"الشيعة يحبون عراقهم ويسعون إلى انتخاب حكومة تحترم حقوق الانسان"
تتجه انظار العالم الى بلاد الرافدين، الى العراق، حيث ستجري أول انتخابات حرة من أجل اختيار حكومة انتقالية لمدة عام. وتتزين شوارع العراق في هذه الايام بالدعايات الانتخابية لهذا الحزب أو ذاك الائتلاف. وبمقاطعة حزب الدعوة الاسلامي، أكبر الاحزاب السنية العربية لهذه الانتخابات تكون الساحة قد خلت للأحزاب الشيعية.
قٌائمة رئيس الوزراء الحالي اياد علاوي تبدو في نظر الكثير من المراقبين القائمة الأوفر حظا للفوز باغلبة الاصوات، الا أن قائمة الائتلاف الموحد التي يدعمها آية الله السيستاني تعتبر من أشد المنافسين على الفوز في الانتخابات التي ستجري يوم الاحد القادم 30 يناير/كانون الثاني. في المحصلة سيكون هناك فوز شيعي لا محالة. ماذا يعني ذلك في الخارطة السياسية والطائفية العراقية؟ هل يمكن أن ينشأ نظام ديني في العراق على غرار نظام الحكم في ايران؟ للوقوف على هذه القضايا أجرت إذاعة دويتشة فيلله المقابلة التالية مع الدكتور جواد الغانب، الخبير في الشؤون الشيعية وسألته عما يلي:
دويشه فيلله: هناك مخاوف من احتمال فوز قائمة الإئتلاف الموحد في الانتخابات العراقية المقبلة، الأمر الذي قد يترتب عليه تكرار التجربة الإيرانية في العراق.
الدكتور غانم جواد: في واقع الحال أن فوز قائمة الإئتلاف الموحد مضخم به في وسائل الاعلام ويراد منه عكس صورة سلبية عن المسلمين الشيعة والعودة مرة ثانية إلى بداية حقبة الثمانينات بإعتبار الشيعة أنهم ارهابيون ويريدون تشكيل الدولة الدينية. أؤكد لك قطعا أنه لن تكون هناك دولة دينية. لا قائمة الائتلاف تستطيع القيام بذلك ولا قائمة أخرى. الشيعة العراقيون هم أناس يحبون عراقهم ويسعون إلى عراق ديمقراطي وتعددي ودستوري، إلى عراق ديمقراطي يحترم حقوق الانسان لأنهم هم الذين كانوا ضحايا النظام الديكتاتوري السابق. وقد استفادوا من تجربة فشل التجربة الإيرانية والحكم الديني الذي أقيم في عدد من البلدان العربية وليس فقط في إيران وحدها.
دويشه فيلله: دكتور جواد، هناك مخاوف أيضا من تدخل السيستاني في الانتخابات ومن تأييده الصريح لقائمة الائتلاف الموحد والقائمة الشيعية.
الدكتور غانم جواد: أؤكد لك على أن التأييد الذي أعطاه سماحة السيد السيستاني، بل انني أستطيع أن أجزم استنادا على ما سمعته من مكتب السيستاني وأشخاص مقربين جدا منه على أن المهمة الرئيسية والسبب الرئيسي في تدخله في الانتخابات هو كتابة الدستور وليس التدخل في تعيين رئيس الوزراء أو الوزراء. كما أنه يركز على الاستراتيجيات العامة دون التدخل في الانتخابات من الناحية السياسية أو التدخل في تعيين شخص أو عدم تعيينه.
دويشه فيلله: آية الله حسين منتظري، الشخصية الدينية المعرفة في إيران، حذر رجال الدين من التدخل في السياسية وإعادة التجربة الإيرانية في لعراق.
الدكتور غانم جواد: في الحقيقة أنني مسرور جدا لما تفضل به آية الله منتظري ولقيامه بتقديم هذه النصيحة الثمينة. هذه النصيحة نابعة من تجربة واقعية. كما أريد أن أطمئن الجميع بأن معظم علماء الدين لا يحبذون التدخل في المشروع السياسي. بعد سقوط النظام العراقي، طلب السيستاني من مؤيديه وعلماء الدين ألا يتدخلوا في السياسة وألا يتقلدوا منصب إداري. وهذا ما يقوم به السيد السيستاني لغاية الآن.
دويشه فيلله: هناك من يقول أن إيران حاضرة بقوة في قائمة الائتلاف العراقي الموحد وإن أية الله الخميني قبل وصوله إلى الحكم في إيران كان يقول دائما أنه لن يتدخل في السياسة ولكن حصل في إيران ما حصل.
الدكتور غانم جواد: ما تفضلت به صحيح وواضح. ولكن التدخل الإيراني يأتي عبر بوابات متعددة. إيران تبحث عن نفوذ كبير في السلطة العراقية الجديدة، فهي المستفيد الأول من التغيير الذي حصل في العراق. التدخل الذي قصدته هو التدخل المباشر في العمل السياسي. السيد السيستاني يتناقض مع فكر ولاية الفقيه المطلقة، فهو من مدرسة الخوئي الذي يفصل بين مسألتي الدين والحكم. الخوئي يعتقد أن الفقيه لا يملك صلاحيات الإمام أو النبي لإدارة شؤون الدولة. كما أنه يبتعد عن هذا ابتعاد كلي. السيستاني ومدرسة الخوئي بجميع علمائها لا تؤمن بولاية الفقيه بإقامة الحكم الديني في لعراق.
أجرى المقابلة: أحمد حسو/ إذاعة دويتشه فيلله