الحكومة الألمانية الجديدة برئاسة ميركل تتسلم مهامها رسميا
تسلمت الحكومة الالمانية الجديدة مهامها مساء اليوم بعد ان أدت المستشارة الجديدة الدكتورة انجيلا ميركل وحكومتها اليمين الدستورية امام البرلمان الالماني. وكان البرلمان الألماني (البوندستاغ) قد انتخب ميركل بأغلبية الأصوات في جلسة خاصة عقدت صباح اليوم. وبعد ذلك قام الرئيس الألماني هورست كولر بتكليف ميركل بتشكيل الحكومة الجديدة وفقا لمتطلبات الدستور الألماني. وحصلت ميركل على 397 صوتا من أصوات أعضاء البرلمان البالغ عددهم 614 عضوا، بينما صوت ضد ميركل 202 عضوا، في حين تحفظ 12 عضوا و تغيًب عضوان والغي صوت واحد. ويذكر أن فوز المرشح لمنصب المستشار الألماني يتطلب الحصول على أغلبية 308 صوت من أعضاء البرلمان.
وفي وقت لاحق قام الرئيس الألماني بتسليم أعضاء الحكومة الجديدة وثائق تنصيبهم في الحقائب الوزارية، كما عقدت الحكومة الجديدة أولى جلساتها مساء اليوم.وبذلك تكون ميركل المنحدره من شرق المانيا أول سيدة تتبوأ منصب المستشارية في تاريخ ألمانيا، وهو اعلى منصب سياسي في ألمانيا.
وبانتخاب ميركل وتشكيل الحكومة الاتحادية الالمانية تدخل نتائج الانتخابات البرلمانية الألمانية حيز التنفيذ بعد مرور أكثر من شهرين شهدت خلالها الحياة السياسية الألمانية مخاضا عسيرا. وشكل حزب ميركل، الديمقراطي المسيحي، مع رديفه التقليدي المسيحي الاجتماعي والحزب الديمقراطي الاشتراكي من اليسار المعتدل(حزب المستشار السابق شرودر) أول "ائتلاف كبير" في تاريخ ألمانيا منذ عام 1969. الائتلاف يمتلك أغلبية ساحقة تصل إلى 448 مقعدا من أصل 614 في مجلس النواب.
من هي أنجيلا ميركل؟
ولدت أنجيلكا دوروتيا كاسنر (أنجيلا ميركل) في مدينة هامبورغ عام 1954. بعدها انتقلت أسرة الطفلة أنجيلا إلى منطقة مارك براندنبورغ في ألمانيا الشرقية حيث عمل والدها كاهناً في مدينة تمبلن في ولاية براندنبورغ. كانت أنجيلا ميركل في شبابها عضواً ناشطاً في منظمة "شباب ستالين"، وتخصصت أثناء دراستها الجامعية في علم الفيزياء بجامعة لايبزغ، كما حازت على درجة الدكتوراه في الفيزياء في عام 1986 من نفس الجامعة. وفي خلال سنوات قليلة صعد نجم ميركل بسرعة فائقة لتتحول من عالمة فيزيائية مغمورة تعمل في أحد مختبرات برلين الشرقية إلى سياسية أصبحت حديث الساعة في الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ.
واعتاد المستشار السابق هيلموت كول، الذي أتى بميركل إلى مجلس وزرائه في عام 1991، أن يخاطبها بشكل أبوي مستخدماً كلمة "فتاتي". و بعد توليها قيادة الحزب المسيحي الديمقراطي وقفت ميركل وقفة صحيحة في الوقت الملائم كزعيمة تتعاطى بجدية مع تحديات الساعة، وكثيراً ما برعت في مناورة معارضيها. كما أنها تولت رئاسة هذا الحزب الذي هيمن عليه مستشار الوحدة الألمانية كول أكثر من 25 عاماً في عام 2000 في أصعب فترة مر بها في تاريخه ونجحت في الخروج به إلى بر الأمان بعد الكشف عن فضيحة التبرعات التي وضعته في مأزق أخلاقي تسبب في فقدانه لمصداقيته لدى الناخبين الألمان. وكانت "فتاة كول" هي أول مسئول رفيع المستوى في الحزب المسيحي الديمقراطي يهاجم المستشار السابق ويطالبه بوضوح وبشجاعة بالكشف عن ملابسات هذه الفضيحة التي لم يشهد هذا الحزب مثلها في تاريخه. يذكر ان ميركل هي المستشار الثامن في تاريخ المانيا منذ الحرب العالمية الثانية وخامس إمرأة في العالم على رأس حكومة في العالم والوحيدة في اوروبا حاليا.
