التحفظ الدولي تجاه حماس يلقي بظلاله على زيارة عباس لأوروبا
١٣ مارس ٢٠٠٦تعد هذه الزيارة الأولى للرئيس الفلسطيني إلى دول أوروبية بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، ويقع عباس الآن في مأزق سياسي صعب فمن جهة عليه أن يطمئن المجتمع الدولي على استمرار سياسة الحوار الفلسطينية مع إسرائيل مع أن الأخيرة لم تجر مباحثات مباشرة مع الرئيس الفلسطيني منذ أشهر لأسباب كثيرة منها انشغال الحكومة الإسرائيلية بالانسحاب من قطاع غزة وبمشاكل داخلية بعد خروج رئيس الوزراء ارييل شارون الراقد في غيبوبة منذ أكثر من شهرين، وتأسيسه حزب كاديما الجديد للمشاركة في الانتخابات الإسرائيلية القادمة في مارس /آذار الجاري. وبالإضافة إلى ذلك فإن غياب الثقة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني من جهة أخرى لم يمكن عباس من إقناع أو إجبار حماس أو إقناعها بالتخلي عن سياستها الرافضة للاعتراف بدولة إسرائيل، بل طلب إعطاءها بعض الوقت للتفكير في جدوى مواقفها السياسية الحالية. ومن المقرر أن يجري محمود عباس أولى مباحثاته مع القادة النمساويين في فيينا التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد وبعد ذلك سيزور ستراسبورغ وينتقل في محطته الأخيرة إلى بروكسل للالتقاء بممثلي المفوضية الأوروبية لبحث الخطوات القادمة وخاصة اذا ما انتهت حماس من تشكيل الحكومة الفلسطينية المقبلة.
عباس الشريك الوحيد للأوروبيين الآن
بعد فوز حماس بالأغلبية المطلقة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في مطلع هذا العام أعلنت معظم الدول الممولة للسلطة الفلسطينية نيتها في إعادة النظر في المساعدات المالية للسلطة، لأنها لا تريد أن تصل هذه المساعدات إلى أيدي حركة حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي حركة إرهابية. ووضعت هذه الدول شروط لمواصلة دعم السلطة الفلسطينية مالياً منها تخلي حركة حماس عن العنف والاعتراف بحق إسرائيل بالوجود، إضافة إلى القبول بكل الاتفاقات المبرمة بين السلطة وإسرائيل. لكن حماس لا تريد التخلي عن سياستها الحالية وتعتبر أن لكل حكومة فلسطينية جديدة الحق في إعادة النظر في القرارات والاتفاقات التي أقرتها الحكومة السابقة. من جهتها تبحث دول الاتحاد الأوروبي عن طريقة جديدة لدعم الفلسطينيين، ليس عن طريق الحكومة الفلسطينية المقبلة كي لا تصل الأموال إلى حركة حماس حسبما أكدت المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر في سالتزبورغ خلال اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين يوم الجمعة الماضي. وفي هذا السياق قال المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد خافيير سولانا إن على الأوروبيين إيجاد الوسائل المناسبة لمساعدة الشعب الفلسطيني وهذا ما سيكون الموضوع الرئيسي في المباحثات بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والأوروبيين.
حماس والدعم الخارجي للسلطة الفلسطينية
على الرغم من تأكيد حركة حماس أكثر من مرة على قدرتها على تجاوز قطع المساعدات المالية الأوروبية من خلال معونات من دول عربية وإسلامية إلا أن قادة الحركة الإسلامية يعرفون أهمية الدعم الأوروبي. ولذا طلبوا في الوقت ذاته من الاتحاد الأوروبي مواصلة دعمهم للفلسطينيين. وفي القوت نفسه يدرك الأوروبيون أن قطع المعونات عن السلطة الفلسطينية سيؤدي إلى كارثة ذات عواقب غير معروفة إنسانية في المناطق الفلسطينية.
وفي هذا السياق تجمع غالبية المراقبون أن معاقبة الشعب الفلسطيني ستزيد من التطرف في الشارع الفلسطيني وهو ما سيرفع بالتأكيد من شعبية حركة حماس. ومن خلال هذه الرؤية ومن ضرورة سد احتياجات الفلسطينيين الماسة أقر الاتحاد الأوروبي في أواخر شهر فبراير/شباط الماضي منح الحكومة الفلسطينية الانتقالية مبلغ 120 مليون يورو، وهو ما يقدر بربع الميزانية السنوية للسلطة الفلسطينية، وذلك من أجل تغطية التكاليف الإدارية ودفع رواتب الموظفين.
جدير بالذكر أن الإتحاد الأوروبي يمارس ضغوطاً شديدة على حركة المقاومة الإسلامية التي وصلت إلى سدة السلطة عن طريق انتخابات ديمقراطية. لكن محاولاتهم لا تزال مجهولة النتائج، ولذا يتساءل المراقبون فيما إذا كانت السياسة الأوروبية تجاه السلطة الفلسطينية وحكومتها المقبلة ستؤول إلى النجاح وإذا ما سيؤدي ذلك إلى إقناع قادة حركة حماس المتشددة بضرورة تغيير سياستهم بعد انخراطهم بالعمل السياسي على الساحة الدولية.