العلاقات التركية- الإسرائيلية تدخل عنق الزجاجة
٢ سبتمبر ٢٠١١أعلنت تركيا اليوم (الجمعة الثاني من سبتمبر/ أيلول 2011) تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل إلى درجة السكرتير الثاني، كما علقت العمل بالاتفاقيات العسكرية بين البلدين وذلك بعد الكشف عن مضمون تقرير للأمم المتحدة اعتبر أن إسرائيل استخدمت القوة المفرطة في اقتحام جيشها "لأسطول الحرية" الذي كان متجها إلى غزة مما أسفر عن مقتل تسعة أتراك. إلا أن التقرير وصف أيضا الحصار الإسرائيلي على غزة بالقانوني. وقد اتخذت أنقرة هذه الخطوة بعدما رفضت الحكومة الإسرائيلية تنفيذ مطالب لها تتعلق بتقديم اعتذار رسمي وتقديم تعويضات لأسر القتلى وإنهاء الحصار على الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة.
وفيما وصفت أنقرة التقرير بأنه "باطل وكأنه لم يكن"، أعلنت إسرائيل قبولها به معبرة عن أملها في عودة علاقاتها مع تركيا إلى طبيعتها، إلا أنها كررت رفضها تقديم اعتذار لتركيا معتبرة أنها كانت تمارس حقها المشروع في الدفاع عن نفسها حينما اقتحمت قواتها "أسطول الحرية". ولاستقراء خلفيات هذا الموضوع أجرت دويتشه فيله الحوار التالي مع الأكاديمي والمحلل السياسي الإسرائيلي يوران ميتان:
دويتشه فيله: بعد الإجراءات التي اتخذتها تركيا تجاه إسرائيل، هل تعتقد أن العلاقات بين البلدين دخلت فعلاً في عنق الزجاجة؟
يوران ميتان: إن خفض التمثيل الدبلوماسي وطرد السفير الإسرائيلي إشارة واضحة على استمرار تدهور العلاقات التركية- الإسرائيلية في السنوات الأخيرة. ثم إن خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي في هذا الوقت بالذات قد يكون له تأثير على مواقف دول أخرى في المنطقة لها علاقات مع إسرائيل، كمصر على سبيل المثال. لذالك فإن إسرائيل تعتبر الإجراء التركي خطوة سلبية.
طيب، ما هي قراءتك للقرار التركي، ماذا يخفي وراءه بالضبط من وجهة نظر إسرائيلية؟
القرار التركي ليس جديدا في طبيعته، وهو استمرار لسياسة متبعة منذ سنوات. فالمسألة ليست قضية اعتذار أو تعبير عن الأسف لمقتل مواطنين أتراك. أظن أن الشيء الأهم هنا هو عدم رضا أنقرة عن السياسة الإسرائيلية في المنطقة، خصوصا سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
ولكن مع ذلك ما الذي يمنع إسرائيل من تقديم اعتذار إذا كانت فعلا تنظر إلى علاقتها مع تركيا على أنها علاقة مهمة وإستراتجية؟
أعتقد أن الامتناع عن الاعتذار نابع من وجهة نظر حكومة نتانياهو وليبرمان اليمينية في إسرائيل. والاعتذار عن هذا الحادث هو أمر مرفوض بالنسبة لهذه الحكومة، خصوصا وأنها سبقت وعبرت عن أسفها لمقتل المواطنين الأتراك. فالاعتذار الرسمي له معنى أوسع ويمس سياسة إسرائيل في قضية حصار قطاع غزة وله علاقة أيضا بمسألة شرعية هذا الحصار.
تركيا رفضت مضمون تقرير الأمم المتحدة حول حادث "أسطول الحرية" فيما تعتبر إسرائيل ما قامت به دفاعا عن النفس. هل ترى من مخرج لهذا المأزق؟
في اعتقادي نحن نشهد تدهورا مستمرا في العلاقات بين تركيا وإسرائيل. وإذا تمسكت حكومتا البلدين بمواقفهما فلا أرى سبيلا للخروج من هذا المأزق. ولكن إذا غيرتا سياستهما، خصوصا السياسة التركية فقد يحدث تحسن. ومن الممكن أن توظف إسرائيل نفوذها في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي قد تضغط واشنطن على حكومة أنقرة، وآنذاك قد يحدث تغيير ولو جزئي.
ألا تخشى إسرائيل من عزلة إقليمية متزايدة في حال تفاقم أزمتها مع تركيا، خصوصا مع المتغيرات التي أتى بها الربيع العربي؟
هذا موضوع أوسع من العلاقات التركية الإسرائيلية. فالقضية الأهم اليوم هي سياسة إسرائيل تجاه التحولات التي يمر بها الشرق الأوسط . فهناك عدة ملفات مطروحة كالعلاقة مع مصر أو مع الفلسطينيين. وللأسف الشديد فإن حكومة نتانياهو لم تستوعب بعد عمق التغيرات التي تجري في الشرق الأوسط عام 2011. ويصعب على هذه الحكومة التعامل الإيجابي مع رياح التغيير في المنطقة.
إذن، هل تعتقد أن هذه التغييرات في مجملها هي في صالح عملية السلام، أم أنها بذور ربما لصراعات وحروب جديدة في المستقبل؟
أظن أن عملية السلام ليس لها مكان واقعي في حكومة نتانياهو، فهي متمسكة بمواقفها بل وتوظف، للأسف الشديد، التحولات في الشرق الأوسط كمبرر لعدم إحياء عملية السلام.
أجرى الحوار: حسن زنيند
مراجعة: عارف جابو