وقف المساعدات الغربية لمصر - ورقة ضغط أم عامل تصعيد؟
٢١ أغسطس ٢٠١٣كان من المفترض أن يقضي وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في شهر آب/ أغسطس عطلتهم الصيفية السنوية كما جرت العادة في السنوات السابقة. بيد أن الوضع المصري فرض نفسه بقوة في صيف هذا العام على الأجندة الأوروبية قبل العربية.
ومن المؤكد أن النواب الأوروبيين أدركوا أنهم سيعودون قريباً إلى مكاتبهم فور انعقاد اللقاء الاستثنائي بين جوزيه مانويل باروزو، رئيس المفوضية الأوروبية، وهيرمان فان رومبوي، رئيس المجلس الأوروبي، على خلفية الأحداث الدامية التي شهدتها مصر، إثر فض الجيش لاعتصامات مؤيدي تحالف الشرعية بقيادة جماعة الإخوان المسلمين للمطالبة بإعادة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى منصبه.
وفي بيان رسمي مشترك لباروزو ورومبوي، أكد الجانبان على أن الاتحاد الأوروبي سيعيد "مراجعة علاقاته بمصر في الأيام القادمة".
اجتماع استثنائي
وفي اجتماع اسثنائي عقد الأربعاء (21 آب/ أغسطس 2013) كان الغرض منه التوصل إلى موقف أوروبي موحد تجاه الأحداث في مصر، قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي تعليق تراخيص تصدير التجهيزات الأمنية والأسلحة إلى مصر. أما بخصوص المساعدات، فقد ارتأى المسؤولون إعادة تقييمها رداً على تصاعد أعمال العنف التي أودت بحياة مئات الاشخاص منذ أسبوع.
وكرد فعل على التدخل العنيف للجيش لفض الاعتصامات، صرحت مجموعة من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا والدنمارك أنها ستوقف مساعداتها لمصر، وهي مبالغ ضخمة تقدر بملايين الدولارات. أما على المستوى الأوروبي، فقد جرت مناقشات حول مسألة تعليق مساعدات بقيمة خمسة مليارات يورو، تمّ الاتفاق حولها بين أوروبا ومصر العام الماضي في مجال الأمن والدفاع.
ويقول جوزيف جانينغ، الخبير السياسي في الشؤون الأوربية، في حديث مع DW عربية: "ليس من السهل بالنسبة لوزراء الخارجية الأوروبيين الحسم في هذه القضية. فمن جهة سيؤدي توقيف المساعدات إلى إلحاق ضرر بالبنية الاجتماعية والاقتصادية، التي هي أصلاً في تدهور مستمر. ومن جهة أخرى، لا يمكن للأوروبيين التصرف وكأن شيئاً لم يحدث".
أوروبا في عنق الزجاجة
وكلما أصر الاتحاد الأوروبي على الضغط بورقة وقف المساعدات، كلّما بدت هذه الوسيلة فارغة وغير مجدية، مع العلم أن الدول الأوروبية من أكثر الدول المانحة للمساعدات لمصر، في الوقت الذي تمد فيه الولايات المتحدة الأمريكية القاهرة بـ1.3 مليار دولار أمريكي، بعد أن وقعت الأخيرة عام 1979 على اتفاقية كامب ديفيد مع الجانب الإسرائيلي.
وبعد كلمة العاهل السعودي، الذي وعد بدعم مصر وبتعويض العرب للمساعدات الغربية بما قيمته تسعة مليارات دولار، بدت مصر وكأنها لم تعد بحاجة إلى الغرب، طالما طُرحت أمامها خيارات أخرى.
من يدعم الغرب؟
بدوره، يراقب العالم العربي والإسلامي عن كتب مواقف العالم تجاه ما يحدث في مصر. وكانت الولايات المتحدة وأوروبا قد سعتا قبل فض الاعتصام إلى البحث عن سبل للتسوية بين طرفي الأزمة. واتجه كل من ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد كاثرين آشتون ووزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله ونائب وزير الخارجية الأمريكي وليام بيرنز إلى مصر. لكنهم جميعاً أدركوا منذ اللقاءات التشاورية الأولى أنهم كأجانب مرحب بهم لكن لا شيء أكثر من ذلك.
بعدها، أظهر الرجل القوي في البلاد، الفريق أول عبد الفتاح السيسي قائد القوات المسلحة، أن زمن الدبلوماسية قد ولى. ويقول جوزيف جانينغ في هذا الصدد إن "الحكومة الانتقالية في مصر عبرت عن خيبة أملها بسبب الانتقادات الأوروبية للنهج الرسمي"، فيما شعر الإخوان المسلمون "بالشيء ذاته، لكون الأوروبيين لم يمنعوا الجيش من الانقلاب وعزل الرئيس مرسي".
وبغض النظر عن القرار الأوروبي حول مصير المساعدات، إلا أن الأوروبيين أكدوا في أكثر من مناسبة أنهم سيواصلون جهودهم الدبلوماسية من أجل حل الأزمة بمصر. ويراهن بيرناردينو ليون على القوى الديمقراطية في البلاد، موضحاً أنها "لا تزال موجودة وهي التي سنبحث عنها وسنحاول العمل معها بجدية. ويجب أن لا ننسى أن مصر حليف أساسي، بل وهو أقوى حليف في منطقة البحر الأبيض المتوسط".