الدولة الفلسطينية ـ بين الطريق الأممي والعودة إلى المفاوضات
٢٤ سبتمبر ٢٠١١بعد تقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الجمعة (23 سبتمبر/ أيلول 2011) بطلب رسمي إلى الأمم المتحدة لقبول فلسطين كعضو كامل العضوية في المنظمة الدولية، يرى بعض المراقبين بأن الكرة أصبحت الآن في الملعب الإسرائيلي والأمريكي، إذ إن استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لإفشال الطلب الفلسطيني سيظهرها على أنها أصبحت وسيطاً غير نزيه في عملية السلام، وسيفقد إدارة الرئيس باراك أوباما جزءاً كبيراً من المصداقية التي اكتسبها في العالم العربي، خاصة بعد الخطابين الذين ألقاهما في القاهرة وإسطنبول.
الملف الفلسطيني في الأمم المتحدة حل ضيفاً على برنامج "نادي الصحافة"، الذي تقدمه قناة "دويتشه فيله عربية" في إطار سلسلة برامجها الحوارية تحت عنوان "زمن التغيير". وفي إطار البرنامج اعتبرت رئيسة تحرير مجلة "السياسة الدولية" الألمانية، زلكة تيمبل، أن الفلسطينيين والعرب لم يفهموا الوضع بشكل جيد، وأنهم تجاهلوا في البداية قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947، الذي ينص على إقامة دولتين للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية.
جدوى الذهاب إلى الأمم المتحدة؟
وتساءلت تيمبل عن كون المسعى الفلسطيني لإقامة دولتهم عبر الأمم المتحدة هو الوسيلة المناسبة لذلك، ورأت أن هذا الطريق قد يزيد من الصعوبات التي يواجهها الساسة الفلسطينيون على طريق الدولة المستقلة، لاسيما بالنظر إلى أن المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لم تؤد ، حسب الصحفية الألمانية ـ إلى أي شيء على الجانبين، كما أن الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو هي الطرف الأقوى.
إلا أن الصحفي أحمد المصري، رئيس تحرير موقع جريدة "القدس العربي" الإلكتروني ومحرر الشؤون الخليجية والدولية فيها، اعتبر أن المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني المستمرة منذ خمسة عشر عاماً لم تثمر عن أي شيء بالنسبة للفلسطينيين، متهماً إسرائيل بالاستمرار في بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية "والتعنت في المفاوضات لمحاولة خلق واقع جديد على الأرض". ورأى المصري أن توجه الرئيس عباس إلى الأمم المتحدة رغم الضغوط الأمريكية يزيد من مصداقيته أمام الشعب الفلسطيني.
ومن جانبها ذكَّرت الصحفية الألمانية زلكة تيمبل بما نشرته قناة الجزيرة الإخبارية نقلاً عن وثائق سربها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني، والتي أشارت إلى أن اتفاقاً لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بين محمود عباس ورئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت كان على وشك إبصار النور، لولا أن أولمرت كان وقتها يخضع للتحقيق بتهم تتعلق بالفساد، أدت في نهاية الأمر إلى استقالته. وتابعت تيمبل بالقول إن الفلسطينيين تمكنوا، في فترة رئاسة سلام فياض للحكومة، من بناء مؤسسات دولة فاعلة، معتبرة أن هذا يؤهلهم لإقامة دولة مستقلة في حال رجوعهم إلى طاولة المفاوضات.
"الفلسطينيون يطالبون بحق شرعي"
أما أحمد المصري فاعتبر أن تأكيد تيمبل على وجود مؤسسات دولة فاعلة في الأراضي الفلسطينية يعني أن الفلسطينيين باتوا مستعدين لإقامة الدولة، لاسيما في ظل الرفض الإسرائيلي التام من قبل حكومة نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان. وطالب المصري الحكومة الألمانية بتقديم دعم سياسي على الأقل للمسعى الفلسطيني، الذي يأتي تطبيقاً لقرارات الأمم المتحدة، كما دعمت قرار الأمم المتحدة في أفغانستان بإرسال جيشها إلى هناك.
وأكد الصحفي في جريدة "القدس العربي" أن توجه عباس إلى الأمم المتحدة يأتي تماشياً مع السياسة الأمريكية وتطبيقاً لرؤية إدارة أوباما، الذي أعلن صراحة في خطابه في القاهرة عن أمله في أن تبصر دولة فلسطينية مستقلة النور في سبتمبر/ أيلول من العام الحالي، واعتبر أن ما يطالب به الفلسطينيون تقر لهم به قرارات الأمم المتحدة، مؤكدا أن ما يسعون إليه هو "مطلب شرعي يخدم مصالح الفلسطينيين ومصالح الغرب أيضاً، من خلال تقديمه خياراً لإنهاء الصراع في المنطقة بشكل ما أو بآخر".
ياسر أبو معيلق
مراجعة: عبده جميل المخلافي