العراق يتجه لإنهاء وجود القواعد التركية على أراضيه
٢ أكتوبر ٢٠١٢دعت الحكومة العراقية البرلمان الثلاثاء (02 اكتوبر تشرين الأول) إلى "إلغاء أو عدم تمديد" أي اتفاقية تسمح بوجود قواعد أجنبية على الأراضي العراقية، في خطوة أكد مسؤول حكومي أنها تستهدف القواعد التركية في شمال البلاد. وذكر بيان حكومي تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه أن مجلس الوزراء "قرر رفع توصية إلى مجلس النواب بإلغاء أو عدم تمديد أي اتفاقية مبرمة سابقة مع أي دولة أجنبية تسمح بوجود القوات والقواعد العسكرية الأجنبية على الأراضي العراقية".
وأوضح مسؤول حكومي رفيع المستوى لفرانس برس أن "الاتفاقية المقصودة تستهدف اتفاقية ابرمها صدام حسين عام 1995 تسمح للقوات التركية بأن تتواجد في مناطق شمال العراق لمطاردة حزب العمال الكردستاني" الانفصالي. وكان نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي أعلن في شباط/ فبراير العام 2008 أن "وجود قواعد تركية جاء بالتنسيق مع السلطات الكردية عام 1997".
وتملك تركيا قاعدة عسكرية كبيرة في بامرني (45 كلم شمال دهوك) في محافظة دهوك بإقليم كردستان منذ 1997 وتحديداً في موقع مدرج قديم كان يستخدمه الرئيس السابق صدام حسين لزيارة قصوره في مناطق سياحية قريبة. وتملك تركيا أيضاً ثلاث قواعد أخرى صغيرة في غيريلوك (40 كلم شمال العمادية) وكانيماسي (115 شمال دهوك) وسيرسي (30 كلم شمال زاخو) على الحدود العراقية التركية. وهذه القواعد ثابتة وينتشر فيها جنود أتراك على مدار السنة.
بغداد تستنكر
من جانب آخر اعتبرت الحكومة العراقية اليوم الثلاثاء أن مشروع قرار مجلس النواب التركي بتمديد السماح للقوات التركية بتجاوز الحدود العراقية لملاحقة حزب العمال الكردستاني بأنه يعد "تجاوزاً وانتهاكاً لسيادة العراق وأمنه". وقال علي الدباغ الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، في بيان صحفي، إن "مجلس الوزراء ناقش في جلسته الاعتيادية اليوم مشروع قرار مجلس النواب التركي بتمديد السماح للقوات التركية بتجاوز الحدود العراقية لملاحقة حزب العمال الكردستاني مما يشكل تجاوزاً وانتهاكاً لسيادة العراق وأمنه". وأضاف: "إذ يستنكر مجلس الوزراء هذا القرار الذي يتناقض مع مبدأ حسن الجوار والرغبة في علاقات طيبة بين البلدين، فإنه يرفض وجود أي قواعد أو قوات عسكرية أجنبية على الأراضي العراقية ويرفض دخول أي قوات أجنبية عسكرية إلى الأراضي العراقية بحجة مطاردة المتمردين والتوصية لمجلس النواب بإلغاء أو عدم تمديد أي اتفاقية مبرمة سابقة مع أي دولة أجنبية بهذا الخصوص".
اتفاقية كردية - تركية
من جانبها تؤكد السلطات الكردية في إقليم كردستان العراق أنها سمحت بإقامة هذه القواعد بحسب اتفاقية بينها وبين الحكومة التركية نصت على أن تكون تحركات الجنود الأتراك بعلمها، وكان نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي قد أعلن في شباط/ فبراير 2008 أن "وجود قواعد تركية جاء بالتنسيق مع السلطات الكردية عام 1997". وجاءت تصريحات بارزاني حينها بعدما خرج جنود القواعد التركية الموجودة في إقليم كردستان من قواعدهم بدباباتهم بدون أخذ موافقة السلطات الكردية للتوجه إلى مناطق أخرى، ما دفع مقاتلي البيشمركة الأكراد إلى التصدي لهم وإجبارهم على العودة. وتشن الطائرات الحربية التركية غارات متكررة لاستهداف معاقل حزب العمال الكردي الكردستاني في شمال العراق، كما نفذت القوات التركية عدة عمليات توغل في الأراضي العراق لملاحقة الانفصاليين الأكراد.
وقدم حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة رسميا الى البرلمان التركي مذكرة ستتم مناقشتها كاولوية اثناء الدورة الجديدة، كما افاد مصدر برلماني. واوضح المصدر نفسه ان الموافقة على النص متوقعة اعتبارا من الخميس. ويوافق البرلمان التركي بانتظام منذ 2007 على هذه المذكرات الحكومية التي تتيح للجيش التركي قصف مخابىء حزب العمال الكردستاني داخل الاراضي العراقية والتدخل ميدانيا عند الضرورة.
ويشوب التوتر العلاقات بين بغداد وانقرة خصوصا منذ ان رفضت أنقرة تسليم نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي الذي صدر بحقه حكم غيابي بالاعدام بعدما أدين بجرائم قتل. واتهم اردوغان مؤخرا نظيره العراقي باحتكار السلطة وبالتمييز حيال المجموعات السنية في حكومته.
وفي تطور لاحق قتلت قوات الأمن التركية 12 متمرداً كردياً في اشتباكات الثلاثاء ومن بينهم امرأتان حاولتا التسلل إلى العراق المجاور، بحسب مصادر أمنية محلية. واندلعت الاشتباكات الحدودية ليل الاثنين الثلاثاء في اليوم الثاني من عملية واسعة تشنها قوات الأمن التركية في بلدة سيمدينلي الجنوبية الشرقية، بحسب المصادر. وقالت المصادر إن المسلحين وهم من حزب العمال الكردستاني هاجموا موقعاً عسكرياً على الحدود التركية العراقية. وغالباً ما تشهد بلدة سيمدينلي اشتباكات عنيفة بين القوات التركية وعناصر حزب العمال الكردستاني المتمرد.
ويشهد النزاع الكردي تصعيداً ملحوظاً في أعمال العنف في جنوب شرق تركيا منذ بداية الصيف حيث سجلت كثافة في الهجمات المسلحة التي يشنها حزب العمال الكردستاني والعمليات العسكرية للرد عليها وقمع السلطات التركية للحركة السياسية الكردية. يُذكر أنه في الشهر الماضي قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان إن 144 من عناصر قوات الأمن و239 متمرداً قتلوا منذ بداية العام، في واحدة من أكثر مراحل المواجهات دموية منذ أكثر من عقد. وتقول أنقرة إن حوالي ألفي متمرد يتحصنون في جبال العراق التي يتسللون منها إلى الأراضي التركية لشن هجماتهم.
ع.غ/ م.س ( د ب أ، آ ف ب)