أحزاب جزائرية تشكك في نزاهة الانتخابات المقبلة وتطالب بضمانات
١٦ فبراير ٢٠١٢مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في العاشر من مايو المقبل، تكثف السلطة الحاكمة في الجزائر من نشاطاتها لإقناع أطراف العملية السياسية بأن جميع الضمانات والإمكانيات الكفيلة بتحقيق انتخابات نزيهة وشفافة غير مسبوقة قد اتخذت لكسر حاجز الخوف من التزوير لدى الأحزاب السياسية، وإقناع المواطنين بالذهاب لصناديق الاقتراع، في ظل وجود توقعات بارتفاع مؤشرات عزوف الناخب عن التوجه لصناديق الاقتراع.
ويحتدم الجدل بين مختلف القوى السياسية حول مدى صدق نوايا السلطة -هذه المرة- في توفير جميع الضمانات التي تساهم في تشكيل "برلمان التغيير" الذي يتطلع إليه أغلب الشعب الجزائري، ورغم تأكيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على هذه الضمانات في خطابه الأخير بمناسبة استدعاء الهيئة الناخبة، والتي وضع من خلاله الخطوط الحمراء أمام الإدارة المتهمة دوما بالتزوير لصالح حزبي السلطة، لا تزال أحزاب كثيرة ترى أنها غير كافية وتطالب بالمزيد من الإجراءات.
وقال أمحمد حديبي الناطق باسم حركة النهضة (إسلامية معارضة)، "إن أكثر ما يثير شكوكنا بشأن نزاهة الانتخابات التشريعية المقبلة هو منع الأحزاب من التواجد في لجان الإشراف القضائي، بالإضافة إلى الغموض الذي يلف النصوص المنظمة لهذه اللجنة"، ويضيف القيادي في النهضة لدي دبليو عربية "نحن لا نثق في ولاة متهمين بالتزوير يعينون القضاة المشرفين على الانتخابات في البلديات".
القضاء لا يضمن النزاهة
من جهته أعتبر موسى تواتي رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، أنه لحد الآن لا توجد ضمانات كافية لإجراء انتخابات نزيهة، وأن بقاء اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات غير معنية بمتابعة سير العملية الانتخابية وإعلان النتائج، يؤكد وجود نوايا تزوير خفية، ويؤكد تواتي لدي دبليو عربية "أن الإدارة وعلى مدى 50 سنة الماضية كانت تقوم بالتزوير، وهذا بشهادة المستفيدين من ذلك، إذ تقول أحزاب السلطة أن هذه المرة لن يكون هناك تزوير، وهو اعتراف ضمني بأن التزوير كان في المرات السابقة، وبيت لقمان لم يتغير فيه شيء حتى نطمئن لوعودهم"،
وحول الإشراف القضائي الذي يراهن عليه في تجسيد انتخابات شفافة ونزيهة قال تواتي "لا يمكن تحقيق النزاهة بمجرد منح السلطة القضائية حق الإشراف عليها لأن الجهاز القضائي لم يحقق الاستقلالية التامة وما يزال تحت نفوذ الإدارة التي توجهه وتملي عليه شروطها وأوامرها وبالتالي فإن تقارير القضاة تبقى نسبية ومشكوك في مصداقيتها".
مطالب بحكومة تكنوقراطية
في هذه الأثناء، عبرت الأحزاب السياسية المعارضة عن أسفها الشديد لعدم استجابة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لمطلبها بإقالة حكومة أحمد أويحي التي تتهمها أطراف سياسية بالتورط في عمليات تزوير في مناسبات ماضية، وترى ذات الأحزاب أن بقاء هذه الحكومة مصدر تهديد للإرادة الشعبية بوقائع التزوير بمختلف أشكاله، ويعتقد جمال بن عبد السلام رئيس حزب الجزائر الجديدة (قيد التأسيس)، أن كل الضمانات المقدمة إلى غاية الآن هي "وعود شفوية" بحاجة إلى ما يؤكدها على أرض الواقع، وقال بن عبد السلام لدي دبليو عربية "نحن نطالب بالملموس، فإذا كان الرئيس جادا في مسعاه لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، يتعين عليه قبول مطلب أغلب الأحزاب بإقالة حكومة أحمد أويحي، وتعيين "حكومة كفاءات" جديدة تشرف على الانتخابات، وتكون على نفس المسافة من جميع الأحزاب المشاركة"، ، ويعتبر فاتح الربيعي الأمين العام لحركة النهضة أن حكومة أحمد أويحيى حكومةً متحزبة وتتبعها إدارة تضم كوادر متحزبة، وببقاء هذه الحكومة تكون الظروف المحيطة بالانتخابات بعيدة عن المستوى الكفيل بتحقيق النزاهة".
