وحدة العراق ليست مقدسة
١٧ يناير ٢٠١٣من قال ان الكردي يجب أن يبقى داخل حدود العراق قسرا ؟
من يحق له ان يجبر ابن الغربية السني على البقاء في كيان يرى نفسه فيه مغبونا ومهمشا ؟
ومن كلّف الشيعي بمهمة حراسة وحدة قسرية لعراق لم يرسمه الله بل سايكس - بيكو ليبقى مفخخا دائما متنقلا بين دكتاتورية طائفية - شوفينية ، وفوضى وفلتان تحت يافطة بدعة "الديمقراطية التوافقية " التي ما جاءت بها علوم سياسة ولا حكمة عاقل . توافقية متفجرة أهم معالمها تمزّق وصراع واتهامات متبادلة وغياب ثقة وانقسامات حقيقة رغم التغني بالنظام الفدرالي الغائب تماما .
عندما يجبر اثنان على الزواج قسرا لإرضاء أهل أو التستر على فضيحة أو تحقيق مصلحة لآخرين ويدرك الزوجان ان انسجامهما مستحيل ، يصبح أمامهما خياران :البقاء معا وتحمّل العراك والمشاكل المتواصلة ونشوء أطفال في جو مشحون يملأهما بالعقد النفسية ، وقد يضطران الى انفصال قاس بعد ان يستنزفا عمرهما وأعصابهما، أو أن يتفاهما على الانفصال بشكل حضاري فيجنبان الأبناء مع الكثير من المعاناة وقد يبقيان على صلة إنسانية وتعاون من اجلهما وأطفالهما . نفس الشيء ينطبق على وحدتنا القسرية التي تحدث عنها بمرارة الملك فيصل الأول محددا أنها لا يمكن أن تستمر .
في شبابنا شتمناه على رأيه واليوم نقول : رحمك الله كم كنت مصيبا.
لنتعظ من تعامل العرب مع القضية الفلسطينية : لم يرضوا بحدود 48 فظلوا يعيشون الشعارات والحروب ليفقدوا فلسطين كلها قطعة قطعة وهم اليوم يتوسلون إسرائيل لتمنحهم شريطا صغيرا يسمونه فلسطين . و"من جرب المجرب حلّت به الندامة".
لنكن أكثر واقعية ونعامل بمنطق العقل، لا بالعواطف. عشر سنوات كانت كافية لندرك أن الإمساك بالمعروف مستحيل ، ولم يبق إلا التسريح بإحسان بدل أن نريق دماء هي أكثر قدسية من الأرض ، ونستنزف ثروات وجهودا الأفضل أن توجه لانتشال الإنسان العراقي مما هو فيه من تخلف ودمار .
من يرفع مطالب تعجيزية مدفوعا من قطر وتركيا إنما يقول صراحة : أريد الانفصال . ومن يتصرف وكأنه دولة مستقلة فيستخرج النفط ويبيعه إلى تركيا ليملأ خزينة حاكمه وليس شعبه فليستقل رسميا ويكون في مواجهة ناسه .
لنتحلى بالشجاعة ونحسم خياراتنا: نبقى معا ملتزمين بشروط البقاء، أو ننفصل بإحسان ونعيش بأمن وسلام، فالإنسان ودمه هو المقدس وليس التراب.
نشر في الصباح الجديد في 9\1\2013 ويعاد نشره على موقعنا بإذن كاتبه