Kommentar Äygpten
٢٩ نوفمبر ٢٠١١للمرة الثانية في هذا العام ننظر نحو مصر بنظرة الإعجاب والاحترام. حيث أظهر الناس في بلد النيل للعالم بأسره بأنهم راغبون في قيادة بلادهم نحو الديمقراطية وفي تحديد الحكومة بأنفسهم. مع هدوء مثير للإعجاب وقناعة يدركون حقهم بذلك، بعد أن كافحوا باستعداد عال للتضحية في شهري يناير وفبراير الماضيين ثم خرجوا مجددا إلى الشوارع خلال الأسابيع الأخيرة.
تعتبر هذه الانتخابات بالنسبة لمعظم المصريين أول انتخابات حرة يشاركون بها، فطوال عقود مضت كانوا يدعون للانتخاب ولكن كان يتم دائما التلاعب بأصواتهم وكان يتم عرقلة مشاركة أحزاب المعارضة في الانتخابات، بل وحتى يتم إقصاؤها كليا، ونتائج الانتخابات كانت معروفة سلفا قبل أن يبدأ الاقتراع. 30 عاما سيطر فيها حسني مبارك على مقاليد الحكم من غير منازع وبعيدا عن أي رقابة برلمانية حقيقية، ساعده على ذلك الجيش وشبكة من الموظفين الفاسدين، وقبل مبارك حكم أنور السادات بعد أن خلف جمال عبد الناصر. كلهم جاؤوا من الجيش واعتمدوا في توطيد حكمهم على القوات المسلحة. إنهم نفس الجنرالات الذين تولوا السلطة بعد سقوط مبارك، مع وعود بنقل البلاد نحو الديمقراطية وبضمان الأمن والنظام خلال المرحلة الانتقالية. وبسبب سلطتهم المستبدة وقمعهم المتزايد اشتعلت شرارة الاحتجاجات مجددا، بحيث خرجت خلال الأسابيع القليلة الماضية مظاهرات حاشدة في القاهرة والإسكندرية والسويس وغيرها من المدن.
ولكن تحديدا في الأيام الأخيرة أظهرت المناوشات الدامية التي دارت في الشوارع بأن المجتمع المصري منقسم على نفسه. المتظاهرون في ميدان التحرير لم يعودوا يمثلوا الأغلبية في المجتمع. فكثير من المصريين يتمنون الآن الاستقرار وتحسن الأحوال الاقتصادية والمستوى المعيشي والأمان في الشارع ، ويرفضون في الوقت نفسه عودة المتظاهرين واعتصامهم الطويل في ميدان التحرير في القاهرة، ويطالبون بدلا من ذلك بعودة الهدوء. أغلبية المجتمع هذه يمثلها الإخوان المسلمون الذين تفاهموا مع المجلس العسكري ولم يشاركوا في الاحتجاجات. ويأمل الإخوان بأن تسفر الانتخابات البرلمانية، المستمرة حتى شهر آذار/ مارس، في تعزيز موقعهم كقوة بارزة في البرلمان الجديد يمكنها أن ترسم ملامح مصر الجديدة.
هذا الأمر لن يحظى بقبول الثائرين. إنهم يخشون من تضييق الحريات والحقوق التي خرجوا من أجلها أصلا للتظاهر والاحتجاج والتي لم تطبق بعد. وفي ضوء المعضلات الكبرى التي تقف مصر أمامها يتوجب عليهم بأن يخشوا من عدم ضمان الحقوق الاجتماعية التي يطالبون بها بنفس القوة. كلا الأمران مرتبطان ببعضهما ارتباطا وثيقا، لأنه لا يمكن أن تسير عجلة الديمقراطية بدون عدالة اجتماعية.
التحديات التي يقف المجتمع المصري أمامها تبدو كبيرة وفوق قدرة البشر وتدعو للتشاؤم. ولكن بداية العملية الانتخابية كانت هادئة وسلمية مما يعبث على التفاؤل. وهكذا ينظر المرء في القاهرة هذه الأيام بمزيج من القلق والأمل، بأن تنجح مصر في تجاوز عقبات الماضي وأن تتمكن من تقرير مصيرها لبناء بلد ديمقراطي وعادل.
بتينا ماركس
مراجعة: حسن زنيند