الجزائر ـ هل تؤسس التعديلات لتغيير سياسي أم توطد سلطة الجيش؟
١ نوفمبر ٢٠٢٠أظهرت أرقام الإقبال الأولية في الاستفتاء على التعديلات الدستورية بالجزائر اليوم الأحد (الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2020) ضعف المشاركة فيما يبدو على الرغم من جهود الحكومة لحشد المواطنين لدعم تعديلات مقترحة على الدستور، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
وسجل إقبال ضعيف للجزائريين، وفق ما لاحظ وكالة فرانس برس من مراكز الاقتراع. ففي العاصمة حيث اعتاد الناخبون أن لا يتنقلوا في الصباح الباكر للتصويت، بدت مكاتب التصويت خالية. وفي مركز اقتراع بشارع باستور وسط العاصمة، لم يصوت حتى الساعة العاشرة سوى ستة أشخاص من أصل 249 ناخباً مسجلاً.
وقال شهود لرويترز إن مراكز الاقتراع كانت أكثر هدوءأ على ما يبدو في العاصمة وفي منطقة القبائل، وهي معقل دعم "للحراك" الشعبي وكانت مركز التمرد الإسلامي في التسعينات، حيث أغلق متظاهرون مراكزاقتراع.
وفي مركز تصويت في بوشاوي بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية صوّتت زوجة الرئيس عبد المجيد تبون، فاطمة الزهراء تبون نيابة عن زوجها (74 عاماً) الذي يخضع لـ"فحوصات طبية متعمقة" في ألمانيا بعد أنباء عن الاشتباه بإصابة محيطين به بمرض كوفيد-19.
وأعلن محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت في الساعة 17,00 (16,00 ت غ) 18,44 بالمئة.
ولم يعلن تفاصيل التصويت بحسب كل ولاية لمعرفة اتجاهات التصويت. وأفاد ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن وقوع أعمال شغب وتكسير لصناديق الاقتراع ليل السبت الأحد، في منطقة القبائل المعروفة بعزوفها الانتخابي.
وبسبب الوباء يتم تطبيق إجراءات صارمة، من تحديد عدد الذين يدخلون إلى مركز الاقتراع بشخصين أو ثلاثة في وقت واحد والالتزام بوضع الكمامات. وألغيت الستائر في مقصورات الاقتراع لمنع لمسها من قبل الناخبين.
"جزائر جديدة" أم مجرد "تغيير في الواجهة"
والرهان الوحيد في هذا التصويت هو نسبة المشاركة. ويعتقد متابعون للشأن الجزائري بفوز المعسكر المريد للتعديلات الدستورية نظراً لأن للحملة التي سبقت الاستفتاء، كانت في اتجاه واحد، لم يبال بها جزء كبير من السكان بينما لم يتمكن أنصار التصويت بـ "لا" من تنظيم تجمّعات.
والدّاعون إلى التصويت بـ "نعم" هم أعضاء الحكومة وأحزاب الائتلاف الحاكم سابقاً، مثل حزب جبهة التحرير الوطني - حزب الرئيس بوتفليقة الذي أُطيح من السلطة في نيسان/ أبريل 2019 تحت ضغط مزدوج من الحراك وقيادة الجيش- ووسائل الإعلام المملوكة للدولة.
في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية مساء السبت، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إنّ "الشعب الجزائري سيكون مرّةً أخرى على موعد مع التاريخ من أجل التغيير الحقيقي المنشود (...) من خلال الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، من أجل التأسيس لعهد جديد يُحقّق آمال الأمّة وتطلّعات شعبنا الكريم إلى دولة قويّة عصريّة وديموقراطيّة".
ومنذ أدائه اليمين رئيساً للبلاد في 19 كانون الأوّل/ ديسمبر 2019، بعد أسبوع من انتخابات شهدت نسبة امتناع قياسيّة عن التصويت، تعهّد تبون بتعديل دستور 1996 من خلال مَدّ يده إلى "الحراك المبارك".
لكنّ ناشطي الحركة الاحتجاجيّة رفضوا النصّ المقترح "شكلًا ومضمونًا" لأنّه لا يمثّل سوى "تغيير في الواجهة"، في حين أنّ الشارع طالب بـ "تغيير النظام"، لذلك دعوا إلى مقاطعة الاستفتاء.
وبحسب المحلّل السياسي حسني عبيدي، المتخصّص في شؤون العالم العربي، يواجه تبون "وضعاً معقّداً" بسبب نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات الرئاسيّة التي جاءت به. وقال عبيدي: "حتّى لو حاول الحصول على الشرعيّة من خلال صندوق الاقتراع، فإنّ مساحة المناورة لديه محدودة"، لأنّ الجيش "تعلّم الدروس" من رئاسة عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019) الذي حرّر نفسه من وصايته، مشيراً إلى أنّه أصبح مرّة أخرى "الممسك الحقيقي" بزمام السلطة.
وبالنسبة إلى لويزة آيت حمدوش، أستاذة العلوم السياسيّة في جامعة الجزائر، فإنّ الحكم على قوّة الحراك سيكون من خلال نسبة الامتناع عن التصويت واستمرار طبيعته السلميّة. وأشارت إلى أنّ "الاستفتاء لا يمثّل أيّ رهان من حيث التغيير السياسي وتغيير أسلوب الحكم" لكنّه "يمثّل رهاناً كبيراً في ما يتعلّق بتوطيد السلطة، بالاعتماد في المقام الأوّل على نسبة المشاركة".
ويمنح الدستور الجديد الجيش سلطات للتدخل خارج حدود الجزائر في الوقت الذي يشعر فيه العسكريون بالقلق إزاء التدهور الأمني في كل من ليبيا ومالي.
ع.ج.م/ع.غ ( أ ف ب، رويترز)