مصر- تخوفات الرأي العام من استغلال "السيدة الأولى" للسلطة
٢١ مايو ٢٠١٤نظرا لظهورها الاجتماعي قبل وقت قصير فقط، ليست هناك معلومات كثيرة عن انتصار عامر، زوجة المشير عبد الفتاح السيسي. وبالمقابل هناك سهام نجم، زوجة حمدين صباحي، التي تشغل منصب الأمين العام للشبكة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار، ولها أنشطة متعددة في مجالات الدفاع عن حقوق المرأة وخاصة في المناطق الفقيرة.
كانت جهان السادات، زوجة الرئيس الراحل أنور السادات هي من حصلت بداية الأمر على لقب "السيدة الأولى" في مصر، وتبعتها بعد ذلك زوجة الرئيس السابق حسني مبارك، فيما كانت زوجة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الظل. أما زوجة الرئيس المعزول محمد مرسي فقد رفضت لقب "|السيدة الأولى" وفضلت لقب "خادمة مصر"، فظلت بعيدة عن أعين الإعلام الذي لاحقها بالسخرية.
مخاطر "السيدة الأولى"
يقول الكاتب الراحل أنيس منصور في كتابه "السيدة الأولى": "وراء " السيد الأول " توجد " السيدة الأولى " تسمع وترى وتقرأ وتكتب وتنقل كل ذلك إلى "السيد الأول". وحيث أن " السيدة الأولى " أقرب الأفواه إلى الرئيس فإن صوتها أقوى وأوضح وأكثر الحاحا. ومن هنا كانت خطورته. وترى بعض الدول ضرورة تدريب "السيدة الأولى" حتى لا تكون كارثة على الرئيس وعلى الشعب الذى اختاره".
كان أول ظهور إعلامي لـربة البيت انتصار السيسي في 17 فبراير الماضي، حين أظهر مقطع فيديو نشره المتحدث العسكري باسم الجيش، العقيد أحمد محمد علي على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، زوجة وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، وهي تجلس بجوار زوجها على المنصة، وترتدي حجاب رأس خلال حفل للجيش، تم فيه تكريم قادة محالين على التقاعد، وهو الفيديو الذي سخر منه بعض النشطاء واعتبروه إشارة إلى اعتزام السيسي الترشح للرئاسة. كما اعتبر آخرون أن ظهور زوجته بحجاب الرأس يحسم الشائعات التي روجت أن زوجة السيسي ترتدي "النقاب"، غير أن آخرين لاحظوا أن حضورها لا يحمل أية دلالات سياسية ولا يروج للمرشح الرئاسي المحتمل، وأن الأمر تعلق فقط "ببروتوكول عسكري" معتاد.
السيسي: استشرت زوجتي قبل الترشح
وكان السيسي قد تحدث في أول حوار له مع قنوات فضائية مصرية عن علاقات الود التي تجمعه بزوجته منذ أن كان طالبًا في المرحلة الثانوية، حيث تزوجها بالفعل، بعد تخرجه من الكلية الحربية عام 1977، وأكد أنه قام باتخاذ قرار الترشح لرئاسة الجمهورية "بعد استشارة زوجته وأبنائه الأربعة، وأنه لم يقم باتخاذ أي قرار، إلا بعد العودة إلى أسرته".
وحلل الباحث في علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن هذا التصريح في حديث مع DWقائلا: " إما أن (السيسي) ينظر إلى استشارة زوجته وأسرته باعتباره أمرا طبيعيا لأن نتيجة هذا القرار ستنعكس على حياته الخاصة، وإما أنه يرى في ذلك تمهيدا ومقدمة لأن تتقدم زوجته حال فوزه للعب أدوار في الحياة العامة على غرار زوجة الرئيس السادات أو زوجة مبارك". ويضيف المتحدث إلى أن تدخل زوجة السيسي قد يقلص من شعبية الرئيس المحتمل، ولكن حسب تصرفاتها.
زوجة الرئيس المحتمل ومكانتها في الحياة العامة
وعن رأيه من إمكانية تدخل زوجة الرئيس القادم في الشؤون المصرية العامة قال حسن: "لا أعتقد ذلك، وذلك بالنظر إلى تجربتين مريرتين. فقد كانت قرينة السادات نافذة في اتخاذ القرارات، فاستهجن المصريون بذلك، مما ساهم في انخفاض شعبيته قبل رحيله. أما المثال الصارخ فيتجلى في قرينة مبارك من خلال تدخلها في تشكيل الوزارة والاقتصاد المباشر وأيضا في خلق صراع داخل أجهزة الإعلام وتمكينها من الوصول إلى المال العام مثل مكتبة الإسكندرية، الأخطر من ذلك مخططها لهندسة حياة اقتصادية واجتماعية تمكنها من توريث الحكم لابنها جمال وهو ما أدى في النهاية إلى الثورة على مبارك وعلى التوريث وبالتالي إلى إسقاط حكمه"
ويضيف المتحدث أنه "لم يعد للمصريين أدنى رغبة في قيام زوجة الرئيس بممارسة أي دور في الحياة العامة، عدا عند الانشغال بالعمل الخيري والاجتماعي". وأضاف:"إن تدخل زوجة مبارك بدأ نهاية الفترة الرئاسية الثانية لزوجها، ولا أعتقد بوجود فرصة لتدخل زوجة الرئيس القادم في الحياة السياسية".
من جهته يقول الدكتور فؤاد السعيد، الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إنه "كان هناك قدر من الامتعاض الشعبي وعدم الترحيب بأدوار "السيدة الأولى" ابتداء من وقت جيهان السادات حتى فترة سوزان مبارك، وبالتالي فإن كل رئيس قادم ستكون عليه ضغوط شعبية للحد من هذا الدور للحفاظ على حكمه وصورته".