سياسة واشنطن الخارجية تصطدم بواقع الشرق الأوسط
٢٥ يونيو ٢٠١٤هناك اعتقاد منتشر بشكل واسع لدى الخبراء والصحفيين وصناع الرأي العام بأن السياسة الخارجية للقوى العظمى تقوم على مخططات واضحة ودقيقة للتعامل مع مختلف مناطق العالم. وحينما يعطي الزعماء السياسيون الانطباع بأنهم لا يملكون رؤية استراتيجية بهذا الصدد، فغالباً ما تتم "معاقبتهم" من قبل الناخبين ووسائل الإعلام. والواقع هو أنه من الصعب بلورة سياسة خارجية لمنطقة معقدة كالشرق الأوسط، وهذه حقيقة تقض مضجع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما كل يوم. ففي يونيو/ حزيران عام 2009، ألقى أوباما خطابه الشهير الموجه للعالم الإسلامي في القاهرة تحت عنوان "بداية جديدة".
كان المحور الرئيسي لخطاب أوباما هو تأسيس علاقة جديدة بين الغرب والعالم الإسلامي، إضافة إلى تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومكافحة التشدد. إلا أن استراتيجية أوباما هذه، وبعد خمس سنوات من الخطاب الذي وصفه الكثيرون بالتاريخي، واجهت نكسات متتالية أمام واقع الشرق الأوسط العنيد.
استراتيجية خادعة
في هذا الصدد يقول هال غاردنر، أستاذ السياسة الدولية في الجامعة الأمريكية بباريس: "لم تعد هناك أي استراتيجية حاسمة في الشرق الأوسط منذ تدخل حكومة بوش في العراق". ويرى غاردنر في محاولات إدارة أوباما المتكررة لإحياء عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين الركيزة الأساسية لاستراتيجيته في الشرق الأوسط، معتبراً أن الفشل الأمريكي في تحقيق ذلك كانت له تداعيات على المنطقة برمتها.
لواشنطن أربعة أهداف رئيسية في المنطقة هي أمن إسرائيل ومنع إيران من أن تصبح قوة نووية والحفاظ على علاقات جيدة مع قوى إقليمية كالسعودية وتركيا، وأخيراً محاربة التنظيمات الإرهابية المتطرفة. تحقيق هذه الأهداف لا يتوافق دائماً وبالضرورة مع سياسة أوباما القائمة على تفادي أي تدخل عسكري كبير في المنطقة، إلا أنها أهداف توضح على الأقل ما تريده واشنطن.
وتتخبط السياسة الخارجية الأمريكية في تناقضات عديدة نتيجة استمرار تدهور الوضع في سوريا وهجمات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" في العراق. ويوضح هال غاردنر ذلك بالقول: "أعتقد أن الأمريكيين لا يعرفون ما يجب القيام به. فهناك قوى مختلفة متنافسة ومصالح متناقضة بين السعوديين والإيرانيين والحكومة العراقية والنظام السوري... إلخ".
ضرورة تحديد الأولويات
يبدو أنه من المستحيل تحقيق كل هذه الأهداف دفعة واحدة. لذلك يتعين على الولايات المتحدة تحديد أولوياتها. حول ذلك يقول إرفين فان فين، الباحث في المعهد الهولندي للعلاقات الخارجية في لاهاي "كلينغنديل": "يبدو بلا شك أنهم بدأوا حقاً بفعل ذلك ... من المعروف أن إيران تزود نظام الأسد بالمال والسلاح، ولا يبدو أن ذلك يزعج الولايات المتحدة كثيراً، وربما يعود ذلك لكونها لا تريد إفشال المفاوضات مع طهران حول الملف النووي".
ولا يتعين على واشنطن تحديد أولوياتها حسب الأهمية فقط، وإنما أيضاً الحفاظ على درجة معقولة من المرونة للتكيف مع التحولات الطارئة. فقد نشهد تحولاً في سلم هذه الأولويات إذا ما اكتست مكافحة تنظيم "داعش" أهمية متزايدة.