لقاء ألمانيا واليونان..هل يطغى الحقد على الروح الرياضية؟
٢١ يونيو ٢٠١٢"النظام في مواجهة الفوضى"، "قوة أوروبية عظمى في مواجهة دولة مفلسة"، "زاوركراوت (الملفوف المملح المتخمر"ـ أكله ألمانية) في مواجهة جبنة الفيتا اليوناني"..هذه بعض عناوين الصحف التي تصف لقاء منتخبي ألمانيا واليونان في دور ربع النهائي لبطولة كأس الأمم الأوروبية المقامة حاليا في بولندا وأوكرانيا. فقد ألقت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها اليونان وموقف ألمانيا من إنقاذ اليونان، بظلال كثيفة على المواجهة الكروية المرتقبة الجمعة (22 يونيو/ حزيران 2012) بين المنتخبين.
ومثلما هو الصراع بينهما على ملعب كرة القدم، يبدو الحال في عالم الاقتصاد، حيث تمثل ألمانيا القوة الدافعة الرئيسية في الاقتصاد الأوروبي بينما تبدو اليونان هي الحلقة الأضعف في الاقتصاد الأوروبي. ولكن مباراة الجمعة تبدو الوسيلة المناسبة للثأر والرد من قبل اليونانيين بعد المهانة التي تعرضت لها بلادهم على المستوى المالي والاقتصادي بعدما تلقت بلادهم خططا لإنقاذها من الإفلاس.
ورغم أن البلدين لديهما الكثير من القواسم المشتركة، إلا أنه وعلى ضوء المعطيات السياسية والاقتصادية أخذت مباراة ربع النهائي بين البلدين أبعادا أخرى تتجاوز حدود الروح الرياضة المفترضة. وفيما تلمح صحف ألمانية إلى أن اليونانيين كسالى ويبحثون المتعة وحسب، تطالب صحف يونانية على الجانب الآخر من لاعبيها بالثأر في الملعب لإجراءات التقشف الصارمة التي فرضتها عليهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
وتساءلت صحيفة "بيلد" الألمانية واسعة الانتشار في سخرية تقول: "ما الذي يستطيع اليونانيون تقديمه، بخلاف الديون؟" وذلك وسط تحليلها لأداء منتخب اليونان. ووصلت الصحيفة إلى نتيجة أن المنتخب اليوناني تحت قيادة المدرب البرتغالي فيرناندو سانتوس سيلجأ إلى العنف في مباراة الجمعة بكل تأكيد. ووجهت الصحيفة نصيحة إلى لاعبي ألمانيا بتوخي الحذر قائلة: "انتبهوا لعظامكم يا شباب!". ودأبت الصحيفة الألمانية الشعبية، صاحبة أعلى مبيعات في أوروبا، في الآونة الأخيرة على التركيز على شعور العديد من الألمان بالتحامل اتجاه سوء إدارة الدولة الأوروبية الجنوبية. وربطت الصحيفة بين الرياضة والاقتصاد بالقول مثلا "لا يوجد حزمة إنقاذ يمكنها أن تنقذ" اليونانيين، في إشارة إلى حزمة الإنقاذ الأوربية.
وزعمت الصحيفة "بيلد" أيضا أنها اكتشفت أن المهاجم اليوناني جورجيوس ساماراس، الذي يشترك في اسم العائلة مع رئيس الوزراء اليوناني الجديد، يضع ملمع أحذية على شعره. بينما نقلت الخميس عن "جاسوسها" المتخفي داخل فندق المنتخب اليوناني أن لاعبي اليونان "يشتمون ويدخنون ويغنون" ووصفهم بأنهم "مقتصدون بشدة"، في إشارة إلى تدني أسعار غرف الفندق الذي ينزلون فيه.
"المنتحب اليوناني لا يحتاج للشفقة"
ومن جانبها راهنت الصحف اليونانية على "فوز الوحدة الوطنية" اليونانية على "الهيمنة الأجنبية الألمانية" في إشارة إلى كل من الاحتلال النازي المؤلم لليونان إبان الحرب العالمية الثانية، وإلى تبعية أثينا الاقتصادية الحالية لبرلين. وكتبت صحيفة "كول" اليونانية تقول: "أعيدينا يا ميركل" قبل أن تضيف: "لن تتمكني أبدا من إخراج اليونان من الاتحاد الأوروبي". وكانت ميركل أعلنت الأربعاء عن اعتزامها حضور مباراة الجمعة في غدانسك.
ووسط هذا التصعيد الجدلي، يصر الكثيرون على أن المباراة ليست أكثر مجرد مواجهة رياضية. حيث أشارت "كول" نفسها إلى أن الأزمة السياسية، لن يتم حلها في الملعب وقالت: "اهدأوا، إنها كرة قدم وحسب". كما حاول يواخيم لوف مدرب منتخب ألمانيا أن يبدد التوتر بلباقة. وقال لوف: "إن ميركل لا تتدخل في تشكيل الفريق أو خطط اللعب، وأنا أيضا أنأى بنفسي عن مواقفها السياسية".
ورغم مشاركة الفريق اليوناني في يورو 2012، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، فإن ذلك لا يعني أن لاعبي المنتخب الوطني مثيرين للشفقة، وفقا لقائد الفريق جيورجيوس كاراجونيس".
ولاشك أن المنتخب الألماني سيحاول فرض شبح الخوف على اليونان، التي لن تعود إلى أثينا دون معركة قتالية أمام الألمان. يذكر أن تأهل المنتخب اليوناني إلى يورو 2012 دون أن يتعرض لأي هزيمة في عشر مباريات في التصفيات، بعد تألق واضح من خط الدفاع حيث لم تسكن شباك الفريق سوى خمسة أهداف فقط، لذا فإن أبناء سانتوس وصلوا إلى بولندا واضعين في اعتبارهم أنهم قادرين على تحقيق شيئا ما.
(ع.ش/ د ب أ)
مراجعة: عبده جميل المخلافي