شباب مصر محتارون والمرشحون الإسلاميون الأوفر حظا
٢٤ مارس ٢٠١٢"سأنتخب حمدين صباحي". هكذا بدأ عمرو فريد، وهو شاب حديث التخرج، حواره مع DW عربية. فريد يصنف نفسه كوسطي ولكنه اختار أن يؤيد المرشح القومي الاشتراكي صباحي لأنه "كان من أهم المعارضين في عصر النظام السابق وهو صاحب مواقف قوية". ويرى عمرو أيضاً أن صباحي يحقق له صورة الرئيس الذي يتمناه فهو من أصغر المرشحين سناً. ويرى فريد أن هذه ميزة هامة لحمدين صباحي نظرا لأن باقي المرشحين كبار في السن وتجاوزوا السبعين كعمرو موسى ومنصور حسن وأحمد شفيق. كما استبعد عمرو المرشح السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل لأنه "صاحب فكر متطرف"، على حد تعبيره. ويضيف عمرو قائلا: "ليس هذا فحسب، بل وأخشى على مصر منه لذلك سأساند صباحي بكل قوة في مواجهة أبو إسماعيل".
على الجانب الأخر، عبرت ريم شمس، وهي شابة ليبرالية شاركت في ثورة يناير، في حديثها مع DW عربية، عن استيائها الشديد من ترشح من هم فوق السبعين مقتبسة كلمات الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي متسائلة: "ألم يحن بعد الوقت لأن ترحل دولة العواجيز؟". وتؤكد ريم شمس على أنها لم ولن تفكر في انتخاب أي منهم. في المقابل تبدو الشابة الليبرالية في حيرة من أمرها بين الإسلامي المعتدل عبد المنعم أبو الفتوح وخالد علي، الحقوقي المرشح أيضاً للرئاسة، إذ لا تستطيع أن تقرر أيهما تنتخب.
وتضيف ريم قائلة: "لنكن صريحين، خالد علي ورغم إعجابي به وببرنامجه وشجاعته في خوض تلك الانتخابات، إلا أن فرصه في الفوز شبه مستحيلة لذا منعاً لتفتيت الأصوات قد أميل للتصويت لأبو الفتوح". ورغم استبعاد أبو إسماعيل من اختياراتها لعدم توافق فكره مع توجهها السياسي، على حد تعبيرها، إلا أنها ترى أنه قد يكون الأوفر حظاً في النهاية للجلوس على كرسي الرئاسة.
المرشحون الإسلاميون الأوفر حظا
لم يختلف رأي كريم أسامة، الطالب بكلية الهندسة والليبرالي التوجه، عن رأي شمس والذي عبر عنه في حواره مع DW عربية قائلاً: "أبو إسماعيل يعتبر بالفعل الأقرب إلى كرسي الحكم بالرغم من ذلك فأنا سأنتخب المفكر الإسلامي سليم العوا حتى مع اقتناعي بأن فرصه في الفوز ضئيلة". العوا يمثل التيار الوسطي في نظر كريم وبانتخابه يحاول أن يتجنب "التطرف" في أبو إسماعيل و"مدرسة مبارك" في أحمد شفيق وعمرو موسى، على حد تعبيره. وفي رؤيته عما ستسفر عنه الانتخابات قال كريم: "أعلم يقيناً أنه ستكون هناك جولة إعادة وسيكون أبو إسماعيل أحد أطرافها ومن الآن أقول سأصوت لأي من كان الطرف الثاني المنافس لأبو إسماعيل حتى ولو كان آخر أوراق نظام مبارك، أي أحمد شفيق".
وكان لمحمد العبساوي، أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين، حديث أيضاً مع DW عربية حيث أكد أنه في انتخابه لرئيس الجمهورية لن يحيد عن فكر واختيار الجماعة وأنه سيساند الشخص أياً من كان الذي يدعمه مكتب الإرشاد. ويضيف محمد قائلا: "رغم ذلك أميل لأبو إسماعيل وإذا تُرك لكل منا أن يختار مرشحه سأصوت لأبو إسماعيل دون أدنى شك".
