المرأة المحجبة في ألمانيا تواجه صعوبات في البحث عن فرص العمل
٤ أغسطس ٢٠٠٧يعيش في ألمانيا حوالي مليون ونصف مليون امرأة مسلمة من مختلف البلدان، غالبيتهن ينحدرن من عائلات مهاجرة من تركيا والمغرب العربي والشرق الأوسط وكذلك من دول البلقان وشرق آسيا. ومن بينهن عدد لا بأس به من المسلمات الألمانيات اللواتي يرتدين الحجاب. بيد أن غالبية كبيرة في المجتمع الألماني ترى في الحجاب رمزا لعدم الرغبة في الاندماج ورفضا للقيم الأوروبية المبينة على الحرية، خاصة وأن بعضهم يعتقد أن النسوة قد أرغمن على تغطية رؤوسهن وبالتالي فإن الحجاب رمز للقمع ضد المرأة.
وعلى الرغم من أن كثيرا من المسلمات يؤكدن حرية اختيارهن للحجاب دون أي ضغط عائلي أو اجتماعي، إلا أنهن قد يواجهن صعوبات جمة عندما يتعلق الأمر بإيجاد عمل في ألمانيا كونهن يرتدين الحجاب. وفي هذا الإطار قام موقعنا بتسليط الضوء على عدد من تجارب نساء محجبات يقمن في ألمانيا وعلى طبيعة تجاربهن في البحث عن وظيفة.
الكفاءة العلمية والعملية هي المقياس
ثمة تجارب عديدة للنساء المحجبات التي تفاوتت بين الإخفاق والنجاح؛ أليف سعد، إحدى الألمانيات المسلمات تحدثت عن تجربتها الإيجابية، إذ إنها تعمل مديرة مالية في أحد البنوك الألمانية، في مدينة دويزبورغ في شمال الراين وستفاليا، رغم أنها تلبس الحجاب. وتقول أليف سعد إنها عندما تقدمت للحصول على الوظيفة، رأى مسؤولوها أن الحجاب لن يمثل عائقا أمام أدائها لمهامها مثلها مثل أي موظف آخر.
وأكدت الألمانية المسلمة أن مؤهلاتها العلمية وتجربتها العملية الطويلة كانتا المقياس الوحيد والحاسم للحصول على الوظيفة الجديدة، وأنها طوال ثلاثة عشر عاما من العمل لم تشهد أي صعوبات أو مضايقات بشأن ارتدائها للحجاب أو لكونها مسلمة. غير أنه لا يمكن تعميم هذه التجربة الناجحة على كل النساء المسلمات في ألمانيا رغم كفاءتهن العلمية والعملية، كما يرى عدد من المتابعين لهذا الشأن.
الحجاب حجر عثرة
من ناحية أخرى، فإن تجربة زهراء يلماز، وهي ألمانية من أصل تركي، تعد مثالا على مظاهر المعاناة في البحث عن فرصة عمل، إذ منعت من مزاولة وظيفة التعليم في المدارس الحكومية لأنها ترتدي الحجاب، وذلك في إطار الحظر القانوني الذي فرضته ثماني ولايات ألمانية من بينها ولاية هيسين، بادن ـ فورتنبيرغ، بافاريا، وولاية شمال الراين وستفاليا على النساء المحجبات من مزاولة مهنة التعليم في المدارس الحكومية.
ويعد هذا القانون بمثابة حجر عثرة بالنسبة لزهراء يلماز التي درست اللغتين الألمانية والإنجليزية وعلم التربية وعلم اللاهوت الإنجيلي حتى تتمكن من مزاولة وظيفة التعليم في المدارس. وتقول زهراء التي نشأت في أحضان أسرة كانت تربيتها فيها أقرب إلى المبادئ والقيم الأوروبية الحديثة، بأنها لم تكن تتصور بأن الحجاب سيشكل يوما ما حجر عثرة أمام الوظيفة التي طالما حلمت بها. هذا، وتعمل زهراء اليوم في مركز ثقافي في مدينة دويزبورغ الألمانية، حيث إنها تعرفت على العديد من النساء المسلمات اللواتي ورغم مؤهلاتهن العلمية والعملية لم يحصلن على فرصة عمل بسبب ارتدائهن للحجاب.
العزلة الاجتماعية
من بينهن الألمانية الشابة شيشخان أيدين التي تعرضت للعديد من المصاعب بسبب رفضها التخلي عن الحجاب، حيث قيل لها في مكتب العمل التابع لمدينة دويزبورغ إن الحجاب يقلل من حظوظها في الحصول على عمل مناسب، بيد أن شيشخان رفضت هذا الاقتراح وتمسكت بالحجاب. من جهتها تقول زهراء يلماز إن الآراء المسبقة والتحيزية تقوي الشعور بالإقصاء الاجتماعي لدى الكثير من المسلمات في ألمانيا وهو ما يدفع بالعديد منهن إلى الانطواء على النفس والعزلة الاجتماعية.
وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية كانت نشرت استطلاعا للرأي يؤكد أن 90% من المسلمات المحجبات في ألمانيا على غرار النساء الألمانيات يرفضن الرؤية التي تجبر النساء على البقاء في البيت، ويرون ضرورة مزاولة وظيفة مناسبة لهن للشعور بالاستقلالية المالية وبأهميتهن في المجتمع.