أقباط ومسلمو المهجر في ميونيخ، قصة تعايش وحلم بمستقبل مشترك
٢٢ نوفمبر ٢٠١٢كاهن الكنيسة الأب "ديسقورس الأنطوني" يخدم في ميونيخ منذ 10 سنوات، وهو يرى أن علاقة الأقباط بأشقاء الوطن من المسلمين في ميونيخ هي علاقة متميزة وجيدة للغاية، وهم يتبادلون الزيارات والحوارات لأنهم أبناء وطن واحد، لكن ما هو عدد الأقباط تحديداً في ألمانيا؟ وماذا تقدم لهم الكنيسة؟
يقول: راعي الكنيسة "إن عدد الأقباط الأورثوذكس في ألمانيا يصل إلى حوالي 8 آلاف قبطي، يعيشون في المدن الألمانية الكبري، منهم في بافاريا 400 عائلة، أما في ميونيخ وحدها فهناك 100 عائلة، يترددون جميعهم وغيرهم من مسيحيي الشرق الأوسط المهاجرين في بافاريا علي الكنيسة "، ويضيف: "لدينا كذلك كنائس قبطية قي هامبورغ وبرلين ودوسولدورف وفرانكفورت و شتوتغارت، وكل الكنائس في ألمانيا تخضع لرئاسة الأسقف العام لأقباط ألمانيا الأنبا " دميان". ووفق رأيه فإن الكنيسة بشكل عام تؤدي خدمات الصلوات، والاحتفالات بالمناسبات الروحية وإحياء المشاعر الدينية، وإقامة الأفراح والمآتم وغيرها من أمور تهم أبناء الجالية القبطية.
أقباط ومسلمو المهجر مصريون سواء
ينفي الأب "ديسقورس" أي دور سياسي للكنيسة القبطية في ميونيخ، وهو يري ـ أن ما يسمي "بأقباط المهجر" هو تصنيف غير واع ..ويضيف في هذا الصدد: "أنا ضد كلمة " أقباط المهجر" فالمهجر كلمة تنطبق علي كل المصريين الذين خرجوا إلى حيث ديار الهجرة وهذا المصطلح يمكن أن نطلقه علي كل من هم خارج مصر، فهم بغض النظر عن التمييز الديني مصريون، ويجب ألا نستخدم ذلك التقسيم الطائفي لأن ذلك يعني أن هناك أقباط مهجر ومسلمي مهجر!، وهذا التصنيف لا يجوز ، فلا ينبغي تصنيف المصريين وفق العقيدة ، فالمصريون هم كلهم أبناء وطن واحد ، ولا يجب التفريق بينهم" .
ويضيف قائلاً :" لكن هناك بعض الحقائق التي أود أن أذكرها في هذا الشأن ،وهي أن بعض الأقباط تركوا مصر وهاجروا إلى الخارج بسبب الاضطهاد ، ربما لأسباب يمكن أن نتفق أو نختلف حولها ، لكن معظمهم اختاروا الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهم ربما ما زالوا غاضبين من الظروف التي مروا بها قبل هجرتهم لذلك يستخدمون كلمة أقباط في أحاديثهم الغاضبة.
من جهته يري رئيس الجالية المصرية في ميونيخ الدكتور عز الدين متولي" أن علاقة أبناء الوطن الواحد في ميونيخ لا تنفصل ولا تنفصم، فهم أشقاء يجمعهم وطن واحد يعيشون علي ارضه وتحت سمائه وهم كذلك في بلاد الهجرة بغض النظر عن العقيدة أو الانتماء السياسي"، وهو يري كذلك أن أي سؤال يطرح في هذا الصدد عن شكل العلاقة بين الأقباط والمسلمين هو سؤال غير دقيق ، فكيف يكون ذلك ونحن أبناء وطن واحد ،ففي كل الأحوال لا يجوز التفريق بيننا .
ومن جهته يقول: الدكتور" أحمد خليفة" رئيس المركز الإسلامي في ميونيخ ـ انه يقدم التهنئة للكنيسة في المناسبات ،وأنه قد نشأ في مصر في بيئة متسامحة للغاية حتي أن صديقة الأقرب إلى قلبه في المدرسة الابتدائية كان مسيحيا واسمه صابر صبحي خليل. ويقول "كنا لا نفترق، ولم تعرف أمي انه مسيحي إلا بعد سنوات طويلة من صداقتنا ،كنا نلعب سوياً ولم يكن أحد يستطيع التفريق بيننا علي الإطلاق ونحن هنا في ميونيخ ما زلنا متمسكين بهذه الروح".
