سبعون مادة مسببة للسرطان تختبئ في دخان النرجيلة
٨ فبراير ٢٠٠٦"التدخين ضار جداً بالصحة"، كلمة تسمع وتقرأ منذ سنوات، ولكنها لا تمنع أن يموت سنوياً ملايين الضحايا في دول العالم المختلفة بسبب التدخين، خاصة في الدول الفقيرة. ولم تؤثر إضافة كلمة "قاتل" على علبة السجائر كثيراً على المدخنين، فهم مازالوا يتمسكون بالسيجارة، في الوقت الذي يؤكد فيه المركز الألماني الاتحادي للبحوث الصحية أن 380 فرداً يموتون يومياً في ألمانيا بسبب آثار التدخين. هذا العدد يفوق إجمالي عدد من يموتون بسبب الإيدز و إدمان المخدرات والكحول والمنتحرين مجتمعين. لكن الظاهرة التي بدأت تنتشر في أوساط الشباب بشكل كبير هي ظاهرة تدخين النرجيلة (الشيشة)، سواء في العالم العربي أوفي الغرب. وينتشر بين هؤلاء الشباب الاعتقاد بأن أضرارها أقل كثيراً من أضرار السجائر، وهو ما يدفع بالبعض إلى ترك السجائر والاتجاه إلى تدخين النرجيلة، مفترضاً أنه بذلك يحمي نفسه من الخطر، ولكنه يضع نفسه دون أن يدري أمام خطر أكبر.
هل النرجيلة هي البديل الصحي للسجائر؟
عرف الشرق الأوسط ودول البحر المتوسط النرجيلة منذ مئات السنين، واندثرت لفترة واقتصر تدخينها في الأماكن العامة على الطبقات الشعبية، لكنها عادت لتفرض نفسها في البلاد العربية بين كل الفئات والأعمار، وانتشرت بشكل كبير حتى بين النساء. كما أنها وصلت أيضاً إلى الدول الأوروبية والأمريكية، فأصبح المقهى الشرقي مرتبطاً بالقهوة العربية والشيشة، يرتفع دخانها بالروائح المختلفة، مختلطاً بنكهات الفواكه والنعناع وحتى الكولا!! وبالإضافة إلى ذلك تجذب الوسائد الوثيرة والجو العربي والغناء والشاي المصبوب في أكواب زجاجية، وما توفره من جو غريب، الغربيين إلى هذه المقاهي بشكل كبير. لكن أكثر ما يجذبهم بكل تأكيد هو رائحة النرجيلة التي أحبوها وصاروا يشترونها ويقتنونها في منازلهم. هذه الظاهرة دفعت الباحثين الغربيين إلى الاتجاه لدراسة آثار النرجيلة على الصحة، حيث أوضحت عدة دراسات ألمانية أن النرجيلة أكثر ضرراً من السجائر.
فالشيشة الشرقية لا تخلو من التبغ، والمعروف باحتوائه على مواد ضارة كلها يسبب السرطان كما أكدت أبحاث مركز دراسات السرطان في مدينة هايدلبرج الألمانية وهذه المواد هي:
- النيكوتين: الذي يسبب إثارة للجهاز العصبي، وبالتالي يعتبر المسئول الأول عن إدمان التدخين
- النشادر: التي تجعل النيكوتين أكثر قدرة على الذوبان في الدم، وبالتالي تعمل على التسريع من عملية إدمانه
- النعناع: وهو موجود في كل أنواع التبغ، حتى تلك التي لا تذكره بشكل خاص، ويعمل على التقليل من السعال المصاحب للتدخين
- السكر: فأنواع السكر المختلفة تضيع الطعم المر للتبغ، وتجعل التدخين أكثر إمتاعاً، لكن حرق السكر ينتج مادة مسببة للسرطان ومضرة بالغشاء المخاطي.
إذاً فالنرجيلة تسبب الإدمان تماماً مثل السجائر، إلى جانب آثارها السلبية الأخرى.
ما الذي يجعل خطر النرجيلة أكبر؟
ولكن كل ما سبق لا يختلف كثيراً عن أضرار السجائر العادية، إلا أن الدراسات تؤكد أن الشيشة تحتوي على مواد ضارة أكثر. فالدراسة التي قام بها المعهد الألماني الاتحادي بهدف تقدير مخاطر النرجيلة أثبتت أنها تحتوي أيضاً على نسبة من القار وأكسيد الكربون الأحادي الناتج عن حرق الفحم. بالإضافة إلى ذلك يمتص الجسم أثناء تدخين النرجيلة مواد مثل الزرنيخ والنيكل والكروم بكثافة عالية. هذه المواد تدمر وظائف الرئة وتسهل إصابتها بالسرطان. كذلك أضاف الخبراء العاملون بمركز أبحاث السرطان في جامعة هايدلبرج أن 70 مادة كيماوية تنتج عن تدخين النرجيلة. كما يعتقد الأطباء أنها مسببة للسرطان، ليس فقط لسرطان الرئة ولكن أيضاً سرطان الفم وتجويف الفم، بالإضافة إلى البثور والأورام المختلفة التي تسببها في الشفاه.
كما أن الشيشة تدخن لمدة أطول: فالشخص يحتاج خمسة دقائق لتدخين سيجارة بينما قد يستمر لمدة ساعة في تدخين النرجيلة، لذلك يكون الضرر أكبر لأن الدخان يبقى لوقت أكثر ويمتص بشكل أعمق في الرئة، لأنه يبرد قبل الوصول إليها. والماء لا يقوم بترشيح المواد الضارة من التبغ، وبالتالي يتم امتصاص نسبة من هذه المواد السامة تصل إلى 80% أحياناً. أما مادة القار، فهي المسئول الأول عن البقعة السوداء التي تتكون في الرئة، وهي المسببة لرفع خطر الإصابة بسرطان الرئة ثلاثين مرة، وعادة ما يؤدي سرطان الرئة إلى الوفاة.
المركز السوري لأبحاث التدخين
ولا تقتصر الأمراض التي يمكن أن يسببها تدخين النارجيلة على السرطان وأمراض القلب فقط، لكن المشاركة في تدخين الشيشة يمكن أن تسبب انتقال أمراض أخرى مثل مرض العقبولة الذي يسبب بثور مؤلمة في الوجه، علاوة على الالتهاب الكبدي الوبائي والسل والأمراض الفطرية. يذكر أن هذه الأمراض تنتشر في الدول الفقيرة بشكل كبير. وقد انتبهت سوريا لهذا الخطر، وأرادت دراسة تلك الظاهرة بالتعاون مع جامعة مونستر الألمانية وجامعتي ممفيس وفيرجينيا الأمريكيتين، فأنشأت المركز السوري لأبحاث التدخين في مدينة حلب. ويهدف المشروع المشترك إلى تكثيف أبحاث التدخين خاصة في الدول الفقيرة، التي تعاني من آثاره بشكل كبير. كما تشارك في تمويل المشروع أيضاً منظمة الصحة العالمية والحكومة الكندية. وفي إطار الدراسة يسعى المركز إلى دراسة سلوك الشعب السوري فيما يختص بالتدخين، كما يهتم بدراسات آثار تدخين الشيشة بشكل خاص. فدراسة سلوك المدخنين هي أول الطريق لمحاربة التدخين، ولنشر الوعي بالأضرار التي يمكن أن يسببها.