تضخيم الوعاء الانتخابي مدخل للتزوير
وتزايدت تخوفات أغلب التشكيلات السياسية الجزائرية من حجم الوعاء الانتخابي الذي قدرته مصالح وزارة الداخلية، مؤخرا بحوالي 21 مليون ناخب بعد إحصاء ما لا يقل عن 4 ملايين ناخب جديد. ويؤكد عبد الغفور سعدي القيادي في جبهة العدالة والتنمية (قيد التأسيس)، أن الإعلان عن إحصاء 21 مليون ناخب سبب كاف لإثارة المخاوف والقلق بشأن مدى نزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة، قائلا في تصريحات إعلامية بأن الرقم جد ضخم وهو يعد من المداخل الأساسية للتزوير، ويصطدم مع إرادة النظام المعلنة في إقامة انتخابات نزيهة، لذلك "فإن من مصلحة السلطة إعادة القوائم الانتخابية إلى حجمها الطبيعي"، مقدرا في هذا الإطار العدد الحقيقي للوعاء الانتخابي بـ 15 مليون ناخب على الأكثر"، وهو نفس الاتهام الذي وجهه عبد المجيد مناصرة منسق مؤسسي "جبهة التغيير" للسلطة، اذ يرى مناصرة أن مابين 03 و05 مليون ناخب لا وجود لهم إلا في قوائم وزارة الداخلية، والتي تستعين بهم آلة التزوير في تغليب إرادة الجماعة الحاكمة على إرادة الشعب.
المراقبين الدوليين لن يكشفوا التزوير
وفي الوقت الذي ترى فيه الحكومة الجزائرية أن حضور المراقبين الدوليين في الانتخابات التشريعية المقبلة يشكل "ضمانات إضافية" لنزاهة وشفافية الاقتراع، يعارض قطاع من المعارضة مجيء هؤلاء المراقبين الدوليين، ويرون في وجودهم عبء على الخزينة العمومية، ولا يقدمون أي إضافة لشفافية هذه الانتخابات، ويؤكد محمد حديبي "لقد عودنا هؤلاء المراقبين بأنهم "الشاهد اللي ما شافش حاجة"، وأنهم لن يستطيعوا اكتشاف التزوير في المكاتب التي يزورونها وفق برنامج السلطة"، في ذات الوقت ترى أحزاب أخرى أن المراقبين الدوليين هم "ضمان إضافي" يجب التمسك به، والدعوة إلى أكبر عدد منهم من مختلف المنظمات الدولية والإقليمية.
ويؤكد محمد مسلم المحلل السياسي بجريدة الشروق أن تخوفات أحزاب المعارضة لها ما يبررها من ممارسات السلطة الحاكمة في جميع الانتخابات التي عرفتها البلاد، "فالأحزاب تطالب بإجراءات ملموسة وليس شيء أخر، سواءا في شكل مراسيم أو تحديد صلاحيات الإدارة أو أي إجراء أخر يشعر الأحزاب والمواطنين بالراحة على حد سواء وأنهم أمام انتخابات ليست مثل سابقاتها"، ويرى مسلم في حديثه لموقعنا أن كل ما قدم حتى الآن غير كاف، وغير مشجع للجميع أحزابا وناخبين"، فالجزائري يأس من التغيير عن طريق الصندوق فلجأ للمقاطعة كخيار وموقف سياسي".
توفيق بوقاعدة/الجزائر
مراجعة يوسف بوفيجلين