آفاق عمل جديدة أمام أبناء المهاجرين في مجال رعاية المسنين
١٣ مايو ٢٠١٣يقف نجيب يعقوبي أمام السبورة ويسأل مجموعة من المسنين الأتراك عن بعض الأسماء الألمانية ومرادفاتها في اللغة التركية، وهدفه في ذلك هو تنشيط ذاكرة هؤلاء المسنين المتواجدين بدور الرعاية في حي موابيت في مدينة برلين. أغلب هؤلاء الأتراك قدموا إلى برلين قبل عقود من أجل العمل، وبسبب كبر سنهم وإصابتهم بالخرف يأتون إلى هذا المركز للعلاج.
يعقوبي لا يجد صعوبة في التحدث إلى هؤلاء المسنين باللغة التركية فهذا الشاب الأفغاني ذو 25 عاما يتحدث اللغة الأوزبيكية وهي شبيهة جدا بالتركية. يجتاز يعقوبي فترة تدريب في مركز رعاية المسنين وهذا التدريب يدخل في إطار تكوينه المهني في مدرسة باولو فريري المهنية التي تؤهله ليصبح مساعدا اجتماعيا.
أخيرا فرصة عمل
يعقوبي يحب العمل الاجتماعي خاصة مع المسنين وعن ذلك يقول:" لقد نشأت مع جدتي وكانت ترعاني بشكل جيد. وما يزال حبها لي راسخا في قلبي. علاوة على ذلك أحب العمل مع الناس بدل الجلوس أمام جهاز كومبيوتر في غرفة مغلقة".
كان يعقوبي يبلغ من العمر 14 عاما عندما هاجر إلى ألمانيا بمفرده دون عائلته، وظل لسنوات طويلة ينتظر حصوله على إقامة دائمة. والآن وبعد حصوله على فرصة التأهيل المهني التي ستفتح له أفاق العمل، أصبح على يقين بأنه سيواصل عيشه في ألمانيا.
دروس واستشارات
يبلغ عدد الدارسين في مدرسة باولو فريري المهنية 45 تلميذا تتراوح أعمارهم بين 17 و40 عاما. أغلب هؤلاء التلاميذ هم من أصول تركية وكردية وعربية وبعضهم ينحدر من كينيا والكاميرون والبرازيل. يحصل تلاميذ هذه المدرسة على تكوين شامل في رعاية المسنين والمرضى، كما يتلقون تدريبا عاما في المواد العامة مثل الألمانية والموسيقى. وكون أغلب التلاميذ تواجههم مشاكل مختلفة بسبب ظروفهم الاجتماعية فإن المدرسة لا تقتصر على تلقين الدروس المتعلقة بالرعاية الطبية والاجتماعية، بل تقدم لهم أيضا مشورات قانونية واجتماعية عن طريق أخصائيين اجتماعيين.
بدورها تدرس هامسي بايرم في مدرسة باولو فريري المهنية وهي سعيدة بحصولها على مكان في هذه المدرسة، خاصة وأنها ظلت لسنوات تبحث عن معهد يؤهلها للعمل في مجال الرعاية الصحية. وعن ذلك تقول هذه لشابة الكردية" لو كانت هذه المدرسة موجودة قبل عامين، عند حصولي على شهادة الثانوية العامة، لما ضيعت وقتا طويلا في كتابة طلبات الحصول على وظيفة كمساعدة طبية. درجاتي لم تكن جيدة جدا، لذلك وجدت صعوبة في الحصول على فرصة التكوين في إحدى المستشفيات". والآن وبفضل مدرسة باولو فريري المهنية أصبحت لدى هامسي ذات 18 عاما فرصة لتحقيق حلمها بالاشتغال في إحدى المستشفيات.
كيفية التعامل مع العنصرية
يقضي تلاميذ مدرسة باولو فرايري ثلاث دورات تدريبية في مستشفى فيفانتس في برلين. وجل الانطباعات عن أداء التلاميذ في المستشفى إيجابية، كما يقول مدير المدرسة ماركو هان. لكن ذلك لا ينفي وجود حالات غير سارة بين الفينة والأخرى " ففي بعض الحالات يبدي كبار السن المصابين بالخرف ردود أفعال غريبة وغاضبة عندما يرون متدربا إفريقيا". لذلك تحرص المدرسة على تدريس تلاميذها كيفية التعامل مع التصرفات العنصرية. فالهدف الرئيسي للمدرسة كما يقول مديرها هو " تعزيز ثقة التلاميذ في أنفسهم وحثهم على القول: لقد تعلمت شيئا جيدا وأنا هنا لمساعدة المرضى مثلي مثل زملائي الألمان وأنا أيضا لدي نفس الحق للعيش في هذا البلد".
يستغرق التكوين المهني للمساعدين الاجتماعين عامين، بعدها يمكن لهم البحث عن وظيفة أو مواصلة تكوينهم. كما يمكنهم الانتقال للتكوين ليصبحوا ممرضين ويقضون فقط عامين بدلا من ثلاثة أعوام في هذا التكوين.
وبينما لا يزال المسار المهني للشابة الكردية هامسي غير واضح، يؤكد يعقوبي على رغبته في العمل في رعاية المسنين وخاصة من المهاجرين. فخلال الدورات التدريبية التي اجتازها اكتشف يعقوبي النقص الموجود في ألمانيا في مجال الرعاية الطبية وأن أغلب الموظفين في هذا المجال هم من الإناث وعن ذلك يقول" جميل أن نرى أيضا رجالا يتولون مهمة رعاية المسنين في دور العجزة أو غيرها، فالكثير من الرجال يأتون إلى هناك ويتمنون أن تتم رعايتهم من قبل رجال مثلهم".