلاموي مصدراً للرعب في أوروبا بأكملها، بدءاً بفرنسا في مطلع هذا العام، ومن ثم الدنمارك، والجميع يتساءلون عن الهدف القادم للإرهابيين. حقيقة أنهم سيهاجمون مجدداً لا ينكرها أحد. لكن الخوف من الخطر ومن الإرهاب لم يقض على الحكمة السياسية أو يكبتها. أوروبا تبيّن أنها عازمة على عدم الاستسلام والتخلي عن قيّمها. أوروبا مصرة على التمسك بقيّم وحقيقة المجتمع الحر المنفتح الذي يدافع بكل حزم عن حق التعبير عن الرأي بحرية ضد من نصّبوا أنفسهم أنبياء في نظام دولة دينية منغلق على نفسه.
الإرهاب يستهدفنا جميعاً، ويستهدف بشكل خاص اليهود في أوروبا. فقد استهدف بشكل متعمد متجراً يهودياً في باريس في شهر يناير/ كانون الثاني، واستهدف يهوداً في كنيس لهم بكوبنهاغن. كما أنه استهدف – بشكل مخجل – مقابر لليهود في أنحاء أوروبا، خاصة في فرنسا منذ سنوات. وهذا ما حصل خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية.
ولأن الكثيرين لم يعودوا يلتفتوا إلى مثل هذه الأحداث الصغيرة، من المهم التأكيد على أن هناك من يقلق راحة الموتى ويسيء إلى مشاعر أشخاص وعائلات وأقارب وأصدقاء. هنا يتم تشويه الذكريات، وهو أمر مقزز، بغض النظر عن كون مرتكبيه من اليمين المتطرف أو إسلامويين.
لقد آن الأوان لأوروبا أن تتذكر بأن ليس لها تركة يهودية وحسب، بل وحاضراً يهودياً أيضاً. فمن ضمن الماضي اليهودي – إلى جانب أعلام في الحياة العلمية والثقافية الأوروبية من أمثال ألبرت آينشتاين وموشيه مندلسون – هناك أيضاً معاداة السامية القاتلة، التي استمرت لأكثر من ألف عام على القارة القديمة، سواء في إنجلترا وفرنسا إبان الحملات الصليبية، أو في إسبانيا، التي شهدت أول عملية تهجير كبرى لليهود عام 1492، وانتهاءاً بالهولوكوست الذي تعرض له يهود أوروبا على يد الألمان.
التزام أوروبي
إن تاريخ اليهود في أوروبا مرتبط بالملاحقة والتمييز والنبذ المجتمعي والقتل. لذلك، يجب على الأوروبيين اليوم الدفاع عن اليهود إذا ما أرادوا وقف استمرار هجرتهم من هذه القارة. ففي عام واحد، هاجر 30 ألف من أصل نحو مليوني يهودي في أوروبا إلى إسرائيل. لكن دون علم وضجة، يترك الكثير منهم أوروبا ويهاجرون إلى كندا أو الولايات المتحدة، وفي ذلك علامات تحذير.
أوروبا ستبقى عقلانية، حتى في مواجهة الإرهاب الإسلاموي. فلا يوجد أي تغيير يذكر للقوانين، كما لم تنتشر الهستيريا، ولم يشل الخوف من خطر خفي المجتمعات حتى الآن. لكن يجب على أوروبا والأوروبيين الانخراط بحزم في مواجهة كره اليهود. يجب عليهم في دولهم ومجتمعاتهم إعطاء اليهود شعوراً طبيعياً بأنهم يقفون إلى جانبهم. إنها فضيحة فعلاً أن يتعود الكثيرون على تقبل حماية الشرطة للحضانات والمدارس والكنس اليهودية.
كما أن من الأكثر إثارة للقلق، أن ما يسمى بانتقاد إسرائيل (مثلما حصل إبان حرب غزة) كثيراً ما يخبئ معاداة مبطّنة للسامية. لكن على أوروبا والأوروبيين جميعاً أن يقفوا متحدين ضد كره اليهود المتفشي، ليس فقط في المظاهرات والاحتجاجات، بل وفي الحياة اليومية أيضاً.
الكتاب المقدس يقول: "لا تقف تنظر إلى دم جارك". يجب علينا ألا نسكت، بل التحرك ضد ذلك بصوت مرتفع.