مصير الحركة الإسلامية في الأردن بعد أحداث مصر
١٩ أغسطس ٢٠١٣يلحظ المراقب للحراك في الأردن تراجعا في تنظيمه وثقله عما كان عليه عام 2011، في وقت يرى فيه محللون أن الحركة الإسلامية فقدت جزء من تأثيرها بسبب ما حدث للإخوان مؤخرا في مصر عقب تجربتهم في الحكم لمدة سنة.
ويشرح علاء الدين أبو زينة الكاتب في صحيفة الغد اليومية الأردنية في حوار مع DWعربية، أن أسباب التراجع في زخم الحراك الأردني، تعود إلى ما آلت إليه الأمور في دول الربيع العربي و"ذكاء" الحكومات الأردنية في استخدام ورقة خوف المواطن من عواقب التصعيد، إلى درجة تمرير قرارات اقتصادية قاسية تطال سبل عيش المواطن الأساسية.
ويشاطر سلامة الدرعاوي، رئيس تحرير صحيفة المقر الإلكترونية في حوار مع DWعربية، رأي زميله أبو زينة حين عزا أسباب تراجع الحراك إلى طريقة "التعاطي الرسمي" معه، سواء عبر التعاون مع بعض صفوفه الفاعلة أو اختراق أخرى، ناهيك عن الأزمات الداخلية التي تعيشها فعاليات الحراك ذاتها.
ويضيف الدرعاوي أن تجربة الإخوان المسلمين في مصر كان لها "تأثير سلبي" على الإخوان في باقي البلدان ومنها الأردن تحديدا، لكنه يستدرك أن الجماعة عادة ما تلجأ في مثل هذه الأزمات إلى فترات مراجعة قد تعيدهم إلى الواجهة بأشكال جديدة، مع العمل على تحسين فاعليتهم وتنظيمهم في المجتمع. ويخلص الدرعاوي إلى القول بأن "التطرف اللفظي" سيسود في المنطق القريب لكن في نهاية المطاف "سيدخل" الإخوان إلى العملية السياسية بعد التوصل إلى "تفاهمات معينة".
تأثير أحداث مصر على إخوان الأردن
من جهته يقول الصحفي نايف المحيسن في حوار مع DWعربية، إن من أهم أسباب تراجع الحراك في الأردن "تشويه صورة الحراك في الإعلام بالتعاون مع أجهزة النظام" حسب وصفه، مضيفا أن الظرف السوري خدم مخططات أجهزة النظام في "تحجيم الحراك" عبر "زج الأردن في المعادلة السورية من خلال تغييرات ديموغرافية بإدخال أعداد كبيرة من السوريين إلى البلاد".
ويرى المحيسن أنه على الرغم من أن الإخوان المسلمين لا يستطيعون تحريك الشارع الأردني، إلا أن "ما حدث في مصر زاد من التعاطف معهم واستقطاب مناصرين جدد لهم". ويضيف أن مشكلة حركة الإخوان الحقيقية ليست بعدم القناعة فيها كحركة ولكن "عدم القناعة بقيادتها التقليدية التي لا تختلف عن القيادات التي تحرك النظام في الأردن".
في المقابل، أشار الناشط السياسي محمد بني حمدان في حوار مع DWعربية، أن الإخوان ساعدوا النظام و"تعانوا معه لشق صفوف الحراكيين الأردنيين"؛ وذلك من خلال خفض سقف المطالب و"المساومة عليها"، بهدف الحصول على "مكاسب سياسية". وحول تداعيات أحداث مصر على المشهد الأردني، يرى الناشط السياسي أن إخوان الأردن استثمروا ما يحدث في مصر لصالحهم لأقصى درجة عن طريق "استدرار العاطفة الدينية" وتصوير الخلاف السياسي بين الأطراف المصرية بأنه حرب على الإسلام. بيد أن هناك قناعة بدأت تظهر لدى الأردنيين بأن الفكر الإخواني برمته "لا يؤمن بمفهوم الوطنية"، وأنه فكر قد يؤدي للعنف في سبيل السلطة. وهو ما أدى إلى تراجع شعبيتهم عن السابق بشكل كبير خاصة وأنهم أظهروا أن مطالبهم الأيدلوجية أهم عندهم من معاناة المواطن، حسبما أفاد به محمد بني حمدان.
هل تراجعت شعبية الإخوان؟
من جهتها، تعتبر جماعة الإخوان المسلمين بالأردن أن الحراك في الأردن متواصل، ويمكن تصعيده في أي لحظة. ويأتي هذا في إطار تصريحات أدلى بها زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، في حوار مع DWعربية، الذي أكد فيه على أن الحراك في الأردن كان يمضي طوال السنوات الثلاث الماضية بين مد وجزر وصعود وهبوط. مشيرا إلى "نجاح" المسؤولين الأردنيين في توظيف الجو الإقليمي للتقليل من حدة الحراك الشعبي. بيد أنه سيبقى مستمرا ويمكن في أي لحظة أن يستأنف صعوده وصولا إلى ذروة الضغط الشعبي الذي يمكن أن يؤدي إلى إصلاح، حسب بني ارشيد.
وردا على سؤال حول مدى تأثر الحركة الإسلامية في الأردن وذراعها السياسية بتحول حركة الإخوان في مصر من حزب حاكم إلى حزب ملاحق، يقول بني ارشيد إن الحركة مستمرة في برنامجها، وأنها عندما أسست البرنامج الإصلاحي لم يكن ذلك "امتدادا لرؤى وبرامج وتصورات خارجية وإقليمية ودولية، وإنما كان استنساخ أو استحضار للضرورة الإصلاحية الملحة، نتيجة لفشل السياسات الأردنية الرسمية في إدارة شؤون البلد ووجود أزمات معقدة متشابكة اقتصادية واجتماعية وسياسية".
وينفي بني ارشيد من أن تكون الحركة الإسلامية في الأردن قد فقدت قدرتها على حشد الشارع، مشيرا إلى أن الجهة الوحيدة المخولة والمؤهلة لقول كلمة الفصل هو الشعب الذي "لم يُستشر حتى الآن"، نتيجة لغياب أي انتخابات تقوم على أسس نزيهة أو "بمعنى أدق غياب أدوات القياس الحقيقي لمعرفة أوزان التيارات السياسية في الأردن".
وفي حال القبول بتلك النظرية، وكانت الحركة الإسلامية قد فقدت بالفعل جزء من حضورها وتأثيرها وشعبيتها، يتساءل نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالأردن، "من هو الذي كسب إذا، وهل برز تيار سياسي آخر على حساب الإخوان؟".
محمد خير العناسوة ـ عمّان