مهام صعبة امام ميركل
وسيسيطر الحزبان الكبيران (التحالف المسيحي والديموقراطي الاشتراكي) أيضا على مجلس الولايات مما يعطي الحكومة الجديدة فرصة لتطبيق إصلاحات على الهيكل الاتحادي ونظام معاشات التقاعد والضرائب دون الخوف من وجود معارضة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية الألمان يشككون في أن الائتلاف الجديد سيستمر حتى نهاية فترة الولاية ومدتها أربعة أعوام. ولكن ميركل وزعماء الحزب الديمقراطي الاشتراكي بينهم زعيم الحزب الجديد ماتياس بلاتزيك يظهرون إصرارا على التعاون من أجل تحقيق أهداف مشتركة.
وقد أُجبرت ميركل على تشكيل "ائتلاف كبير" بعد أن فشل الحزبان الرئيسيان في البلاد في تأمين أغلبية واضحة لليمين أو اليسار في الانتخابات العامة التي أجريت في 18 سبتمبر / أيلول الماضي. وينتظر المستشارة الجديدة مهمة صعبة تتمثل في إصلاح الاقتصاد الألماني، حيث تسببت نسبة البطالة المرتفعة في إضعاف الثقة الألمانية وأضرت بالموازنة العامة على مدى سنوات. وأصبح الاقتصاد الألماني الذي كان محركا للعجلة الاقتصادية في أوروبا واحدا من أكثر الاقتصاديات التي تعاني من الركود بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إذا يتوقع ألا يتجاوز معدل نموه واحدا في المئة وأن يتحسن بشكل طفيف خلال عام 2006.
شرودر يهنئ ميركل ويغادر الحياة السياسية
مستشار المانيا السابق جيرهارد شرودر كان في مقدمة المهنئيين لخليفته ميركل بإنتخابها مستشارة للبلاد. وكان شرودر البالغ من العمر 61 عاما قد صرح لمجلة دير شبيغل الألمانية أنه سيصوت لصالح ميركل في جلسة اليوم. كما اعلن شرودر ان تصويته اليوم في البرلمان سيكون آخر نشاط برلماني له، حيث قرر الابتعاد نهائيا عن أضواء السياسة والتخلي عن مقعده كنائب في البرلمان والعودة إلى العمل كمحامي. وقد أقام الجيش الألماني مراسم تكريمية مساء السبت الماضي في مدينة هانوفر وداعا لغيرهارد شرودر الذي تنتهي مدة ولايته اليوم. ووقف شرودر في الاحتفال وقد اغرورقت عيناه بالدموع وشكر الحاضرين وقال إن فترة ولايته شهدت قرارات تاريخية استطاعت فيها الحكومة إثبات استقلالها على الصعيد الدولي بشكل لا لبس فيه، وضرب مثلا بحرب البلقان وحرب العراق.
هذا وقد اصطحب المستشار السابق جيرهارد شرودر المستشارة الجديدة انجيلا ميركل بعد عصر اليوم إلى مقر المستشارية في برلين حيث سلمها مكتب المستشارية متمنيا لها النجاح والتوفيق في عملها الجديد وقدم لها باقة من الزهور. من جانبها شكرت المستشارة الجديدة سلفها شرودر على ما بذله من جهود لأجل ألمانيا.وقبل ان يغادر شرودر للمرة الأخيرة مقر المستشارية ودع طاقم العمل الذي اشتعل معه خلال فترة حكومته. وبذلك يكون قد أسدل الستار على فترة حكم شرودر وبدأت حقبة جديدة في تاريخ المانيا.
متابعات: عبده جميل المخلافي ـ دويتشه فيله