اللاجئون السوريون في ألمانيا ورحلة البحث عن الحرية
١٢ يونيو ٢٠١٤طفح الكيل بإيفين أمير وقررت مغادرة سوريا رغم تعلقها الشديد بمدينتها حلب. لم تعد لا هي ولا زوجها، شرزاد راشو قادرين على مواصلة عمليهما، كما لم يكن ممكنا ترك آلان طفلهما البكر لوحده في المنزل في ظل أجواء الحرب التي تسيطر على المدينة. وأجبرت إيفين نفسها مرارا على قضاء الليل في مكتبها بأحد شركات الكمبيوتر، بسبب مواجهات مسلحة على الطرق المؤدية إلى منزلها. "الحياة أصعب عندما يكون هناك أطفال"، تقول إيفين، وقدوم طفل آخر يجعل الحياة في حلب،حيث "لا حليب ولا ماء ولا دواء ولا كهرباء مستحيلة". ولكونها حامل ومن أجل آلان قررت العائلة الهرب من البلاد عام 2013 والتوجه إلى اسطنبول.
الهرب بالسيارة
الحدود بين سوريا وتركيا، يمكن قطعها "مشيا على الأقدام"، تقول شقيقة إيفين، نسرين أمير دلبار التي تعيش في ألمانيا منذ سنوات. وقد حاولت عبر قنوات رسمية الحصول على إذن يسمح لشقيقتها الهجرة إلى ألمانيا صحبة عائلتها، لكن نسرين لم توفق في ذلك. وهكذا ركبت شقيقتها إيفين في يوليو/ تموز 2013 سيارة حملتها إلى ألمانيا بعد أربعة أيام، فيما بقي زوجها وابنها في اسطنبول.
بعد أن وصلت إلى ألمانيا، التحقت إيفين بمركز إيواء اللاجئين في مدينة دورتموند غرب البلاد، حيث قدمت طلبا للحصول على حق اللجوء. واليوم حصلت إيفين على تصريح إقامة لمدة ثلاث سنوات. في البداية سكنت الشابة البالغة من العمر 34 عاما في بيت شقيقتها، وقد أنجبت في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2013 طفلة أسمتها ألين. وقد حصلت في ما بعد على مسكن من ثلاث غرف في مدينة بون.
إنها ليست العائلة السورية الوحيدة التي هربت من سوريا إلى ألمانيا، فقد بلغ عدد اللاجئين السوريين حسب السلطات الألمانية إلى 31 ألف سوري منذ عام 2011 إلى اليوم. وقررت الحكومة الألمانية استقبال دفعتين جديدتين من اللاجئين السوريين، تضم كل منها خمسة آلاف شخص. وتمّ اختيار هؤلاء حسب معايير محددة، كأن تكون عائلاتهم مقيمة في ألمانيا. ومن دون تقديم طلب للجوء، يحصل هؤلاء على تصريح إقامة لمدة ثلاث سنوات.
استقبال المزيد من اللاجئين
وبسبب تدهور الأوضاع الإنسانية في سوريا، أعلن وزير الخارجية الألماني فراك-فالتر شتاينماير عزم بلاده استقبال نحو عشرة آلاف سوري. وحددت شروط اختيار المشرحين في اجتماع لممثلي وزارة داخلية الولايات الألمانية المنعقد في الـ13 والـ14 من الشهر الجاري. ومنذ اندلاع موجة الاحتجاجات الشعبية المناهضة لنظام بشار الأسد، وما تلا ذلك من مواجهات مسلحة بين فصائل المعارضة وقوات النظام، هرب نحو ثلاثة ملايين سوري إلى خارج البلاد، في ما نزح ستة ملايين ونصف داخلها. وكان على إيفين وزوجها كما هو الأمر بالنسبة لباقي الوافدين إلى ألمانيا، تعلم اللغة الألمانية.
الطفل آلان البالغ من العمر ست سنوات، يذهب إلى الصف التمهيدي استعدادا للالتحاق بالمدرسة. مستواه في اللغة الألمانية لا زال ضعيفا، خاصة وأنه وجد في المدرسة زميلة له تتكلم اللغة الكردية أيضا، لكن "عندما اختارت الأخيرة اللعب مع طفلة ألمانية، ثارت حفيظته وصرخ باكيا، مبررا ذلك بأنه وحيد ولا يتحدث الألمانية"، تقول خالته.
حصلت إيفين على أثاث المنزل ولُعب آلان من شقيقتها أو من أصدقاء شقيقتها، الزوجان اليوم يحصلان على مساعدة الدولة، لكنهما عازمان على تعلم اللغة الألمانية بأسرع وقت ممكن للبحث عن عمل. وإلى غاية اللحظة، لم يكن باستطاعتهما التركيز على دروس اللغة الألمانية، نظرا لأنهما كانا يبحثان عن مسكن وكما كان عليها التردد على الدوائر الرسمية للحصول على أوراق الإقامة والتأمين والسكن. وفي كل هذا كانت نسرين شقيقتها السند الأكبر، علما أن الأخيرة تدعم أيضا العائلات السورية القادمة حديثا إلى ألمانيا بشكل تطوعي دون الحصول على أجر للتغلب على البيروقراطية الألمانية، وذلك في إطار جمعية ياسا الكردية.
ألمانيا بلد الحرية
إيفين تنظر إلى ابنها الذي يلعب في الحديقة العامة وتقول: "يمكن للإنسان العيش بحرية في ألمانيا (...)، هنا الأطفال يلعبون بسلام، لكن ذلك كان مستحيلا في سوريا". في سوريا كان الطفل يلعب بكمبيوتر لوحي اشتراه والداه له حتى ينشغل بالأفلام عوض الاستماع إلى صوت الرصاص. عند هروب العائلة من سوريا، استطاعت أخذ الكمبيوتر معها، وكان ذلك كل شيء. أما الصور والأشياء الحميمية التي كانت بحوزتها فبقيت هناك لا أحد يعرف مصيرها. وعند سؤالها إلى ما تحن إليه في سوريا، قالت إيفين "إلى كل شيء"، موضحة أنها تريد العودة إلى بلادها عندما تستقر الأمور.