استطلاع لسكان الحسكة والرقة: حكم "داعش" ولا عودة نظام الأسد!
١١ نوفمبر ٢٠١٩كان قرار انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من قواعدها العسكرية في مناطق شمالي سوريا قد أثار غضب الأوساط الكردية. وقد اتهمت الأخيرة إدارة ترامب بترك الأكراد لمصائرهم في مواجهة تركيا خلال العملية العسكرية "منبع السلام"، إلا أن استطلاع جديد للرأي قدم رؤية أخرى بين سكان الحسكة والرقة عن التدخل العسكري التركي عمّا هو متوقع.
إذ أشارت دراسة جديدة نشرتها مؤخراً مؤسسة "غالوب اتنرناشيونال" إلى أن أغلبية السوريين في جميع أنحاء الرقة والحسكة يظهرون تأييداً لتدخل تركيا عسكرياً في مناطقهم، مؤكدين أنه يبقى أهون الخيارات مقارنة بالرئيس السوري بشار الأسد أو العودة إلى الوقوع تحت سيطرة تنظيم "داعش".
يُذكر أن مؤسسة "غالوب اتنرناشيونال" دأبت على استطلاع الرأي العام في سوريا منذ إندلاع الحرب الأهلية عام 2012.
من يؤيد انسحاب القوات الأمريكية؟
وفي استطلاع الرأي الجديد قام ممثلو المؤسسة بمقابلة عينة مكونة من 600 شخص في مناطق الحسكة والرقة، و100 كرديّ فروا بعد التدخل العسكري التركي، في محاولة لتسليط الضوء على رد فعل سكان منطقتي الحسكة والرقة على التدخل التركي فيهما.
وكانت النتائج التي توصلت لها المؤسسة البحثية، متفاوتة بين الأكراد والعرب بشكل عام، إذ أشارت البيانات إلى أنه في الأوساط العربية التي تشكّل غالبية السكان، فإن ثلاثة من بين كل خمسة أشخاص، أي 58 بالمائة، يؤيدون قرار الرئيس الأمريكي ترامب بالانسحاب.
أما الأكراد فقد كانوا أقل حماساً لهذه الخطوة، إذ عارضها ما يقارب من 67 بالمائة، فيما أيدها نحو 33 بالمائة. ويعود ذلك بشكل أساس إلى الخشية من عودة "داعش" للسيطرة على هذه المناطق بعد أن قام الأكراد بدور كبير في محاربتهم بمنطقتي الحسكة والرقة.
انقسام عميق بين الأكراد
في حين سلطت عملية "نبع السلام" مرة أخرى الضوء على الصراع التركي الكردي على خلفية أنها تهدف بشكل أساس إلى احتواء النفوذ الكردي في الشمال السوري، فإن نتائج الاستطلاع أظهرت تأييداً للتدخل التركي، فما يقارب 57 بالمائة من شملهم الاستطلاع دعموا الوجود التركي هناك.
وبينما كان 64 بالمائة من العرب يؤيدون هذا التدخل، فإن 23 بالمائة من الأكراد فقط يوافقونهم الرأي، في حين عارضه نحو 77 بالمائة منهم.
وقد وجدت المؤسسة أن الاختلاف الكردي حول التدخل التركي يعود إلى الانقسام العميق بين الأكراد، وذلك استناداً إلى الاختلاف الأيديولوجي مع حزب الاتحاد الديموقراطي، أحد فروع حزب العمال الكردستاني المتشدد، إذ يعيش العديد من أصحاب هذا الرأي حالياً حياة التشرد وينتظرون نجاح العملية التركية ليتمكنوا من العودة إلى ديارهم بسلام.
الجزء الآخر يتعلق بعدد من الشباب الكرد، ممن هربوا إلى تركيا، بعد أن رفضوا التجنيد لمصلحة قوات سوريا الديموقراطية وحزب الاتحاد الديموقراطي. إذ يرون أن العملية التركية مصممة للقضاء على هذين الحزبين. وفي ذات الوقت لا يوافقون على عودة المنطقة لسيطرة النظام السوري خوفاً من قيامه بإعادة تجنيدهم، وبهذا فهم يرون أن التدخل التركي هو أفضل الطرق وأكثرها سلمية لتجنب المشاركة بأعمال العنف.
فيما أوردت الدراسة أن العديد من الأكراد ممن انضموا لحركة الاحتجاجات في سوريا منذ بدايتها ينظرون إلى حزب الاتحاد الديموقراطي على أنه متعاون مع الأسد، لكونه – بناء على اتهاماتهم- قد سلّم العديد من الناشطين للنظام، وعليه فهم يجدون أن الحزب أقرب للنظام السوري من تركيا.
"تركيا تمارس دوراً إيجابياً"
خلال السنوات الأخيرة أظهر الرأي العام في سوريا توجهاً يعتبر تركيا الدولة الوحيدة ذات التأثير الإيجابي على الشؤون الداخلية السورية، باعتبارها "القوة الوحيدة" التي تستطيع الوقوف في وجه الأسد.
فقد أظهر الاستطلاع أن 55 بالمائة من المشاركين يعتقدون أن تركيا تتمتع بنفوذ إيجابي في المنطقة مقارنة بالتحالف الدولي لمحاربة "داعش" بعد أن حصل على 24 بالمائة، فيما حصلت كل من روسيا على 14 بالمائة والولايات المتحدة على 10 بالمائة وإيران على 6 بالمائة فقط.
نتائج المسح لم تشر إلى التأييد الذي حصلت عليه تركيا فقط، بل إلى تخوفات من فوز الأسد، إذ قال ثلاثة من بين كل أربعة أشخاص (69%) إلى أنهم يؤيدون "استخدام العنف للدفاع" عن حقوقهم، إن تمكن الأسد من فرض سيطرته على مناطق أكبر في المحافظتين.
لكن البيانات الأكثر أهمية، كما يشير الباحثون، فهو اتفاق 57 بالمائة من السكان على أنهم يفضلون "العيش تحت سيطرة داعش بدلاً من سيطرة الأسد"، فيما رأى 62 بالمائة أنه "من المحتمل جداً" أن تزيد "داعش" من سيطرتها على المنطقة مرة أخرى في الأشهر القادمة، مما يعني أن "هزيمة" داعش كانت عسكرية أكثر مما هي أيدولوجية، كما يرجح التقرير.