باريس تعيش حرب شوارع بين الشرطة وأبناء المهاجرين
تتواصل للأسبوع الثاني على التوالي موجة العنف والمواجهات بين الشرطة الفرنسية وشباب من أبناء المهاجرين والمتحدرين من أصول افريقية، وكانت المواجهات قد بدأت في ضواحي باريس التي تقطنها غالبية من الأسر المهاجرة. وكان الفتيل الذي أشعل المواجهات هو موت شابين من أصول مهاجرة بصدمة كهربائية في محطة لتوليد الكهرباء بعد لجوؤهما إليها هربا من الشرطة. وامتدت أعمال الشغب والتخريب المتفرقة وإحراق السيارات التي كانت تقتصر على منطقة سين سان دني في شمال باريس إلى إحياء أخرى في محيط العاصمة، ثم انتقلت إلى مدن أخرى مثل روان وليل ونيس ومارسيليا وتولوز. الحصيلة الأولية للاحداث، وفقا لمصادر الشرطة الفرنسية، إحراق حوالي تسعمائة سيارة واضرام النار في عدد كبير من المحلات و المبان الحكومية بينما وصل عدد المحتجزين لدى الشرطة إلى حدود مأتي شخص.
محاولات التهدئة
تفاقم الامر دفع الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى الخروج عن صمته ودعوة الفرنسيين الى "تهدئة النفوس"مطالبا الحكومة الفرنسية بوضع خطة لمعالجة الأوضاع بينما أعلن رئيس الحكومة الفرنسية دومينيك دوفيلبان الى اعتماد برنامج سريع لمساعدة الشباب. وقال شيراك ان الحكومة لديها قدرات كبيرة للعمل على تحقيق تكافؤ الفرص مشيرا بشكل خاص الى "خطة التحديث المدني" والى السلطة العليا لمكافحة التمييز. وأضاف شيراك "إن ما نشهده اليوم يدفعنا" إلى التحرك بسرعة اكبر عبر التحرك الفوري على الأرض وتعزيز الحوار. واحتدم النقاش والانتقادات وتبادل الاتهامات داخل الحكومة الفرنسية ومع المعارضة وتحول الملف إلى موضوع للمشادات داخل أجنحة السلطة والمعارضة.
خلفيات الوضع
انفجار الوضع لم يكن للمراقبين مفاجئا لاسيما في ظل انتشار البطالة في أوساط أبناء الفئات المهاجرة إضافة إلى أن فشل اندماج المهاجرين أو المتحدرين من جنسيات أخرى قد تسبب بإشاعة شعور بين هؤلاء بأنهم غير مرغوب فيهم مما يدفعهم إلى الانكفاء على هويتهم الأصلية وديانتهم وأصلهم. إضافة إلى ذلك تنامي مشاعر العداء والتفرقة العنصرية داخل المجتمع الفرنسي تجاه أبناء المهاجرين واعتبار هؤلاء مواطنين من الدرجة الثانية. ويعيش الجيل الثاني والثالث من أبناء المهاجرين في جيتوهات منعزلة وعلى هوامش المدن الكبيرة في ظل الفقر والبطالة. وزاد من الطين بله تجاهل الحكومات الفرنسية المتعاقبة لهذا الوضع وعدم إعطاء اهتماما بأوضاع هؤلاء واعتماد خطط تنمية اجتماعية من شانها التقليل من حدة الفوارق الاقتصادية بين فئات المجتمع الفرنسي وأبناء الفرنسيين من أصول مهاجرة مما ساهم في توسيع الهوة وخلق جيل متذمر وأوضاع قابلة للانفجار في أي لحظة وهو ماحدث بالفعل على ارض الواقع.
تقرير: عبده جميل المخلافي