انتهاء محنة الرهينتين الألمانيين وعودتهما إلى ألمانيا
٢ مايو ٢٠٠٦هبطت في مطار تيغل في برلين بعيد الساعة الثانية والنصف بتوقيت وسط أوروبا(الثانية عشر والنصف بتوقيت غرينتش) طائرة خاصة تقل على متنها الرهينتين الألمانيتين الذين اختطفا في مدينة بيجي الواقعة شمال العراق بعد أطلاق سراحهما يوم أمس. وفي كلمة قصيرة وجهاها إلى الصحفيين الذين احتشدوا في المطار قال نيتشكه انه سعيد بعودته سالماً وأضاف "مررنا بوقت صعب". كما شكر السفارة الألمانية في بغداد ووزارة الخارجية الألمانية لجهودهما من أجل إطلاق سراحهما. وبروينلش عبر هو الآخر عن سعادته في عودته إلى أحضان عائلته وذويه. المسؤولون الألمان عبروا مراراً في كل تصريح عن ارتياحهم وشكرهم لكل من ساهم في إطلاق سراح الرهينتين، ولكن أسماء هذه الجهات غابت عن هذه التصريحات. وليست الأسماء وحدها بقيت من دون ذكر، بل ان تفاصيل عملية وكيفية إطلاق سراح الرهينتين بقت هي الأخرى طي الكتمان وباتت بيئة خصبة للتكهنات. ولكن وكالات الإنباء نقلت اليوم عن الوزير المنتدب للشؤون الخارجية في ألمانيا غيرنوت ايرلر ان السلطات الألمانية حصلت على مساعدة دول أخرى للإفراج عن المهندسين الألمانيين. تضمن هذه المساعدة الحصول على معلومات استخباراتية. قال ايرلر ان "هذه النهاية السعيدة" هي نتيجة مساعدة قدمها كل أصدقائنا ومنهم الأمريكيين الموجودين في العراق. وفي الوقت الذي ينفي فيه المسؤولون الألمان قيام الحكومة الألمانية بتقديم فدية من أجل أطلاق سراح الرهينتين، قال السفير العراقي في برلين علاء الهاشمي انه "يشتبه" في دفع فدية. الجدير بالذكر ان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير كان قد أعلن يوم أمس الثلاثاء، 2 أيار/مايو 2006، من تشيلي حيث يقوم بزيارة رسمية هناك عن إطلاق سراح المهندسين الألمانيين المحتجزين في العراق منذ نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، رينيه براوليش وتوماس نيتشكه، بعد مرور قرابة 13 أسبوعاً على اختطافهما.
إرتياح وإشادة على كل المستويات
هذا وقد سادت أجواء من الارتياح في الأوساط الألمانية عقب الإعلان عن إطلاق توماس نيتشكه ورينيه بروينليش. وعبرت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عن سعادتها وارتياحها لإطلاق سراح الرهينتين واستعادتهما حريتهما لاسيما وإنهما بصحة جيدة. وكما وجهت ميركل الشكر للجنة الطوارئ في وزارة الخارجية على الجهود التي بذلتها في هذا الصدد، وكذلك لأبناء مدينة لايبنزيغ الذين لم ينسوا الرهينتين على الإطلاق، حسب تعبيرها. كما عم الفرح والارتياح مختلف الأوساط السياسية والشعبية الألمانية عند إعلان هذا الخبر ولاسيما لدى أهل المختطفين الذين عانوا ما يزيد عن ثلاثة اشهر بسبب حادثة الاختطاف.
كما تصدر خبر إطلاق سراح الرهائن عناوين الصحف الألمانية الصادرة هذا اليوم. فقد علقت صحيفة نورنبيرغر تسايتونغ عن ذلك بالقول بالتساؤل عن الكيفية التي يمكن بواسطتها تلافي هذه المشاكل التي تحدث في العراق وغيرها بلدان الشرق الأوسط التي "تتمتع بماضي عريق" لا يتناسب مع "أسلوب الخطف هذا". وأضافت الصحيفة ان هذا الأسلوب ليس له علاقة بالحضارة من بعيد أو قريب. وفي الشأن نفسه قالت صحيفة ميركشه ألغماينه سلطت الضوء على براعة وزارة الألمانية في أداء واجبها "بدقة وبلا ضجيج". أما صحيفة فيستدويتشه ألغماينه تسايتونغ ترى هي الأخرى ان الحكومة الألمانية تستحق الشكر لبراعتها في التفاوض لإنقاذ حياة مواطنين ألمانيين. ولكنها طرحت تساؤل عن كيفية إقدام شركة ما على بعث مستخدميها إلى منطقة بعيدة كل البعد عن الاستقرار الأمني. ولكن صحيفة راين-نيكار-تسايتونغ أشارت من بعيد إلى إمكانية تقديم الحكومة لفدية مالية من أجل إنقاذ حياة الرهينتين، إذ قالت الصحيفة في مقال لها إن الاحتجاز هو قضية حياة أو موت وغالباً ما ينتهي نهاية دموية، والدولة لا تستطيع دائماً شراء الحرية والسلامة بالمال. الجدير بالذكر ان مجلة ألمانية كانت قد نقلت في وقت سابق عن مصادر لم تسمها، ان الخاطفين طالبوا بفدية قدرها 12 مليون دولار مقابل إطلاق سراح الرهينتين. ولكن أيرلر انتقد هذه الشائعات التي تتحدث عن احتمالية دفع فدية للإفراج عن الرهينتين الألمانيتين، وأضاف ان أي إشارة في الاتجاه قد تؤدي إلى أعمال مشابهة.
