مجلة "ﮊن" خطاب من النساء إلى النساء
٩ أبريل ٢٠١٥تضع مجموعة من الصحفيات الكرديات في غرفة للتحرير في مدينة السليمانية شمال العراق، اللمسات الأخيرة على العدد الجديد من مجلة "ﮊن"، حيث يبحثن عن أفضل الصور التي تناسب المقالات المتنوعة. المحررتان "كورال نوري" و "آلاء لطيف" تناقشان فحوى المقالات، في حين تقوم "طافان" بتحرير تقارير عن عالم الأزياء ومستحضرات التجميل.
ويعتبر هذا العدد هو الثالث من مجلة "ﮊن"، التي تهتم بمختلف الموضوعات، التي تشغل المرأة الكردية. ومن المقرر أن يشمل هذا العدد أيضا جزءاً خاصا عن حفلات الزفاف. ومع كل عدد من "ﮊن" تحاول الصحفيات تحسين جودة المحتوى وشكل المجلة، كما تؤكد آلاء لطيف في مقابلتها مع DW، حيث قالت:"من المهم جداً أن نظهر للقراء وللمجتمع، ما تعيشه النساء هنا في هذه المنطقة الكردية العراقية." وتشتكي الصحفية الكردية من أن النساء في كردستان "يتعرضن للعنف وأنواع مختلفة من سوء المعاملة والإجهاد، لكنهن غير خائفات من إخبارنا عن وضعهن. وبالنسبة لنا، في مجلة ﮊن، نهتم بمختلف جوانب حياة المرأة الكردية."
عقبات اجتماعية
تتناول مجلة ﮊن، التي تنتجها مجموعة من النساء، مواضيع الجمال والموضة ومشاكل اللاجئين وغيرها من القضايا الاجتماعية الأخرى، التي تهم المرأة الكردية. كلمة "ﮊن" بالكردية تعني "امرأة" بالعربية، فالمجلة تستهدف فئة النساء بشكل خاص.
على بعد حوالي 100 كيلومتر من مقر المجلة تتواصل المعارك بين قوات البيشمركة الكردية ومقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهذا الوضع الأمني يجعل من مجلة ﮊن مشروعا فريدا وطموحا، خاصة داخل المجتمع الكردي المحافظ، كما تقول بيريغيت سينز من منظمة دعم الإعلام الدولي غير الحكومية (IMS). وتوضح سينز: "المجتمع الكردي محافظ جدا، ليس بسبب تدينه، وإنما لأسباب ثقافية. النساء هنا يعانون من التمييز."
وعلى الرغم من أن هناك العديد من التغييرات الاجتماعية في الوقت الحالي، وكذلك رغم النمو الاقتصادي، وبروز مراكز التسوق والمباني العملاقة، إلا أنه ليس هناك تغيير واضح في العقلية، فالمرأة ما زالت تكافح لإيجاد صوت لها يلقى أذانا صاغية، حسبما أفادت بيرغيت سينز. وتعتبر سينز هذه المجلة "مشروعا فريدا من نوعه في المنطقة، خاصة وأن قطاع الإعلام المستقل محدود في هذه المنطقة. فهناك بعض الرسائل الإخبارية الخاصة بالنساء، لكنها لا تمتع بنفس التأثير. وذلك لأن الأشياء التي تقوم بها النساء لا تلقى الكثير من الاحترام والتقدير". وأكدت بيرغيت سينز أن مجلة "ﮊن" هي جزء من مشروع تدعمه منظمة الإعلام الدولي غير الحكومية.
وفي الوقت الذي تهتم فيه "ﮊن" بشؤون النساء الكرديات بشكل خاص، تستهدف مجلة "عراقيات" جميع النساء في العراق. ويجدر الإشارة إلى أن محتوى المجلتين هو منتوج حصري من النساء إلى النساء، حسب ما ذكرت سينز.
