المؤتمر الشعبي العام في اليمن بين الاجتثاث والبقاء
١٣ مايو ٢٠١٢على مدى نحو ثلاثة عقود من الزمان، ظل حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي أسسه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بعد أربع سنوات من وصوله إلى سدة الحكم، متربعاً على عرش السلطة في اليمن دون منازع. بيد أن اندلاع الثورة الشبابية السلمية مطلع شباط/ فبراير من العام الماضي قد أجبر صالح وحزبه، بعد مماطلة وتلكؤ استمرا عدة أشهر، على القبول بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، اللتان منحتا حزب صالح نصف مقاعد حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة.
ويقول أحمد منصر، الصحفي اليمني في مؤسسة الثورة للصحافة، لـ DW عربية: "المؤتمر الشعبي في اليمن، مثله مثل كل أحزاب السلطة في العالم العربي، ليست له قاعدة شعبية يستند عليها، وإنما اكتسب شرعيته من وجوده بالسلطة". ويستنتج منصر أن خروج رئيس الحزب من السلطة "يعني خروج الحزب من العملية السياسية"، وإن كانت "التسوية السياسية قد منحته فرصة البقاء". لكنه يعتبر بقاء المؤتمر الشعبي "مؤقتاً وسيزول بالتدريج"، معتقداً أن "المسألة هي مسألة وقت لا أكثر".
المؤتمر لا يزال شريك في السلطة
لكن الباحث في الدائرة السياسية بمركز الدراسات والبحوث اليمني، عبد الله الدهمشي، لا يشاطر منصر تحليله لفرص الحزب الحاكم السابق، ويعتبر، في حوار مع DW عربية، أنه "من المصلحة للتسوية السياسية الراهنة أن يستمر حزب المؤتمر الشعبي العام"، متوقعاً "أنه سيستمر بناء على المعطيات المتوافرة حتى الآن".
كذلك لا يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي بمركز الدراسات والبحوث اليمني، د. محمد الكامل، أن "المؤتمر سيغيب"، لعدة عوامل داخلية وخارجية، منها أنه من بين الموقعين على المبادرة الخليجية التي توجه العملية السياسية الحالية في اليمن، ولأن الخارج معنيّ بالحفاظ على بعض قيادات المؤتمر ذات الخبرات السياسية والعلاقات التاريخية. إضافة إلى ذلك، وبحسب الكامل، فإن هناك "مجموعة تربطها المصالح ما زالت تمتلك القدرة المادية والمالية للحفاظ على كامل المؤتمر".
من جانبه يؤكد د. فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، لـDW أن "حزب صالح في اليمن لن يواجه مصير حزبي بن علي في تونس ومبارك في مصر"، لأن الثورة في اليمن "لم تنجح كما نجحت في تونس ومصر". ويرى الصلاحي أن الثورة اليمنية "تم إجهاضها من قبل جزء من النظام أدعى انضمامه للثورة".
فكرة الاجتثاث ليست واردة في اليمن
كما رفض طارق الشامي، رئيس الدائرة الإعلامية بالمؤتمر الشعبي العام، تشبيه مصير المؤتمر بمصير التجمع الدستوري الديمقراطي في تونس أو الحزب الوطني الديمقراطي في مصر، قائلاً إن "حزبي بن علي ومبارك لم يستطيعا إخراج مسيرة واحدة، بينما المؤتمر الشعبي العام أخرج مئات المسيرات الجماهيرية". هذا ويستنكر حميد علي عبده، وهو أحد القيادات الوسطى في المؤتمر، المقارنة بين ما أسماه بـ"النظام الديقراطي في اليمن" والأنظمة "المستبدة في تونس ومصر"، معتقداً بأن ما حصل في اليمن كان "أزمة سياسية وليست ثورة شعبية كما حصل في تونس ومصر"، ويرى أن المؤتمر "لا يزال شريكاً قوياً في السلطة".
وحول التوقعات بأن ينادي اليمنيون في المستقبل القريب إلى اجتثاث المؤتمر الشعبي، فقد تباينت آراء العارفين بالشأن اليمني، إذ يعتقد أحمد منصر أنها "ليست واردة في الحالة اليمنية، التي تحكمها التوازنات السياسية والاجتماعية والطائفية"، بينما يرى الكامل أن "المجتمع اليمني ليست لديه تلك النزعة كما في العراق أو مصر".
ولا يخفي الباحث عبد الله الدهمشي تخوفه من ظهور دعوة كهذه، متوقعاً أن "يتحرك حزب الإصلاح بهذا الاتجاه مستقبلاً". أما الدكتور فؤاد الصلاحي فيعتقد أن شيئاً من هذا القبيل قد بدأ من خلال بعض التكتلات الشبابية، التي تعمل في الساحات على إعادة ترتيب أوضاعها وتدعو إلى محاكمة الضالعين بارتكاب جرائم ضد الثورة والثوار، والدعوة إلى التحرر من الوصاية الحزبية على الثوار وساحات ومنصات الثورة. ويدعو الأستاذ الجامعي إلى تحويل المؤتمر لحزب ديمقراطي حداثي ليبرالي، متخففاً من "الحمولة الزائدة"، ويقصد بها القوى القبلية التي ترهن المؤتمر لمصالحها الذاتية. ويعتقد الصلاحي بوجود قيادات في المؤتمر قادرة على القيام بهذه المهمة، مثل د.عبد الكريم الأرياني وغيره.
لكن الشامي لا يرى مبرراً لتوقع ظهور دعوة تطالب باجتثاث المؤتمر، مؤكداً "أن التسوية السياسية لا تسمح بتوقع ظهور مثل هذه الدعوة"، ومنوهاً إلى القدرة المحدودة للأطراف الأخرى. ودلل رئيس الدائرة الإعلامية بالمؤتمر الشعبي على ما قاله كل من محمد سالم باسندوة، رئيس حكومة الوفاق، وحميد الأحمر، القيادي في التجمع اليمني للإصلاح، بهذا الخصوص، أي أن التسوية السياسية هي الأمر الوحيد المتاح لهما في الظروف الراهنة.
سعيد الصوفي – صنعاء
مراجعة: ياسر أبو معيلق