السفير العراقي في برلين: احتمالية دفع فدية
وللوقوف على حقيقة الأخبار المتعلقة باحتمالية قيام السلطات الألمانية بدفع الفدية أتصل موقعنا بالسفير العراقي في برلين طارق الهاشمي وسأله كذلك عن بعض القضايا المتعلقة بالإفراج عن الرهينتين. عن الأنباء المتعلقة بدفع الفدية يقول الهاشمي انه لا توجد أنباء أكيدة عن ذلك ولكنه "على المستوى الشخصي" يشتبه في دفع الفدية. وأضاف الهاشمي أننا ضد هذا أسلوب دفع الفدية الذي قد تلجأ أليه حكومات بعض المختطفين في العراق لأن ذلك يعد "وقوفاً إلى جانب الإرهابيين". وفيما يتعلق بوجود صيغة للتعاون الرسمي بين الحكومتين الألمانية والعراقية لإطلاق سراح الرهائن قال الهاشمي انه "لا يوجد للأسف أي تعاون رسمي للعمل على إطلاق سراح الرهائن". وعن أسباب غياب هذا النوع من التنسيق قال الهاشمي انها تعود إلى ان الجانب الألماني لم يطلب مساعدة الحكومة العراقية في مثل هذه الحالات كحادثة اختطاف منقبة الآثار الألمانية اوستهوف، وأضاف الهاشمي، الذي ينتقد الجانب الألماني في هذه المسألة، انه وجه إلى الحكومة الألمانية رسالة بهذا الشأن. كما ان طبيعة المعونة التي قدمتها الحكومة العراقية للجنة الأزمات التي شكلتها الخارجية الألمانية اقتصرت على التسهيلات الإدارية وتسهيل منح تأشيرة الدخول لبعض أعضائها. كما ان الهاشمي اعتبر التحذيرات التي توجهها حكومات بعض البلدان لرعاياها خطوة في الاتجاه الخاطئ، وانه يرى ان من الضروري وقوف هذه الدول إلى جانب العراق من اجل تخليصه من شبح الإرهاب. الجدير بالذكر ان أكثر من أربعين أجنبياً لا يزالون محتجزين أو مفقودين في العراق.
ثلاثة أشهر من الاختطاف
يذكر أن المهندسين الألمانيين كانا قد خُطفا في 24 كانون الثاني/يناير على أيدي مجموعة من المسلحين تطلق على نفسها "سرايا المجاهدين- كتيبة أنصار التوحيد والسنة"أثناء رحلة عمل في مدينة بيجي التي تقع شمال العراق وتشهد منذ وقت طويل توتر وعدم استقرار أمني. وهدد حينها لخاطفون في شريط فيديو بقتل الرهينتين إذا لم تستجب الحكومة الألمانية لمطالبهم التي تتعلق بوقف أي اتصال مع السلطات العراقية وإطلاق سراح السجناء العراقيين وإقفال السفارة الألمانية في بغداد. وسبق ان وجه وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير نداءاً عبر شاشات التلفزيون أذاعته قناة الجزيرة دعا فيه الخاطفين العراقيين إلى إطلاق سراح المهندسين الألمانيين، وذلك بعد انتهاء المهلة التي حددها الخاطفون لتلبية مطالبهم. ولكن والدتا المهندسين الألمانيين كانتا قد سبقتا وزير الخارجية بتوجيه نداءا حارا إلى خاطفيهما يطالبن فيه بالرحمة بهما وإطلاق سراحهما. وفي بيان بثته القناة الأولى فيه التلفزيون الألماني الأول آنذاك شددت أمهات المهندسين على أن "توماس نيتسكه ورينيه بروينليش سافرا إلى العراق بدون دوافع سياسية، كما أنهما لا يريدان إلحاق الضرر ببلدكم." من جانبه تابع الرئيس الألماني هورست كولر حادثة الاختطاف بكثير من القلق. وأعرب كولر عن تعاطفه مع أهل الرهينتين من مدينة لايبتسغ. الرئيس الألماني طالب هو الآخر كافة الساسة الألمان ووسائل الأعلام التزام الحكمة والتحفظ في تعليقاتها وتصريحاتها حتى لا يضر ذلك بالرهينتين، معربا عن ثقته بفريق الطوارئ الذي شكلته وزارة الخارجية لمتابعة القضية.