"علاقة المسلمين بالأقباط لم تتأثر بتداعيات فيلم "براءة المسلمين"
تداعيات فيلم براءة المسلمين يبدو أنها لم تلق بظلالها على علاقة الأقباط والمسلمين في ميونيخ. ويقول رئيس الجالية المصرية "إننا لم نقع في شرك هذا الفخ، ولم تتأثر علاقتنا بإخوتنا الأقباط بالنظر إلى أننا اعتدنا علي مثل هذه الفتن وأريد أن أؤكد علي أننا لا نلقي بالا إلى مثل هذه التفاهات". كذلك لا يوافق راعي الكنيسة القبطية ديسقورس علي نفس الفيلم بل وعلي بعض نشاطات أقباط المهجر، خاصة التي تسئ إلى العلاقة مع أشقاء الوطن من المسلمين.
ويقولراعي الكنيسة القبطية :"إن الفيلم عمل مشين" ويضيف " للأسف من قاموا به أقحموا أسم الأقباط في القصة دون مبرر ، وهو يري كذلك أن من يجب أن يتحدث باسم الأقباط يجب أن يكون كاهن أو أسقف ، لكن الذين يصرون علي الحديث عليهم إذن التحدث بصفتهم الشخصية وعن انفسهم فقط ، وليس باسم كل الأقباط ،وفي نفس السياق يضيف :إن الذين يسيئون إلى الآخرين باسم الدين هم في الواقع ليسوا متدينين بشكل صحيح".
أما عن حرية التعبير التي برر بها البعض ظهور الفيلم فيقول:" إن الفيلم إساءة صريحة للحرية، لقد رددت علي أحد الصحفيين الغربيين الذي سألني عن هذا الفيلم، وقلت له إن الحرية عندكم محدودة!! فقال: كيف؟ فأجبت ـ هل تستطيع أن تقود سيارتك والإشارة حمراء؟ قال: لا، قلت له إذن هي حرية محدودة لأنك إذا فعلت ذلك فلابد أنك ستتعرض للعقاب، فالحرية يمكن دائما أن تستخدمها بشكل صحيح طالما لا تسئ للآخرين.
تعايش الأقباط والمسلمين في ميونيخ هل يشكل نموذجا لبلدهم؟
حسن إسماعيل المهاجر المصري في ميونيخ يلعب دورا في تجميع المصريين معا سواء كانوا مسيحيين أو مسلميين، ففي عيد الأضحى الماضي أقام احتفالا دُعي إليه لفيف من المصريين المهاجرين وضمنهم عدد من الأقباط وعلي رأسهم الأب ديسقورس الذي لبي الدعوة واندمج المصريون معا مسيحين ومسلمين في عيد الأضحي، العيد الأكبر عن المسلمين. عن ذلك يقول حسن إسماعيل إن"السياسة اللعينة ومصالح الحكام هي التي تشعل الفتن في الوطن، إننا نسيج واحد ولابد أن يكون التعامل بيننا علي أساس المواطنة التي تعلي قيمة الحقوق والواجبات"، ويري كذلك انه لابد أن يحرم الدستور القادم التفرقة بين المسلم والمسيحي، ويجب ألا تعرف المواطنة علي أنها فضيلة أو قيمة أخلاقية بل هي حق وواجب.
في هذا الإطار يري الأب" ديسقورس" أن الفتن التي تتكرر بين المسلمين والمسيحين لن تؤدي بحال إلى تقدم الوطن ويقول:" إن حرق دور العبادة بين المسلمين والمسيحين أو الإساءة لمعتقداتهم هما من أخطر الأشياء التي تولد الفتن ،خاصة وان الشئ الوحيد الذي يثير حفيظة كل المصريين هو العبث بمعتقداتهم الدينية ،لأنهم من أكثر شعوب الأرض تديناـ فمثلاً في تاريخنا القديم اهتم قدماء المصريين بشيئين فقط هما المعبد والمقبرة..لذلك إذا أردت أن تزعج المصريين وتوقع الفتنة بينهم احرق كنيسة أو مسجد" ،ويستطرد قائلاً: إذا تم تخطي هذه العقبة يمكن لنا إذن أن نتجه إلى إصلاح البلد وتخليصها من مشاكلها المتعددة لاسيما مشكلة الفقر.