المعسكر الإصلاحي الإيراني متحفظ حيال البرنامج النووي
١٣ أبريل ٢٠١٢هل يمكن للقوى السياسية الداخلية في إيران أن تصحح النهج النووي، الذي يسيطر عليه المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي؟ خبراء المشهد الإيراني يؤكدون أن هذه الآمال ضعيفة للغاية، بل تبدو الأمور متجهة على عكس تلك الآمال. أولا، بينت الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مارس/ آذار ضآلة القوة السياسية الحالية بالنسبة للمعسكر الإصلاحي. وهذا الموضوع الحساس للسياسة النووية لم يتطرق له الإصلاحيون أصلاً، وهذا ينطبق على الصحف الإصلاحية القليلة التي لم تغلق بعد. وهنا يقول الصحافي الذي يعيش في منفاه الباريسي حسين بستاني: "أرسل مجلس الأمن القومي رسالة خطية لجميع الصحف، يحظر فيها أي تغطية تنتقد السياسة النووية. ولقد أمسكت بيدي رسالة كهذه".
عودة إلى عهد خاتمي
لغاية عام 2005 كتب بستاني عدة أوراق إصلاح، ودخل السجن بسبب كتاباته الناقدة. بعدها غادر وطنه، والآن يعمل كمعلق سياسي في الخارج. ويعتقد بستاني أن جميع الإصلاحيين في إيران هم ضد السياسة النووية لحكومة أحمدي نجاد: "رغم أنهم لا يصرحون بذلك مباشرة، ولكنهم يستغلون كل مناسبة للتأكيد على أن السياسة النووية لحكومة خاتمي كانت صحيحة".
الرئيس السابق خاتمي قدم في عام 2003، بعد الكشف عن البرنامج السري النووي الإيراني، عرضاً شاملاً للولايات المتحدة في مجال التعاون الأمني. وشمل ذلك السماح بالنظر في البرنامج النووي، وتحسين التعاون مع وكالة الطاقة الذرية.
وقبل وقت قصير من ذلك، يفترض أن تكون إيران قد أوقفت برنامجها النووي العسكري، وفقاً لما جاء في تقرير للاستخبارات الأميركية في عام 2007، ولكن الولايات المتحدة رفضت العرض. وفي السنوات التي تلت ذلك حاول الاتحاد الأوروبي أن يصل إلى إبرام اتفاق نووي مع إيران، لكن من دون جدوى.
مسار تصادمي
وفي صيف عام 2005 تغير المشهد السياسي في إيران، إذ أصبح محمود أحمدي نجاد، المدعوم من المعسكر المحافظ، رئيساً للبلاد. وسار بالقضية النووية مساراً تصادمياً مع المجتمع الدولي، بالتنسيق مع الزعيم الديني خامنئي.
ويرى حسين بستاني تطرفاً متزايداً لدى خامنئي فيما يتعلق بالقضية النووية. "عندما حاول أحمدي نجاد في عام 2009 أن يرسل إشارة إيجابية بشأن العرض الدولي، تدخل الزعيم الديني وأوقف مبادرة أحمدي نجاد". وحينها تمحور الأمر حول اتفاقية يتم بموجبها نقل التخصيب النووي لإيران إلى روسيا. ولكن لم ينتج أي شيء عن ذلك. وبالمناسبة حينها كان حتى رموز المعسكر الإصلاحي، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، ضد الاتفاق النووي: إشارة إلى أنه لا يمكن الربط بين موقف المعسكر الإصلاحي في المسألة النووية والانفراج والاستعداد للتعاون.
عجز الإصلاحيين
عباس عبدي، وهو محلل سياسي من طهران، يقول إن الإصلاحيين منقسمين وليس لديهم أفكار واضحة، للأسف: "يجب أن يكونوا واضحين، حول من هم وماذا يريدون". في ظل الظروف الحالية فإنهم غير قادرين على التأثير على نهج الحكومة بشأن القضية النووية. "وفي المستقبل القريب يبدو تأثير المعسكر الإصلاحي أكثر غموضاً، إلا إذا سقطت السلطات في مأزق، بحيث أنهم يمسون في حاجة إلى مساعدة من الإصلاحيين لكسب الشرعية".
سياسي إصلاحي أطلق سراحه مؤخراً من السجن، ولا يرغب في الكشف عن اسمه خوفاً من أعمال انتقامية ضد عائلته، يصف عجز الإصلاحيين في المشهد السياسي الحالي بالقول: "إن الإصلاحيين، بغض النظر تحت أي عنوان وأي جماعة يصنفون، لا يمكنهم فعل أي شيء، إلا نشر العرائض. وعندما يتعلق الأمر بالبرنامج النووي، يصبح الأمر أكثر تعقيداً".
بالنسبة للسياسي، الذي أمضى أكثر من عشر سنوات في السجن، فمن الواضح أن صانع القرار في المسألة النووية هو الزعيم الديني. وقد حدد خامنئي الصورة التي يريد الحكام المحافظة عليها: لا هوادة في النزاع حول البرنامج النووي للدفاع عن الحقوق الوطنية وحدها.
إنه لا يتوقع أن السخط المتزايد للسكان، بسبب العقوبات المتزايدة، يمكن أن يهدد موقف من هم في السلطة: "هذه الحكومة تملك قاعدتها بين الناس على هامش المدن الكبرى وفي القرى. إنهم يشكلون ما مجموعه 60 بالمائة من سكان إيران ويحصلون على المال من الدولة".
وبالنسبة للسياسي الإصلاحي فإن معسكر المحافظين يستفيد من هذه الخلافات. وطالما أن المجتمع الدولي يركز اهتمامه على البرنامج النووي، فإن مسألة حقوق الإنسان تتراجع إلى الصفوف الخلفية: "إن هذا الصراع يدور على حساب الحركة الديمقراطية في إيران".
شابنام نوريان/ فلاح آل ياس
مراجعة: عماد غانم