بدء انتخابات الجزائر الرئاسية و"تحديها الأكبر نسبة المشاركة"
٧ سبتمبر ٢٠٢٤فتحت مكاتب الاقتراع في الجزائر اليوم السبت (السابع من سبتمبر / أيلول 2024) أبوابها إيذانا بانطلاق التصويت لاختيار رئيس جديد للبلاد لعهدة مدتها خمس سنوات. وقال التلفزيون الجزائري الرسمي إن مكاتب الاقتراع فتحت الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي ( السابعة بالتوقيت العالمي) وفق ما ينص عليه قانون الانتخابات.
كما بث صورا تظهر إقبال الناخبين من مختلف الأعمار من الجنسين على مراكز التصويت في مناطق عدة من البلاد. ويحق لـ 23 مليون و486 ألفا و61 ناخبا داخل البلاد المشاركة في الاقتراع الرئاسي الذي ترشح له الرئيس الحالي عبد المجيد تبون (عمره 78 عاما) ورئيس حركة مجتمع السلم المحسوبة على التيار الإخواني عبد العالي حساني شريف (عمره 58 عاما) والسكريتير الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش (عمره 41 عاما).
انتخابات رئاسية أيضا للجزائريين المقيمين في الخارج
وكانت عملية التصويت فيالانتخابات الرئاسية للجزائريين المقيمين في الخارج انطلقت يوم الإثنين الماضي على أن تختتم اليوم، حيث تشمل أكثر من 865 ألف ناخب، وبعد يومين من ذلك (الأربعاء الماضي)، انطلقت العملية الخاصة بالبدو الرحل وسكان المناطق البعيدة جنوبي الجزائر، وتقدَّر الهيئة الناخبة لهذه الفئة بـ116 ألفا.
واذا كان المتابعون والمراقبون يرشحون الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، للفوز بولاية ثانية من الدور الأول فإن الرهان الأكبر في هذه الانتخابات سيكون نسبة المشاركة -التي كانت بلغت 41,07 % في الانتخابات التي جرت يوم 12 كانون الأول/ديسمبر 2019- وحملت تبون إلى سدة الحكم.
ويقول رشيد لوراري أستاذ القانون الدستوري إن التحدي الأكبر الذي يواجه هذه الانتخابات هو نسبة المشاركة لأنها هي التي ستمنح للرئيس المقبل الشرعية والحصانة الشعبية لتنفيذ برنامجه الانتخابي. وتحدثت وسائل إعلام محلية عن ما وصفته بـالإقبال "المعتبر" للجزائريين المقيمين في الخارج على مكاتب التصويت خاصة الشباب والطلبة، في مؤشر واضح على ما يبدو لكسب رهان المشاركة.
وكانت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في الجزائر قد أكدت في وقت سابق جاهزيتها التامة لتنظيم الانتخابات الرئاسية، وذلك في إطار التزاماتها الدستورية والمتمثلة في الحياد والشفافية والحفاظ على حرية خيار الناخب.
الفائز يبدو "معروفا مسبقا" ويرغب بمشاركة مكثفة
والفائز يبدو "معروفا مسبقا" "بالنظر إلى نوعية المرشحين وقلة عددهم غير العادية وكذا الظروف التي جرت فيها الحملة الانتخابية التي لم تكن سوى مسرحية للإلهاء" كما علق أستاذ العلوم السياسية محمد هناد على فيسبوك.
ويحظى الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون بدعم أحزاب الغالبية البرلمانية وأهمها جبهة التحرير الوطني، الحزب الواحد سابقا، والحزب الإسلامي حركة البناء الذي حل مرشحه ثانيا في انتخابات 2019. وهو ما يجعل إعادة انتخابه أكثر تأكيدا.
وكان مقررا إجراء هذه الانتخابات عند انتهاء ولاية تبون في ديسمبر / كانون الأول 2024 لكنه أعلن في مارس / آذار 2024 تنظيم انتخابات مبكرة في 7 سبتمبر / أيلول 2024.
