"العلاقات العربية الألمانية تشكل جزءا من حل مشاكل الأزمة المالية العالمية"
٢٥ يونيو ٢٠٠٩"التعامل مع رجل الأعمال الألماني مريح لأنه يفي بالمواصفات وشروط العقود، غير أن المشكلة تكمن في ارتفاع أسعار المنتجات الألمانية مقارنة بمثيلتها الآسيوية"، وفقا لرأي صباح الدين الصالحي رئيس غرفة تجارة كركوك. غير أن التبادل التجاري العربي الألماني الذي بلغ 42 مليار يورو خلال العام الماضي لا يبدو متأثرا لا بهذا الارتفاع ولا بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية. فقد ارتفعت الصادرات الألمانية إلى العالم العربي بنسبة قياسية وصلت إلى 28 بالمائة خلال العام 2008 مقارنة بعام 2007. وخلال الربع الأول من هذا العام واصلت ارتفاعها بنسبة وصلت إلى نحو 4 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه التجارة العالمية تراجعات تراوحت بين 5 و 20 بالمائة خلال الأشهر الأولى من هذا العام.
الطاقة المتجددة أحد آفاق التعاون الجديدة
ومما يعنيه ذلك "أن العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية تشكل بالنسبة لألمانيا جزءا من الحلول للمشاكل الناتجة عن الأزمة المالية والاقتصادية"، كما ذكر وزير الاقتصاد والتكنولوجيا الألماني كارل- تيودور تسو غوتنبيرغ. وقال الوزير في افتتاح الملتقى الاقتصادي العربي الألماني الثاني عشر الذي بدأ فعالياته اليوم(25 يونيو/حزيران) في برلين إن هناك آفاقا جديدة للتعاون، لاسيما في مجال الطاقات المتجددة التي تعد ألمانيا من البلدان الرائدة في تصنيع تقنياتها.
وفي هذا الإطار أعلنت عدة شركات ألمانية نيتها العمل على تنفيذ مشروع ضخم لإنتاج الطاقة الشمسية في شمال أفريقيا لمد الأسواق الأوروبية بها. وأعرب الوزير الألماني في كلمته عن دعم حكومته لخطوات الإصلاح الاقتصادي في سوريا التي تحضر ملتقى هذا العام كشريك أساسي ممثلة بوفد يضم 150 من المسؤولين ورجال الأعمال من مختلف قطاعات الاقتصاد السوري.
"مطلوب من الشركات الألمانية المزيد من الجرأة"
التحسن المستمر في التبادل التجاري العربي الألماني بدأ يعطي بعض الثمار على صعيد الاستثمارات المشتركة والمباشرة التي ما تزال متواضعة مقارنة بحجم التبادل التجاري، إذ يقدم حجمها بأقل من 5 مليارات يورو. "هناك تزايد في عدد الشركات الألمانية التي تقيم مشاريع مشتركة تتطلب استثمارات مباشرة في العالم العربي وخاصة في دول الخليج"، حسب عبد العزيز المخلافي الأمين العام لغرفة التجارة العربية الألمانية. غير أن الشركات الألمانية بشكل عام ما تزال متحفظة إزاء الاستثمار المباشر في الدول العربية حسب رأي رجل الأعمال السوري وعضو غرفة تجارة دمشق ابو الهدى اللحام.
غير أن هذه التحفظ يختلف من بلد عربي إلى أخر حسب مناخ الاستثمار وفقا لرأي ميشائيل شمدت المدير التنفيذي لفرع مؤسسة التعاون التقني الألمانية GTZ في منطقة الخليج. ففي السعودية يتحفظ رجل الأعمال الألماني إزاء الاستثمار المباشر بسبب ضعف توفر العمالة الوطنية المؤهلة وظروف الحياة الاجتماعية المحافظة التي لا يستطيع الأوروبي التأقلم معها بسهولة، أما في بلد مثل الإمارات وسلطنة عمان فإن مثل هذا التحفظ غير موجود لأن مثل هذه الأسباب أقل حدة. لكن رجل الأعمال السعودي سليمان سعود السياري لا يرى أن نقص العمالة الوطنية المؤهلة يشكل عائقا لأن هناك بدائل من خلال الأيدي العاملة الأجنبية. وبالنسبة للظروف الاجتماعية فإن هناك جالية ألمانية تقوم بأنشطة مختلفة ومشتركة في السعودية. وهو الأمر الذي يخفف عن أفرادها أجواء الغربة.
لكن وبعض النظر عن مزيد من التفاصيل بهذا الخصوص فإن رجال أعمال مثل اللحام يخشون من أن تأخر الألمان في الإقدام على الاستثمار المباشر سيعطي السبق لغيرهم. وهو الأمر الذي عكسه الوزير فون غوتنبيرغ في كلمته عندما قال: "أتمنى من الشركات الألمانية أن تظهر مزيدا من الثقة عندما يتعلق الأمر بالأسواق الخارجية ومن ضمنها الأسواق العربية". وبدوره وفي سياق متصل حث نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبدالله الدردري رجال الأعمال الألمان للاستثمار في سوريا حيث سيجدون "مجالات الاستثمار والأيدي العاملة المؤهلة والمناخ الاجتماعي الملائم".
"سوريا تريد استعادة دورها التاريخي كصلة بين الشرق والغرب"
وقال الدردري في افتتاح الملتقى الذي حضره ما يزيد على 900 من رجال الأعمال والمسئولين العرب والألمان أن بلاده تعمل على استعادة مكانتها التاريخية كصلة للتجارة والأعمال بين أوروبا وبلدان الشرق الأوسط على غرار ما كانت عليه أيام طريق الحرير في العصور الغابرة. كما تريد أن تكون مدخلا للتجارة والاستثمار مع العراق وبوابتها إلى أوروبا. وعلى هذا الأساس فإنها ماضية في تحديث بناها التحتية حيث ستستثمر خلال السنوات الست القادمة عشرات المليارات من الدولارات لتحديث وتطوير مشاريع بناها التحتية لخدمة هذه الأهداف. وفي مقدمة هذه المشاريع بناء مطارات وطرق سريعة ومحطات طاقة. وتحدث الوزير عن استمرار النمو الاقتصادي في بلاده رغم الأزمة المالية، حيث توقع البنك الدولي وصولها إلى نحو 4 بالمائة هذه الهام.
وتشكل العلاقات السورية الألمانية وآفاق تطويرها محور فعاليات الملتقى الذي أضحى أهم منصة للحوار والتعاون العربي الألماني. كما تناقش ورش عمله تجارب ومشاريع تعاون متنوعة في مجالات الطاقة والتعليم المهني والاتصالات والمالية والتمويل وحقوق الملكية والصناعة وغيرها.
الكاتب: ابراهيم محمد - برلين
تحرير: هيثم عبد العظيم