الاتحاد الأوروبي ما زال بعيدا عن إجراءات أمنية موحدة لمكافحة الإرهاب
١٦ أغسطس ٢٠٠٦في الوقت الذي تواصل فيه السلطات البريطانية المختصة إجراء التحريات بخصوص من يقف وراء محاولة اختطاف عدد من الطائرات البريطانية والأمريكية المتجهة إلى الولايات المتحدة، يلتقي اليوم الأربعاء في العاصمة البريطانية لندن وزراء الداخلية في الاتحاد الأوروبي لإجراء مباحثات حول سبل تفعيل جهود بلدانهم في مكافحة الإرهاب الدولي. يشار إلى أن تفجيرات السابع من يوليو/حزيران والتي وقعت العام الماضي في العاصمة البريطانية وضعت مسألة مكافحة الإرهاب في صدارة أولويات الاتحاد الأوروبي، ما دفع المفوضية الأوروبية إلى محاولة إقناع حكومات بلدان الاتحاد الأوروبي بالتخلي عن حقها في الاعتراض على القوانين الأوروبية المشتركة وخاصة تلك المتعلقة بالعدالة الجنائية. ومن أجل تطوير التعاون بين الجهات الأوروبية المختصة في مكافحة الإرهاب، عين الاتحاد الأوروبي بعد وقوع هجمات مدريد في الحادي عشر من مارس/آذار 2004 مفوضا لمكافحة الإرهاب يأخذ على عاتقه مهمة إلزام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتبادل المعلومات فيما بينها وتطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي بشأن مكافحة الإرهاب الدولي. وفي هذا الشأن يقول مفوض مكافحة الإرهاب غيس دي فريس إن المسؤولية في تطبيق القوانين الأوروبية المشتركة تقع على عاتق شرطة ومخابرات كل بلد على حدة، مشيرا إلى أن مهام مفوضية مكافحة الإرهاب التي يترأسها تقتصر على تقديم المعلومات وتنسيقها. وفي حين يشكو المفوض من قلة استعداد أجهزة الشرطة والمخابرات الأوروبية للتنسيق بين بعضها البعض، يقول المسؤول إن العمل المشترك والتعاون شهدا تحسنا ملموسا بعد الاعتداءات التي تعرضت لها قطارات الأنفاق في العاصمة البريطانية.
مركز لتنسيق وتبادل المعلومات
ويختص المركز التابع لمفوضية مكافحة الإرهاب في تنسيق وتبادل المعلومات بين أجهزة الشرطة المعنية في البلدان الأوروبية، وذلك عبر جهاز الشرطة الأوروبي "يورو بول" في بروكسل والنيابة الأوروبية العامة "يورو جوست" في لاهاي. علاوة على ذلك، تعمل أجهزة مخابرات أمريكية مع نظيراتها الأوروبية في مركز يقع بالقرب من باريس على تحسين سبل التعاون بينها من أجل منع حدوث أعمال إرهابية والتصدي لمنفذيها واعتقالهم. ومن أجل توضيح مدى التفاوت في تطبيق القوانين الأوروبية المشتركة وعدم التزام الجهات الأوروبية المختلفة بها، نشير هنا الى أن القوانين المتعلقة بتفتيش المسافرين وحقائبهم وكذلك موظفي المطارات لا تلتزم بها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مئة بالمئة. هذا ما وصلت إليه نتائج فحوصات نظمت في العام الماضي وشملت 29 مطارا في 22 دولة أوروبية.
تفعيل قنوات الحوار
وعلى الصعيد الاجتماعي، ينوي الاتحاد الأوروبي من خلال تفعيل قنوات الحوار الديني بين أبناء الجاليات المسلمة في الدول الأعضاء من جهة والمجتمعات التي يعيشون فيها من جهة أخرىوكذلك عبر وضع برامج تعليمية وأخرى تختص بدمج هذه الأقليات في المجمعات الأوروبية، ينوي منع انزلاق الشباب المسلم إلى الفكر المتطرف. وفي هذا الخصوص يقول مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية والحقوقية فرانكو فرانتيني إن هذه الخطط ستأتي ثمارها على المدى البعيد فقط. ولكنه في الوقت ذاته، يؤكد أن أهمية هذه الإجراءات لا تقل عن أهمية الإجراءات الأخرى. وفي هذا الشأن، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تطوير قنوات التعاون مع السلطات المختصة في الدول العربية والإسلامية، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات تجارية واقتصادية تساعد على مكافحة الفقر وعلى تقديم مساعدات تقنية لتأسيس جهات متخصصة في مكافحة الجماعات الإرهابية واستئصال الإرهاب من جذوره.
ألمانيا تواصل تشديد الإجراءات
وعلى الصعيد الألماني، باشرت الحكومة الألمانية بعد هجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001 بتشديد القوانين الألمانية واتخاذ قوانين أخرى تساعد سلطاتها على تعقب المشتبه بهم ومنع حدوث عمليات إرهابية. ومن الجدير بالذكر ان حكومة ولاية برلين أدخلت تعديلات على 19 قانون. ومن أبرز هذه التعديلات هي زيادة صلاحيات أجهزة المخابرات والشرطة. ولاقت القوانين الجديدة انتقادات حادة من قبل مؤسسات حماية سرية المعلومات ومنظمات حقوق الإنسان التي اعتبرتها مبالغ فيها. وعللت الجهات المنتقدة لهذه القوانين اعتراضاتها على القوانين الجديدة بالقول إنها ستشمل إجراء تحريات وتعقب مواطنين ليس لهم علاقة بالإرهاب، ولكن هجمات لندن ومدريد خففت من لهجة هذه الانتقادات. ولأن مدة القوانين الجديدة والمعدلة تسري فقط لخمس سنوات، قرر وزير الداخلية الألماني فولفغانغ شويبله ابتداء من عام 2006 تمديد هذه الفترة إلى خمس سنوات إضافية.