وحدة العراق رهينة مصير الخلاف مع حكومة إقليم كردستان
٢٨ سبتمبر ٢٠١٢الخلافات السياسية التي تعصف بالعراق في الوقت الراهن، لا تكاد تهدأ حتى تبدأ من جديد. السياسيون السنة يتهمون رئيس الوزراء نوري المالكي بإثارة التوترات بين الأقلية السنية والأغلبية الشيعية. وتزداد أيضاً حدة النزاع بين الحكومة المركزية في بغداد والحكومة الكردية في إقليم كردستان.
ويتمتع الأكراد في شمال العراق بحكم ذاتي واسع النطاق منذ إقامة الولايات المتحدة وحلفائها عام 1991 لمنطقة محظورة للطيران في شمال البلاد لمواجهة قوات الرئيس السابق صدام حسين. وعلاوة على ذلك تشهد المنطقة منذ فترة انتعاشاً اقتصادياً، يتجدد في ظله حلم قديم: الحلم بدولة كردية مستقلة. وهنا يتساءل الوزير السابق في الحكومة العراقية المركزية سربت باميرني في حديث مع DW بالقول: "لماذا يُحرم الشعب الكردي من حقه في دولة كردية خاصة به؟".
رؤيا شعب
عالمياً يشكل الأكراد الذين يبلغ عددهم 40 مليون شخص، أكبر مجموعة سكانية دون دولة خاصة بها، إذ أنهم يعيشون في العراق وسوريا وتركيا وإيران. كما يقيم عدد كبير من الأكراد في غرب أوروبا والولايات المتحدة أيضاً. ويرى باميرني أن للأكراد حقهم المشروع في دولة خاصة بهم. "يناضل هذا الشعب منذ أكثر من قرن من أجل تحقيق رؤياه المتمثلة في الحرية والعدالة وتقرير المصير".
من جانبه يؤكد عاكف حسن، المحلل السياسي والمنسق السابق في حزب العمال الكردستاني للشؤون السياسية في غرب أوروبا، في حديث مع DW أن الحكم الذاتي الكردي في العراق يتميز اليوم بجميع عناصر دولة ديمقراطية الجوهرية، بما فيها التنفيذية والتشريعية والقضائية، أي أن سلطة الدولة موزعة على أجهزة عدة. إلا أن معظم الأكراد لا يكتفون بذلك، فالاستقرار الاقتصادي في الإقليم يساهم في رفع حدة المطالبات بالاستقلال السياسي.
الوضع الاقتصادي في كردستان
أدت الإيرادات النفطية إلى انتعاش المناطق الكردية، فقد ازدهر قطاع البناء منذ ذلك الحين وتتميز البنية التحتية والخدمات بأنها أفضل حالاً من بقية أجزاء العراق. وعلاوة على ذلك فإن النشاط التجاري في الإقليم في ازدهار مستمر. وبفضل هذا التطور تتوفر في شمال العراق فرص عمل متزايدة. وحتى اليوم مازالت الحكومة المركزية في بغداد تحول نسبة 17 بالمائة من إيراداتها النفطية إلى أربيل. إلا أن الأكراد يريدون استخراج نفطهم بأنفسهم والاحتفاظ بالإيرادات من استخراجه. ونشب نزاع بشأن من يسمح له بالتنقيب عن الاحتياطيات النفطية الكردية في المستقبل. وكما يقول سربست باميرني، "فإن هذا النزاع قد يساهم في تقسيم البلاد".
الجار التركي
رغم أن تركيا تكافح المساعي إلى حكم ذاتي كردي في أراضيها بكل صرامة، فإنها تقيم علاقات اقتصادية متينة بالمنطقة الكردية في شمال العراق. وتعد أهم شريك تجاري لكردستان العراقية. وفي حالة إغلاق الحدود من قبل تركيا سيتوقف الانتعاش الاقتصادي في إقليم كردستان العراق إلى حد كبير. ولا يزال يسود ما يمكن وصفه بأنه هدوء متوتر.
ويخشى الأتراك من رفع الأكراد في جنوب شرق البلاد مطالب انفصالية مماثلة، كما يقول عاكف حسن. "أنقرة مستعدة حتى لإرسال جيشها إلى خارج حدود البلاد من أجل الحفاظ على وحدتها الوطنية". وفي واقع الأمر تم في السنوات الأخيرة شن عدة هجمات عسكرية على المناطق الكردية.
تأجيل الانتخابات البرلمانية في منطقة الحكم الذاتي
كان من المقرر أن ينتخب أكراد العراق الخميس (27 أيلول/ سبتمبر 2012) برلمان منطقة الحكم الذاتي. لكن اللجنة الانتخابية في أربيل أعلنت أن بنداً من بنود قانون الانتخابات يخص تمثيل الأقليات، وخاصة بالمسيحية منها، في البرلمانات المحلية بالشمال الكردي، أدى إلى تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى.
يترك التغير السياسي في كردستان آثاره على العراق بأسره، كما يقول السياسي الكردي سربست باميرني. "ستؤدي الانتخابات الإقليمية في كردستان إلى وضع سياسي جديد، سيترك آثاره على العراق بأسره".
وكان رئيس حكومة منطقة الحكم الذاتي في شمال العراق وزعيم الاتحاد الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني قد هدد مجدداً بفصل "بلاده" عن العراق ككل، إذا ظهرت معالم تحول الحكومة المركزية في بغداد إلى نظام دكتاتوري، كما أفادت صحيفة "الحياة" السعودية في عددها الصادر الأحد (23 أيلول/ سبتمبر 2012). وأوضح بارزاني بهذا الشأن أن منع حصول هذا السيناريو يتطلب تمسك جميع الأحزاب السياسية بالدستور. وإذا لم يتم ذلك، فسيُجزأ العراق ثلاثة أجزاء.