حين يصبح اللاجئ معلماً في ألمانيا
٢٧ أبريل ٢٠١٦في إطار مشروع ريادي لجامعة جورج أوغست في مدينة غوتنغن، بدأ لاجئون سوريون بتدريس مادة الرياضيات واللغة الإنجليزية واللغة الألمانية في مدارس ولاية بريمن. وسيتم تطبيق المشروع في ولاية سكسونيا في مرحلة لاحقة. هذه الفكرة والتي تطبقها الجامعة، بدأت جمعيات ألمانية بتنفيذها أيضا، حيث يريد القائمون على هذه المشاريع الاستفادة من الخبرات التي يحملها اللاجئون من أجل إفادة غيرهم من اللاجئين.
أحد هذه المشاريع بدأت جامعة غوتنغن بتطبيقه في ولاية سكسونيا السفلى، حيث نشرت إدارة الجامعة على صفحتها الخاصة أن الهدف من المشروع هو تطوير تدريب خاص للمعلمين اللاجئين. وعن هذا تقول ماريا فوسته، العاملة في مجال رعاية اللاجئين لـ DW عربية، إن جامعة غوتنغن أنشأت برنامجا خاصا لمساعدة اللاجئين، بحيث تفتح لهم الأبواب للتدريب والتأهيل والتعلم، كما أن الجامعة معنية بالاستفادة أيضا من الخبرات التي يحملونها من أجل تدريب غيرهم من اللاجئين. ويهدف المشروع بحسب فوسته إلى تطوير إمكانات اللاجئين كي تتواءم مع النظام التعليمي في ألمانيا، وذلك كي يتسنى لهم أن يعملوا في مجال التدريس بشكل منتظم مستقبلا.
لاجئ يعلم لاجئ
وكانت جامعة بوتسدام قد أعلنت بدورها أن برنامجا شبيها سوف يتم تدشينه في فصل الصيف القادم في رحاب الجامعة، وسوف يطلع المدرسون اللاجئون من خلاله على نظام التعليم الألماني في إطار حلقة دراسية مشتركة مع طلاب ألمان وخلال تدريب عملي. إلا أن العمل لا زال مقتصرا على التخطيط الأولي لغاية الآن.
ويرى مراقبون أن أعداد اللاجئين تتزايد في ألمانيا، وبالكاد توجد أماكن أخرى لتعليمهم. وفي الوقت نفسه هناك ندرة في المعلمين في ألمانيا. القطاع التعليمي يطالب باستقطاب معلمين ومعلمات من قطاعات أخرى للعمل بصورة جزئية لديه. وهو ما قد يوضح أهمية تأهيل اللاجئين خاصة في مجال التعليم.
شافين العلي عبرت لـ DW عربية عن سعادتها بخوض تجربة التدريس في مدينة آخن الألمانية، وبالنسبة لشافين والتي درست صيدلة في سوريا، لم تكن تتخيل أنها سوف تعمل في هذا المجال، خاصة أنها في ألمانيا منذ ثلاث سنوات فقط. وتقول العلي بأن إحدى مدارس اللغة الألمانية، والتي تعطي دروسا للاجئين، اتصلت بها وأخبرتها أنهم يبحثون عن لاجئين من أجل تدريس لاجئين آخرين، وذلك ضمن مشروع خاص بدأت المدرسة في تطبيقه. واعتبرت اللاجئة السورية "بأن التجربة كانت جميلة وحافلة، وأنها سرت كونها استطاعت أن تفيد غيرها من اللاجئين". وتقول العلي "شعرت بأني قادرة على فهم الطلاب وعلى تقديم المساعدة لهم" وتتابع "لا أعتقد أن المعلم الألماني قادر على مساعدة اللاجئين أكثر مني، فكوني لاجئة ومررت بنفس تجربتهم سابقا، كان الأمر سهلا في نقل خبراتي لهم".
وشافين العلي ليست الوحيدة في عائلتها التي خاضت مجال التدريس في ألمانيا، فوالدها جمال العلي وهو مدرس تاريخ سابق في سوريا، استقطبه برنامج مماثل،بدأت جمعية الدياكونيا في تطبيقه. ويقول جمال العلي: "التدريس في ألمانيا أمر مختلف، في بلادنا لا قيمة للمدرس إلأ أنني أشعر بالتقدير هنا بما أقوم به من عمل". وبحسب العلي، فإن ميزة المعلم اللاجئ، أنه عاصر تجربة الطالب اللاجئ، ويعرف ما هو المهم له، كما أن أسلوب توصيل المعلومة تختلف، لأن المعلم قادر على تكلم لغة الطالب وتوضيح الفروق الدقيقة له، والتي قد تشكل عليه لبسا في الفهم.
إلحاق اللاجئين بسوق العمل
ويطالب العديد من الخبراء الألمان بسرعة إلحاق اللاجئين بسوق العمل في ألمانيا، ومن بين هؤلاء الخبراء أخيم فامباخ الذي يرأس مركز (زد. إي. دبليو) لأبحاث الاقتصاد الأوروبي في مدينة مانهايم، والذي صرح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب ا) عن أهمية إلحاق اللاجئين بسوق العمل وقال، إن التعليق المؤقت للحد الأدنى للأجور ومصاحبة ذلك بدورات تعليم لغة وإجراءات أخرى خاصة بالتأهيل سيكون أمرا معقولا. وأضاف "لا ينبغي أن يمثل ذلك الحل النهائي بل مجرد خطوة لإلحاق اللاجئين بسوق العمل"، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تمثل أهمية قصوى للاندماج المجتمعي. وتابع فامباخ أن تجارب دول أخرى، أظهرت أن من الأمور التي تساعد اللاجئين في إجادة اللغة الجديدة، هو تعلمها ذاتيا أثناء العمل "طبعا هناك حاجة إلى دورات اللغة، لكن التعامل مع زملاء وزميلات في العمل يعد شكلا جيدا لتعلم اللغة بشكل أسرع".
وعن موضوع الاندماج، قال فامباخ: "نحن في ألمانيا لم نصل إلى المستوى المطلوب حتى الآن في إدماج المهاجرين في سوق العمل، ولذا فإن الموضوع يمثل أهمية ومن الجيد أن تعمق الحكومة نظرتها للاندماج".
سعادة الطلاب
الطالب خالد عبد الله عبر عن سعادته لـ DW عربية من تطبيق هذا المشروع، الذي يتيح تشغيل معلمين لاجئين لتعليم اللاجئين. ويقول عبد الله "أنا ما زلت في المستوى الأول من اللغة ولا أجيد لغة أجنبية للأسف، وبالرغم من مواظبتي المستمرة على دروس اللغة الألمانية إلا أنني لم أفهم شيئا، وهذا شكل لدي هاجسا، خاصة أنني سمعت أن من لا يتقن اللغة الألمانية معرض للترحيل".
ويتابع عبد الله "الآن الأمور تحسنت، وإنه لأمر جيد أن تستطيع الحديث مع معلمك بلغتك عن الأمور التي لا تفهمها، ويعيدها عليك بلغتك" أعتقد أن هذا الأمر قد أفادني جدا وهو مفيد أيضا للعديد من أمثالي".
اللاجئة السورية عبير أكدت من جهتها لـ DW عربية أنه من المهم أعطاء اللاجئ الفرصة من أجل نقل خبراته، وقالت أعتقد أنه من الضروري إتاحة المجال للاجئين للمساعدة، إلا أنها أكدت أن حاجز اللغة لا يزال عائقا أمام العديد من اللاجئين الراغبين بالمساعدة.