ويرغب تبون بـ"مشاركة مكثفة، فهذا هو الرهان الأول، إذ لم ينس أنه انتخب في العام 2019 بنسبة مشاركة ضعيفة، ويريد أن يكون رئيسا طبيعيا وليس منتخبا بشكل سيئ"، على ما أكد مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف الجزائري حسني عبيدي.
وكانت الانتخابات التي حملته إلى كرسي الرئاسة قبل خمسة أعوام شهدت عزوفا قياسيا بلغ 60 بالمئة، إذ كانت تظاهرات "الحراك" العارمة المطالبة بالديمقراطية لا تزال في أوجها. وحصل فيها على 58 بالمئة من الأصوات.
في مواجهة شبح عزوف مكثف، بالنظر لانعدام رهانات هذا الاقتراع، قام تبون ومؤيدوه وكذلك فعل منافساه، بجولات عدة على امتداد البلاد منذ منتصف أغسطس / آب 2024 داعين الناخبين إلى مشاركة قوية. لكن مجريات الحملة الانتخابية لم تحظ سوى باهتمام ضئيل، خصوصا أنها جرت على غير العادة في عز الصيف في ظل حر شديد.
وعود الحملات الانتخابية
وركز المرشحون الثلاثة خطاباتهم أثناء الحملة الانتخابية على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، متعهدين العمل على تحسين القدرة الشرائية وتنويع الاقتصاد ليصبح أقل ارتهانا بالمحروقات التي تشكل 95 بالمئة من موارد البلاد من العملة الصعبة.
وعلى المستوى الخارجي ساد الإجماع في مواقف المرشحين الثلاثة إزاء الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن استقلال الصحراء الغربية الذي تنادي به جبهة البوليساريو والجزائر في مواجهة المغرب.
ووعد تبون، مستندا إلى حصيلة اجتماعية واقتصادية محسنة، بزيادات جديدة في الأجور ومعاشات المتقاعدين وتعويضات البطالة وببناء مليوني مسكن، فضلا عن زيادة الاستثمارات لإيجاد 400 ألف فرصة عمل وجعل الجزائر "ثاني اقتصاد في إفريقيا" بعد جنوب إفريقيا.
في ختام حملته الانتخابية بالجزائر العاصمة تعهد الرئيس الذي يلقبه البعض في مواقع التواصل الاجتماعي "عمي تبون"، بإعطاء الشباب "المكانة التي يستحقونها"، علما أنهم يمثلون نصف سكان البلاد وثلث الناخبين. وقال إنه يريد استكمال تنفيذ مشروع "الجزائر الجديدة" لولاية ثانية، معتبرا أن ولايته الأولى واجهت عقبة جائحة كوفيد-19.
في المقابل، تعهّد منافساه منح الجزائريين مزيدا من الحريات. وأعلن أوشيش التزامه بـ"الإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة". أما حساني شريف فدافع عن "الحريات التي تم تقليصها إلى حد كبير في السنوات الأخيرة"، بعد تراجع زخم "الحراك" الذي أطاح عام 2019 الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي أمضى 20 عاما في الرئاسة وتوفي في 2021.
واعتبر حسني عبيدي أن حصيلة تبون تعاني "خصاصا في الديموقراطية" يمكن أن يشكل عائقا خلال ولايته الجديدة. من جهتها أعربت منظمة العفو الدولية غير الحكومية في بيان في الثاني من سبتمبر / أيلول 2024 عن قلقها من الوضع. وقالت في تقرير "شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة تدهورا مطردا لوضع حقوق الإنسان. ومن المثير للقلق أن الوضع لا يزال قاتما مع اقتراب موعد الانتخابات". وكانت تحدثت في فبراير / شباط 2024 عن "قمع مروع للمعارضة السياسية".
ع.م / ع.ش (د ب أ ، أ ف ب)