أبو إسماعيل، الذي ترشح في انتخابات مجلس الشعب 2005 تحت شعار جماعة الإخوان المسلمون يراه العبساوي صاحب شخصية قوية وعقلية متميزة، على حد تعبيره. ويميل محمد العبساوي عاطفيا لأبو إسماعيل لأنه ابن أحد أعلام جماعة الإخوان المسلمون، الشيخ صلاح أبو إسماعيل. ولم يتغاض محمد العبساوي عن ذكر المرشحين كبار السن موضحاً أن أحد أسباب تأييده لأبو إسماعيل أنه يعتبر من أصغر المرشحين سناً. وبالرغم من أن مسألة السن ليست مهمة جدا لكنه يرى "أن مجيء منصور حسن على سبيل المثال إلى كرسي الحكم مع وجود رئيس وزراء في سن كمال الجنزوري قد يؤثر بشكل سلبي على إدارة البلاد". ولم يخف العبساوي تفاؤله بفرص أبو إسماعيل للفوز في أول انتخابات رئاسية في عهد الثورة قائلاً: "أرى انه إذا تمت الانتخابات بشكل نزيه، ولا أخفي قلقي في هذا الشأن دون الدخول في التفاصيل، فإن أبو إسماعيل هو الأقرب لشغل الكرسي الشاغر بقصر العروبة".
أما محمد حسن، الطالب بكلية التجارة والمستقل فقد عبر عن إعجابه بأبو إسماعيل في حواره مع DW عربية قائلاً: "أراه رجلا تقيا مسلما ملتزما صاحب شخصية قوية وشجاع". محمد حسن أيضا يعتبر سن أبو إسماعيل ميزة يتميز بها عن منافسيه ممن تعدوا السبعين. ويضيف محمد قائلا: "نحن في زمن الثورة ونحتاج لفكر يتوافق مع ثورتنا. أبو إسماعيل في الخمسينات من عمره وأعتقد أن سنه مناسب فهو ليس بالصغير أو الكبير كما أنه من الثوار ودائما ما دافع عن الثورة ودماء الشهداء".
هل تبقى المنافسة بين أبو الفتوح وأبو إسماعيل؟
واتفقت رؤية فتحي مصيلحي، أستاذ العلوم السياسية، مع آراء الشباب معتبراً أبو إسماعيل الأوفر حظاً في سباق الرئاسة. وقال مصيلحي في حواره مع DW عربية: "الشباب يشعر بنضج كاريزما أبو إسماعيل وإذا نظرنا إلى المنحنى البياني لكل المرشحين نرى أن معظمهم في حالة ثبات فيما يعلو منحنى أبو إسماعيل بقوة تجعله يقترب من رضا الشباب ويقربه من كرسي الحكم". مصيلحي اتفق أيضاً مع الشباب في أن وصول مرشحين كبار السن كمنصور حسن أو عمرو موسى إلى رئاسة الجمهورية سيخلق سلطة ذات أداء ضعيف. ويضيف قائلا: "رغم أن البلاد تحتاج الآن إلى الخبرة والحكمة إلا أن سن هؤلاء المرشحين تضع علامات استفهام كبيرة حول قدرتهم الصحية والفكرية على إدارة تلك المرحلة".
هذا وعبر مصيلحي عن احترامه لبعض المرشحين كعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي لكنهما في رأيه لا يصلحان في هذه الأثناء لقيادة البلاد حيث يراهما أكثر اندفاعا فيما يرى أبو إسماعيل أكثر عقلانية. ويقول: "رغم كرهي لمصطلح الدولة الدينية وإيماني الكامل بالدولة المدنية الليبرالية إلا أنني أرى أن أبو إسماعيل هو أصلح المتقدمين لما يمتلكه من شخصية قوية وقدرة على استيعاب المواقف ولباقة في الحديث كما أنه يملك عقلية ثورية وأعتقد أن ذلك أيضا ما يراه الشباب".
وبالرغم من هذا الوضوح في الكلام فإن مصيلحي نفسه لم يخف حيرته، كمعظم الشباب، في اختيار مرشحه. وبالرغم من ميله لأبو إسماعيل "إلا أن لكل مرشح ميزة تميزه عن الآخر والاختيار صعب لكنني أعتقد أن الشباب سيميل في نهاية المطاف إلى من يرون في يده التغيير السريع. فرغم رومانسية الفكرة إلا أن الشباب يبحث عن ثورة جذرية سريعة في حياته ووطنه".
أحمد حمدي ـ القاهرة
مراجعة: أحمد حسو