حصيلة عام على تولي ميركل رئاسة الإئتلاف الحكومي الموسع في ألمانيا
١٧ نوفمبر ٢٠٠٦وجدت حكومة ميركل منذ تشكيلها قبل عام نفسها أمام ملفات صعبة تحتاج إلى حلول طارئة. لكن مهمة التوصل إلى حلول مرضية لكل الأطراف السياسية المشاركة في الإئتلاف الحكومي لم تكن سهلة. فقد فُرض على الحكومة التحلي بالمرونة السياسية ودفع الأحزاب المشاركة إلى التنازل عن بعض الوعود الانتخابية، الأمر الذي انعكس سلبا على شعبية الأحزاب السياسية الكبرى في ألمانيا وقاد إلى موجة تشاؤم شعبي. فقد تراجعت ثقة الناخب الألماني في الحكومة الجديدة إلى أدنى المستويات بعد مرور عام على انتخابها. كما أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز "فورزا" بتكليف من إحدى القنوات الإخبارية الألمانية، أظهرت التراجع الدرامي لنسبة مؤيدي الحكومة الحالية، إذ أعرب نحو 78 في المائة من المواطنين الألمان عن عدم ثقتهم في قدرة هذه الحكومة على حل المشاكل الطارئة التي تواجه البلاد. فيما ذلك أعرب معظم الألمان عن عدم توقعهم بأن تتمكن حكومة أخرى من حل تلك المشاكل، مما يشير إلى تراجع حاد وخطير لثقة الألمان في السياسة بشكل عام.
الحكومة تدافع عن نهجها السياسي
وفيما عزا المراقبون سياسيون تراجع شعبية الحكومة الألمانية والأحزاب السياسية الممثلة فيها إلى سياسة الإصلاحات التي تبنتها، دافعت تلك الأحزاب عن الخط السياسي الذي تتبعه معتبرة أن أداء الحكومة الحالية بعد مرور عام من انتخابها كان جيدا. واعتبر رئيس الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي الديموقراطي بيتر شتروك محصلة الحكومة منذ تشكيلها إيجابية. ويرى الحزب الاشتراكي الديموقراطي أنه تم حتى الآن تطبيق عدد من الإصلاحات السياسية مثل إصلاح النظام الفيدرالي. كما أن معدلات النمو الاقتصادي بلغت خلال هذا العام نحو 2.3 في المائة، وهو أعلى معدل نمو منذ عشر سنوات، ناهيك عن تراجع معدلات البطالة. كما تشكل زيادة الدعم المخصص لقطاع التعليم والبحث العلمي وإصلاح موازنة الدولة إنجازات أخرى استطاعت الحكومة القيام بها. أما الأمين العام للحزب المسيحي الديموقراطي رولاند بوفلا فقد عبر هو الآخر عن ارتياحه للأداء الجيد لحكومة الإئتلاف وقال إن ألمانيا توجد في وضع أفضل مما كانت عليه قبل عام. لكنه دعا مؤيدو الحزب إلى مزيد من التفهم، حيث قال إن حزبه لا يستطيع في إطار التحالف الموسع تطبيق برنامج حزب بشكل كامل. وحول تراجع ثقة الناخبين الألمان في الأحزاب السياسية الكبرى قال بوفلا إن تراجع نسبة البطالة واستمرار تحسن معدلات النمو ستعيد ثقة المواطن الألماني من جديد في حكومته والأحزاب المشاركة فيها.
"حكومة الإئتلاف مضرة للديموقراطية"
ورغم إشادة شتروك، الذي كان يشغل حقيبة الدفاع في عهد المستشار السبق غيرهارد شرودر، بالمحصلة الإيجابية للحكومة إلا أنه أشار إلى ضرورة إنهاء حكومة الإئتلاف الموسع مع انتهاء فترة حكمها عام 2009. فتوفر الحكومة على أغلبية نيابية وصلت إلى 70 في المائة من مقاعد البرلمان يعد أمرا مضرا للديموقراطية ينطوي على مخاطر عدة. فهو يشل دور المعارضة، التي لن تستطيع وقف تغيرات في دستور البلاد إذا ما قررت حكومة ذلك. وقال: "إني لا أطمح لإطالة التحالف الموسع وأظن أن السيدة ميركل تشاركني الرأي". لكنه حرص على الإشارة إلى أن الإنجازات التي حققتها حكومة ميركل إنما هي حصاد سياسة الإصلاحات التي أقرتها حكومة شرودر.
كما اعتبر شتروك أن مسيرة الإصلاحات ما زالت طولية وتحتاج إلى قرارات صعبة يتعين على الحكومة الحالية اتخاذها مستقبلا. أما فيما يخص رفع الضربة على القيمة المضافة فقد علل شتروك تأيد حزبه لها القرار بأنه ضروري لأن الألمان باتوا يعيشون فوق طاقتهم الاقتصادية، على حد تعبيره. ورغم تلك الإنجازات فإن الحكومة الألمانية مازالت بصدد مواجهة العديد من المشاكل العويصة، إذ لم تتمكن حتى الآن من التوصل إلى حلول توفيقية بشأن كيفية إصلاح قطاع الصحة ونظام التأمين الصحي. كما أن رفع سن التقاعد إلى 67 عام يلقى معارضة شديدة من قبل النقابات الألمانية.
انتقادات المعارضة
ولا تشاطر كل القوى السياسية والفاعلين الاقتصاديين تفاؤل الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الموسع. وانتقد رئيس الحزب الليبرالي الديموقراطي، غيدو فيستافيله، النهج السياسي للحكومة، معتبرا أن سياستها الحالية التي جاءت مخالفة للوعود الانتخابية التي قدمتها الأحزاب المشاركة فيها لناخبيها. هذا ما أدى في نظر فيستافيله إلى تقوية نفوذ التطرف اليميني في ألمانيا وتكريس العزوف السياسي لدى المواطنين الألمان. وجاءت الانتقادات أيضا من حزب الخضر على لسان أمينة سره شتيفي لمكه التي انتقدت تلك التطورات وقالت إنها تؤثر سلبا على صورة ألمانيا في الخارج.
وأما مدير مركز إنفو للدراسات الاقتصادية هانس فيرنر زين فقد اعتبر من جانبه أن نتائج عمل الحكومة الحالية لم يكن أحسن من السابقة واعتبر "أنه قياسا لأداء الحكومة الحالية يظهر شرودر تقريبا مثل البطل". ولا عجب في هذا التصريح لأن الحكومة الحالية تفتقد في نظر الكثير من المراقبين السياسيين والفاعلين الاقتصاديين إلى قدر كبير من الجرأة التي كان يتمتع بها سلف ميركل المستشار السابق غيرهارد شرودر.