صحف أوروبية: انضمام فلسطين للمحكمة الدولية سيف ذو حدين
٢ يناير ٢٠١٥سلمت السلطة الفلسطينية يوم أمس الخميس (الأول من كانون الثاني/ يناير 2015) منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في فلسطين جيمس راولي صكوك معاهدات واتفاقيات دولية للانضمام إليها. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، الذي سلم الصكوك لراولي في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، إن قضية الاستيطان هي القضية الأولى التي ستحملها فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية. وأضاف عريقات، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن "أي جريمة حرب إسرائيلية لن تسقط بالتقادم". وردا على الانتقادات الإسرائيلية والأمريكية على توقيع انضمام فلسطين لـ 20 وثيقة دولية قال عريقات إن "على من يخشى من محكمة الجنايات الدولية أن يكف عن ارتكاب الجرائم".
وشدد على أن مكانة الولايات المتحدة "كقوة عظمى يفرض عليها أن ترتقي بمسؤوليتها وأن تكف عن معاملة إسرائيل بوصفها دولة فوق القانون". وتشمل صكوك الاتفاقيات التي تم تسليمها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، واتفاق امتيازات وحصانات المحكمة الجنائية الدولية، والإعلان بموجب معاهدة روما.
مواجهة قانونية
وكتبت الصحف الأوروبية تعليقات على قرار السلطة الفلسطينية الانضمام للمعاهدات الدولية وخاصة المحكمة الجنائية الدولية. ففي صحيفة فرانكفورتر الغمانيه تسايتونغ الألمانية كتب راينر هيرمان معلقا على دخول الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أخطر مواجهة مع إسرائيل بتوقيعه على وثائق الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية. وقال:"ما هو جيد لنتنياهو ليس بالضرورة جيد للسلام. وتوقيع الفلسطينيين على الانضمام للمحكمة الدولية يعني أن الصراع بينهم وبين إسرائيل سيكون على أساس قانون العين بالعين والسن بالسن. لتوضع المفاوضات البناءة على جانب وبدلا عنها تنطلق سياسة المواجهة. وواشنطن ناقضت نفسها، بعد رفضها الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن لتغلق فعليا خط مفاوضات إعلان دولة فلسطينية. بعد أن كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري يطالب خلال رحلاته المكوكية إلى الشرق الأوسط بمهلة سنة حتى إعلان الدولة الفلسطينية".
صحيفة دير ستاندارد النمساوية الصادرة في فيينا كتبت تقول: "عباس، الذي خسر في الفترة الماضية كثيرا من شعبيته، وقع على قرارات صعبة. ما ينتج عن هذه القرارات يبقى مفتوحا. والتوقيع على الانضمام لمعاهدة روما لا يكفي، فالعقود الموقعة بشأنها يجب أن يصدق عليها في الأمم المتحدة". وكشفت الصحيفة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ربما يريد دفع المجتمع الدولي للتحرك والتفاوض. إذا ما نفذت الولايات المتحدة الأميركية تهديداتها، بعدم حصول الفلسطينيين على الدعم الأميركي، وإذا ما انهارت السلطة الفلسطينية، فان هذا أمرا سيئا لإسرائيل بالدرجة الأولى التي ستضطر لاحتلال غزة والضفة الغربية كاملة. لكن هذا ما لا يريده عباس نفسه أيضا".
ورأت صحيفة لوموند الفرنسية أن هذه الخطوة جاءت بعد انتكاسة كبيرة لهم (الفلسطينيون) عندما رأوا أن مبادرتهم لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن وضع أجندة لاتفاق سلام، قد رفضت. وتضيف الصحيفة "ففيما كانت مفاوضات السلام في مأزق منذ شهر نيسان/أبريل الماضي، جاء طلب الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية كورقة أخيرة يستخدمها محمود عباس، الذي انتقل إلى ميدان الحرب الدبلوماسية".
لوموند أشارت إلى أن الرد الإسرائيلي لم يتأخر، حيث رفض رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الطلب الفلسطيني ووصفه بأنه "طلب للرياء" وبأن السلطة الفلسطينية "ليست دولة بل هي كيان مرتبط بمنظمة إرهابية: حماس التي ترتكب جرائم حرب". وتضيف الصحيفة الفرنسية أن الخارجية الأميركية بدورها نددت بما اعتبرته "تصعيدا غير مجد.. ليس فقط لن يحقق أي شيء من طموحات الفلسطينيين ..بل أيضا يعكر وبشكل خطير المناخ مع الإسرائيليين".
"العضوية شيء والعدالة شيء آخر"
وفي بريطانيا كتبت صحيفة الغادريان تحت عنوان "عضوية المحكمة الدولية يمكن أن تكون سلاحا ذو حدين" بقلم المحرر جوليان بورغر، الذي كتب يقول: "بتوقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على المعاهدة، استخدم عباس أخيرا أقوى سلاح كان يهدد به إسرائيل. وبالتوقيع على المعاهدة سيفتح الباب للمحكمة الدولية لإجراء تحقيقاتها حول جرائم الحرب. وهو الأمر الذي كانت إسرائيل تحاربه منذ مدة. لأنه من الممكن عندها توجيه اتهامات لجنود وضباط إسرائيليين لممارساتهم خلال الحملات العسكرية، بالإضافة إلى عمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية". لكن الانضمام إلى المحكمة الدولية سلاح ذو حدين بالنسبة للفلسطينيين، حسب الغارديان. فإذا ما طلب الرئيس الفلسطيني من المحكمة إجراء تحقيق في حرب غزة الأخيرة – وهذا من حقه - فإنه سيعرض عناصر وقيادات من حماس وليس فقط القادة والجنود الإسرائيليين للتحقيق. وهذا هو السبب الذي دفع حماس لرفض فكرة توقيع عباس على الانضمام للمعاهدة الدولية".
ومن قواعد المحكمة الدولية تقديم طلب تحقيق الجهات المنضمة إليها بشأن قضية ما، بعد مرور 60 يوما من الموافقة على الانضمام. وهي فترة "سيستغلها رئيس الوزراء الإسرائيلي في حملته الانتخابية الجديدة" حسب الغادريان. وأضافت الصحيفة "حتى بعد مرور 60 يوما، يملك مجلس الأمن قوة إيقاف التحقيق بقضية معينة أمام المحكمة الدولية. وإذا ما كان على المدعي العام الدولي تقديم لوائح اتهام أم لا. ومن المؤكد أن إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاءهم سيفعلون ما بوسعهم للدفع بعدم توجيه الاتهام للجنود الإسرائيليين. فعضوية المحكمة الدولية وتحقيق العدالة شيئان مختلفان جدا أحيانا".
ع.خ/ ع.ع. (DW)