وفاة رضيع في مركز لاجئين في هولندا تكشف هشاشة نظام الاستقبال
٢ سبتمبر ٢٠٢٢في صالة رياضية في تير أبيل شرقي هولندا تستضيف مهاجرين، توفي رضيع يبلغ من العمر ثلاثة أشهر في ظروف مازالت غير واضحة حتى الآن. السلطات المحلية باشرت بالتحقيق بالموضوع، دون الإفصاح عن أي تفاصيل إضافية، سواء لناحية اسم أو جنس أو جنسية الرضيع، أو تلميحات إلى سبب الوفاة الحقيقي.
وزارة العدل الهولندية أعلنت في بيان مساء الأربعاء 24 آب/أغسطس "في الوقت الحالي لا يعرف الكثير عن أسباب وفاة الطفل، لكن الإسعافات الأولية التي قدمت له لم تعده إلى الحياة".
ولم تبرز تطورات جديدة حول وفاة الرضيع في مركز الاستقبال الهولندي في تير أبيل حتى الآن، لكن الجديد في الملف هو إخلاء السلطات للمئات من المهاجرين وطالبي اللجوء الذين كانوا يقيمون خارج المركز في العراء، نتيجة عدم وجود أماكن إضافية لهم في الداخل، وعجز السلطات عن تأمين مراكز إيواء لهم.
وتأتي هذه المأساة في ظل اضطراب يسود نظام الاستقبال الهولندي منذ عام، تحديدا بسبب نقص المنشآت المخصصة لاستقبال واستيعاب طالبي اللجوء القادمين بمعظمهم من سوريا وأفغانستان ودول أفريقية، التي وفقا لمراقبين بدأت بالظهور بعد توافد اللاجئين الأوكرانيين على البلاد.
بالعودة لمركز تير أبيل لاستقبال طالبي اللجوء، وهو المركز الرئيسي الخاص بهذه العملية في البلاد. عند تجهيزه، كان من المقرر أن يستوعب ألفي شخص كحد أقصى، لكن منذ عدة أسابيع، يواجه المركز صعوبات كبيرة متعلقة بارتفاع أعداد طالبي اللجوء الذين من المفترض أن يستفيدوا من خدماته.
في الأيام القليلة الماضية، وصل المئات من الهاجرين إلى أبواب تير أبيل أملا بالحصول على مكان للمبيت. لكن بسبب الاكتظاظ لم يتمكنوا من ذلك، ما أدى إلى بقاء أكثر من 700 شخص في الشارع، قبالة المركز، ينامون في خيام في ظروف إنسانية صعبة للغاية.
"موريا" في هولندا
ناشطون نشروا صورا وفيديوهات من أمام تير أبيل أظهرت فداحة الموقف هناك. مراحيض عمومية معطلة ومغطاة بالفضلات، النفايات منتشرة بين الخيام... الصور أحدثت ردود فعل غاضبة، ما استدعى تدخل السلطات لاحقا لزيادة الخدمات المحيطة بالمركز، والتي من المفترض أن يستفيد منها المقيمون خارجه.
أمام هذا الواقع، أعلنت أطباء بلا حدود الخميس 25 آب/أغسطس عن بدئها العمل في موقع "المخيم"، الذي قارنته بمخيم موريا اليوناني الشهير من حيث الظروف الحياتية والخدماتية.
وسائل إعلام محلية أوردت أن بين هؤلاء المهاجرين "نساء حوامل وأطفال وأشخاص مصابون بأمراض مزمنة مثل السكري". وأضافت أن فرق أطباء بلا حدود تحدثت "مع أشخاص لم يتمكنوا من الاستحمام منذ قرابة الأسبوع، بعضهم بات يعاني من أمراض جلدية بسبب انعدام النظافة...".
إضافة إلى المنظمة الإنسانية الدولية، تتواجد فرق تابعة للصليب الأحمر بالقرب من المخيم، حيث تم إنشاء عيادة متنقلة مطلع الشهر الجاري لمعالجة الجروح والالتهابات الجلدية. رئيسة الصليب الأحمر الهولندي هيلين فان دن بيرغ، وخلال مقابلة على إذاعة محلية، رحبت بالدور الذي تلعبه أطباء بلا حدود، لكنها في المقابل حثت السلطات على إيجاد الحلول السريعة والمستدامة قبل فصل الأمطار، حيث لن تتمكن خيام طالبي اللجوء من الصمود.
انتقادات للحكومة
بدوره، وردا على ذلك الوضع أمام تير أبيل، أطلق مجلس اللاجئين الهولندي سلسلة إجراءات موجهة ضد الحكومة والوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء، من بينها دعاوى قضائية بهذا الخصوص.
وعلى موقعه على الإنترنت، نشر المجلس بيانا صحفيا بشأن الظروف المعيشية التي يمر بها المهاجرون والمطالب الواجب تحقيقها خلال فترة زمنية محددة. البيان طالب بحصول المهاجرين "على مياه الشرب ليلا ونهارا والحصول على الرعاية الصحية اللازمة ودرجة معينة من الخصوصية بفضل غرفة مغلقة للعائلات أو مجموعات تصل إلى ستة أشخاص، وإمكانية استخدام جميع طالبي اللجوء للحمامات والمراحيض، وتأمين ما يكفي من وجبات الطعام للجميع...".
وأعاد المجلس أسباب الأزمة الحالية التي "كان من الممكن تفاديها" إلى "خيارات سياسية"، مؤكدا أنه "بسبب تقليص دائرة الهجرة والتجنيس وإغلاق عدة مراكز استقبال، بات نظام اللجوء مأزوما منذ سنوات".
في نهاية تموز/يوليو الماضي، أعلن وزير الدولة الهولندي لشؤون اللجوء إريك فان دير بورغ، عن خطط لإيواء المهاجرين على متن سفن سياحية. المقترح كان متعلقا بثلاث سفن كبيرة ترسو في موانئ محددة، تصبح هي مراكز استقبال لطالبي اللجوء.
هذا المخطط تعرض لانتقادات حادة من أطراف متعددة، منها مفوضية اللاجئين التي قالت إن من شأن وضع هؤلاء على متن السفن، "سيصبحون خارج المجتمع، وبالتالي مقيدي الحركة"، ويمكن أن ينجم عن ذلك الكثير من الأزمات غير المسبوقة.