وضع المحكمة الدستورية.. أزمة سياسية جديدة في تونس؟
٥ أبريل ٢٠٢١المحكمة الدستورية في تونس التي كان يفترض تأسيسها في أجل عام من صدور دستور تونس الجديد عام 2014، تأخر وضعها لسنوات بسبب الفشل في انتخاب ثلث أعضائها من قبل البرلمان، إذ لم يحصل إلا مرشح واحد من بين الأربعة على أغلبية الثلثين.
وتتكون المحكمة من 12 عضوا حيث يعين الرئيس من بينهم أربعة ويختار المجلس الأعلى للقضاء الأربعة الباقين عطفا على الأربعة الذين يختارهم البرلمان. وتسبب غياب المحكمة في عدة مآزق قانونية ودستورية آخرها التعديل الحكومي المعطل منذ كانون الثاني/ يناير الماضي بسبب القراءات المتباينة للدستور بين الرئيس والبرلمان.
ويتضمن القانون المعدل الذي تقدم به البرلمان تخفيض الأغلبية المطلوبة لتزكية المرشحين للمحكمة الدستورية، من أغلبية الثلثين الى أغلبية ثلاثة أخماس. ولكن الرئيس قيس سعيّد، وفي رده للقانون على البرلمان من أجل قراءة ثانية، يرى أن تأسيس المحكمة بعد حوالي ست سنوات يعد خرقا للدستور الذي حدد مهلة بسنة واحدة فقط.
وتتطلب القراءة الثانية في البرلمان حصول القانون على أغلبية معززة بثلاثة أخماس عدد النواب الـ217، غير أن هذا قد لا يكون كافيا لإمضاء الرئيس على القانون لأنه يعترض على تأسيس المحكمة برمتها بسبب خرق الآجال.
وجاء في رد الرئيس سعيّد، وهو أستاذ قانون دستوري متقاعد في رسالته إلى البرلمان، "أن المجلس النيابي (البرلمان) بمثل هذا الموقف وضع نفسه في موقف دستوري مستحيل". وحتى يتجاوز البرلمان عقبة الآجال فهو يحتاج نظريا إلى تعديل النص المحدد لتلك الآجال في الدستور، ولكن مثل هذا التعديل يستوجب رأي المحكمة الدستورية التي لم يستكمل وضعها بعد، ما يعني الاصطدام بمأزق دستوري.
ولم تعلق رئاسة البرلمان على رسالة الرئيس سعيّد في وقت يستعد فيه البرلمان لجلسة عامة يوم الخميس المقبل ستخصص لانتخاب باقي الأعضاء الثلاثة للمحكمة الدستورية. ودعت حركة النهضة الإسلامية، الحزب الأكبر في البرلمان، في بيان صحفي اليوم الاثنين (الخامس من أبريل/ نيسان 2021)، إلى المضي قدما في انتخاب الأعضاء الثلاثة "وبذل الجهد الأوسع في تحقيق التوافق مع بقية الكتل لبلوغ الهدف المنشود".
وتمثل أزمة المحكمة الدستورية أحدث حلقات التوتر المستمر بين الرئيس والبرلمان منذ نحو العام، وتعتمد تونس منذ 2014 نظاما برلمانيا معدلا تسند فيه للرئيس صلاحيات مقيدة. وألمح الرئيس قيس سعيّد في الكثير من خطاباته إلى رغبته في تعديل النظام السياسي بإقرار النظام الرئاسي لكن هذه الخطوة تستوجب أولا وضع المحكمة الدستورية.
ع.ش/أ.ح (د ب أ)