مواجهة التحديات
علاوة على ذلك تشير بيرغيت سينز إلى أن العثور على فريق تحرير من صحفيات قادرات على إنتاج مجلة لامعة وجذابة، كان من بين أبرز التحديات. فليس هناك فقط فرص محدودة لتنمية الصحفيين، وإنما هناك أيضا نقص في النساء المتحررات والقادرات على العمل دون الضغط الاجتماعي. فالعديد من الصحفيات لا يحق لهن السفر وحدهن، كما لا يسمح لهن بالعمل في المساء، وغالبيتهن يعملن في مكاتب يهيمن عليها الذكور. ولهذا فإن الصحفيات اللواتي نجحن في فرض أنفسهن في هذا المجال، حسب سينز، عادة ما يواجهن مشاكل أسرية قد تصل إلى فقدان الصلة مع العائلة؛ لأن عملهن كصحفيات قد يؤثر على سمعتهن وحياتهن الاجتماعية. وبهذا فإن المجتمع المحافظ وعملهن في مجال الإعلام الذي يسيطر عليه الرجال، يجعل من إنتاج مجلة مستقلة تتناول قضايا المرأة، مهمة صعبة.
صعوبة المهمة مسألة تؤكدها أيضا "كورال نوري"، التي تعمل كمحررة في المجلة، إضافة إلى عملها كمقدمة لبرنامج سياسي واقتصادي على قناة كردستان للأنباء KNN. وعلى الرغم من أن بعض الأمور قد تحسنت بالنسبة للنساء، إلا أن مهنتها لا تلقى تقبلا كبيرا من الكثيرين في المجتمع الكردي العراقي، تقول نوري. وهو ما يجعل فرص العمل في هذا المجال محدودا بالنسبة للنساء. لكن الأسوأ من هذا التمييز،على حد تعبيرها هو المضايقة وحتى التهديدات بالقتل التي تتلقاها منذ بداية عملها كصحفية سنة 1997 ، عندما كان هناك عدد قليل جدا من النساء في هذه المهنة، حسب ما قالت نوري.
طموح يكسر "التابوهات"
ورغم كل هذه التحديات فإن هدف فريق تحرير مجلة "ﮊن" طموح جدا. إذا يحاولن في كل عدد تخطي الحدود وكسر المزيد من التابوهات، حيث يكتبن عن قصص نجاح المرأة ويتناولن بعض القضايا المثيرة للجدل مثل ختان الإناث، الذي يعتبر من الممارسات الواسعة الانتشار في إقليم كردستان. هذا بالإضافة إلى تقديم نصائح في تسوق الملابس الداخلية، وهو ما يعتبر أيضا من التابوهات بالنسبة للكثير من النساء في كردستان.
ولهذا فإن جميع النساء العاملات في مجلتي "ﮊن" و "عراقيات"، يعتبرن منشوراتهن بمثابة محرك للعديد من القضايا الاجتماعية. وهدفهن من ذلك هو استخدام المجلة كمنصة للتواصل مع النشطاء ودفع المجتمع المدني إلى الأمام، كما تقول آلاء لطيف، مضيفة،" نريد تغيير عقلية الناس وموقفهم القاضي بأن الصحافة ليست للنساء. ولهذا فنحن نوضح لهم بأننا نساء وصحفيات قادرات على إنتاج هذه المجلة الناجحة، وإذا تمكنا من النجاح في هذه المهمة فسوف نقوم بتغيير المزيد من الأشياء."
أما زميلتها كورال نوري فتجلس على الأريكة في غرفة التحرير وهي على قناعة بأن مجلة "ﮊن" ستأتي بالعديد من التغييرات ضد القيود الثقافية، حيث تقول: "أنا امرأة وبإمكاني أن أشعر بما تشعر به النساء الأخريات في مجتمعنا: المعاناة، والمعايير التقليدية، والإكراهات القانونية. وإذا لم أفعل أنا شيئا لمساعدتهن، فمن سيفعل ذلك؟"