الرئيس الإيراني متمسك بتصريحاته المعادية لإسرائيل رغم الاستياء الدولي
بعد تصريحات الرئيس الإيراني احمدي نجاد أمام مؤتمر "العالم بدون الصهيونية" الذي عُقد بالعاصمة الإيرانية طهران بضرورة القضاء على الصهيونية ومحو إسرائيل من الوجود، ثارت زوبعة سياسية في المنتظم الدولي. وعلى ضوء تلك التطورات جاءت ردود الفعل الدولية شبه موحدة، فقد قوبلت تلك التصريحات، من قبل أغلب الساسة في الدول الغربية، على رأسهم قادة الاتحاد الأوروبي، باستياء كبير وإدانة شديدة اللهجة. واتخذت التصريحات المعادية لإسرائيل بعدا سياسيا ودوليا من شأنه أن يزيد من الضغوط الدولية على إيران بخصوص برنامجها النووي الذي يثير حفيظة الدول الغربية عامة وإسرائيل تحديدا. أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد وجدت في تلك التصريحات ما يعزز قلقها وتحفظاتها من طموح إيران النووي.
استياء دولي وإسرائيلي
دوليا أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان، في بيان رسمي عن صدمته وأسفه لتصريحات الرئيس الإيراني ضد دولة عضو بالأمم المتحدة وتتمتع مثلها مثل باقي دول العالم بكافة الحقوق والواجبات. وشدد عنان على وجوب التقيد بالمواثيق الدولية التي جاءت في ميثاق الأمم المتحدة. وأشار إلى بنود ذلك الميثاق التي تُحظر أي تهديد لسلامة أراضي دولة أو المساس باستقلالها السياسي والجغرافي. ورغم استياء كوفي عنان من تصريحات أحمادي نجاد إلا أنه لم يُعرب عن نيته إلغاء زيارته المقررة إلى طهران، حيث يُرتقب أن تتصدر عملية السلام بالشرق الأوسط والسلام الإقليمي جدول أعمال تلك الزيارة. وعلى صعيد آخر، ناشدت إسرائيل دول العالم في رسالة توجهت بها إلى الأمين العام للمنظمة، كوفي عنان، إلغاء عضوية إيران في المنظمة وطردها منها بدعوى أن إيران دولة تحرض على العنف والدمار ولا تستحق مكانا في منظمة متحضرة. وطالبت إسرائيل كذلك العالم بالتحرك لوضع حد للتهديد الإيراني على إسرائيل.
تنديد أوروبي
أوروبيا وجه رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، الذي ترأس بلاده حاليا الإتحاد الأوروبي انتقادا شديد اللهجة للرئيس الإيراني احمدي نجاد واعتبر تصريحاته بغير مقبولة. وقال أن مثل تلك التصريحات المعادية لإسرائيل تثير الغضب الأوروبي، مضيفا انه إذا استمرت إيران على هذا النحو فسوف يعتبر الناس أن الإيرانيين يشكلون فعلا تهديدا حقيقي للاستقرار والأمن عموما. ووجه القادة الأوروبيون الذين يشاركون في أشغال القمة الأوروبية غير الرسمية في مدينة هامبتون كورت بالقرب من لندن، انتقادا شديد اللهجة جاء في بيان مشترك. وعلى خلفية تلك التطورات قامت الخارجية الألمانية مثل معظم العواصم الأوروبية باستدعاء القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية إلى مقر وزارة الخارجية في برلين لتوضيح الموقف الإيراني وللاحتجاج. وصرح ناطق باسم وزير الخارجية الألماني، يوشكا فيشر، بأن تلك التصريحات التي قالها الرئيس الإيراني غير مقبولة ويجب التنديد بها بأشد العبارات. أما الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، فقد وصف من جانبه تلك التصريحات بأنها غير مسئولة وتسيء إلى إيران كما تجر عليها مخاطر تجعلها دولة منبوذة بين الأمم.
تعنت إيراني
رفض الرئيس الإيراني من جانبه التراجع عن تصريحاته التي لقيت إدانة دولية واسعة. وأبعد من ذلك أكد احمدي نجاد أن تصريحاته "صائبة وعادلة" معتبرا أن الكلمة الصائبة والعادلة تثير دوما ردود فعل. وتشبث بان كلماته تعكس قنا عات الشعب الإيراني. واحتفالا بيوم القدس، الذي تحتفل به إيران في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، وبدعوة من الجهات الرسمية تجمعت حشود من المتظاهرين في شوارع العاصمة الإيرانية طهران منددين هتافات وشعارات معادية لإسرائيل. وزادت مشاركة كبار المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم احمدي نجاد في تلك المظاهرة من تعقيد الوضع. حيث يخشى العديد من المحللين السياسيين عودة التشدد الديني والسياسي إلى إيران.
تحرك ديبلوماسي إيراني
يبدو أن الساسة الإيرانيين أدركوا حجم الضرر الذي أحدثته تصريحات رئيس الجمهورية إيران الإسلامية التي أساءت إلى حد كبير بسمعة إيران الدولية. فقد سارعت إيران اليوم لاحتواء الأزمة والرد على تنديد الدول الغربية. وهذا ما دفع إيران للسعي عبر سفارتها في موسكو إلى التخفيف من أثار تصريح احمدي نجاد. وذكرت أن رئيس الجمهورية الإسلامية لم يقصد التحدث بتلك اللهجة الشديدة ضد إسرائيل وهو نفس التفسير الذي أدلت به السفارة الروسية في طهران في محاولة منها الحد من تداعيات تلك التصريحات. ويذكر أن تصريحات الرئيس الإيراني أحرجت حتى أقرب الداعمين للنظام الإيراني، روسيا التي اعتبر وزير خارجيتها، الذي تعارض بلاده إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن أو فرض أي عقوبات اقتصادية على إيران، أن تصريحات الرئيس الإيراني قد تعطي مبررا إضافيا للدول المتخوفة من البرنامج النووي الإيراني لإحالة ذلك الملف إلى مجلس الأمن.
طارق أنكاي