برلين تدعو لانتخابات نزيهة وخالية من العنف في السودان
٢٦ مارس ٢٠١٠قبل أسبوعين ونصف من الانتخابات المتعددة التي ستجري في السودان وجَّه البرلمان الاتحادي الألماني (بوندستاغ) نداء إلى الخرطوم للتراجع عن منع مراقبة عمليات التصويت في البلاد بحرية وضمان عمليات تصويت نزيهة في مختلف المناطق.
ودعا قرار برلماني صوَّت له نواب الاتحاد المسيحي، والحزب الليبرالي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر باستثناء حزب اليسار، الحكومة السودانية إلى السماح للمراقبين الدوليين بدخول البلاد دون أية عوائق وضمان حرية التنقل لهم. وفي الوقت ذاته حضَّ القرار الأحزاب الرئيسة في البلاد والمجموعات المسلحة المتمرِّدة على التخلي بصورة كاملة عن استخدام العنف خلال العمليات الانتخابية المتعددة التي ستشمل انتخاب رئيس للبلاد، ومجلسي نواب، وحكّام المقاطعات، ورئيس حكومة الجنوب وبرلمانات محلية في الولايات.
وسينافس الرئيس الحالي عمر البشير، الصادرة في حقِّه مذكرة توقيف دولية والمرشح لدورة رئاسية جديدة، 13 مرشحا يتقدمهم رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي ومرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان (جنوب) ياسر عرمان. وفي حال لم تقع أعمال عنف وتزوير ستكون الانتخابات التي ستبدأ في 11 نيسان/ابريل القادم وتستمِّر عدة أيام أول انتخابات حرة في البلاد منذ عام 1986 تنخرط فيها مختلف الأحزاب والتنظيمات السياسية في البلاد. وانتهت قبل خمس سنوات حربا أهلية في الجنوب استمرت عقدين من الزمن أسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة في الجانبين. وتم عام 2005 التوقيع على اتفاق سلام بين الخرطوم والحركة الشعبية قضى بإعطاء سكان الجنوب حق تقرير المصير في انتخابات ستجري العام المقبل يمكن أن تقود إلى انفصال سلمي للجنوب عن الشمال.
التعاون مع المحكمة الدولية
وعلى خلفية مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحق البشير من جانب محكمة الجنايات الدولية قبل عام تقريبا، وكذلك الاتهامات الموجهة بارتكابه جرائم حرب في دارفور، طالب القرار البرلماني الألماني القيادة السودانية بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في هذا المجال.
وكان الرئيس السوداني قد هدَّد قبل أيام قليلة بطرد المراقبين والصحافيين من البلاد، بل وحتى بـ "قطع أصابعهم" إذا تدخلوا في الشؤون الداخلية للسودان، الأمر الذي استنكره البرلمانيون الألمان بشدة في قرارهم المتخذ منددين بإطلاق مثل هذه التهديدات. البشير كان قد أعلن أن حكومته قبلت بدخول المراقبين الدوليين إلى بلاده لمراقبة الانتخابات، لكنه حذَّر قائلا: "إن طالبوا بتأجيل التصويت سنطردهم، وإن تدخلوا في شؤوننا الداخلية سنعمل على قطع أصابعم ونطحنها بأحذيتنا".
انتقادات لهيمنة الحزب الحاكم في السودان
وكان "مركز كارتر" المموَّل من الولايات المتحدة والمشارك في أعمال المراقبة، والأطول تواجدا في السودان بين المنظمات الأخرى، اقترح مؤخراً تأجيل الانتخابات لأسباب أمنية. كما طالبت الأحزاب المعارضة في البلاد بالأمر ذاته بسبب التوترات الحاصلة في الجنوب وفي منطقة دارفور في الغرب، لكن القيادة السودانية رفضت ذلك. وانتقد عبدالله أحمد عبدالله نائب رئيس اللجنة الحكومية للانتخابات بشدة تقرير "مركز كارتر" المسمى على اسم الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر. ويعتزم الاتحاد الأوروبي إرسال 130 مراقبا مطلع الشهر المقبل للتأكد من نزاهة الانتخابات المرتقبة.
وذكر ممثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني كريستوف شتراسِّر، خلال مناقشة الانتخابات السودانية في جلسة البرلمان، أن العديد من الأحزاب المعارضة يشكو من هيمنة الحزب الحاكم على وسائل الإعلام، ومن عدم اطلاع الناخبين على تعقيدات العملية الانتخابية وسط معدل أمية وجهل مرتفعان في البلاد وتهجير عشرات آلاف الناس. ورغم ذلك أعلن النائب شترسِّر عن تأييده إجراء الانتخابات في موعدها، مشيرا إلى أن أناسا كثر في السودان، والشباب منهم بصورة خاصة، لم يشاركوا حتى الآن في أية انتخابات وفي تقرير مستقبلهم. وأضاف: "القول لهؤلاء أن من الأفضل عدم إجراء انتخابات وعدم تقديم المساعدة لهم سيخيِّب بالتأكيد أمالهم".
من جانبه انتقد ممثل حزب اليسار الألماني النائب نياما موفاسّات قيام الهيئات الإنمائية الألمانية بمشاريع إنماء في الجنوب وإهمال الشمال في الوقت ذاته. وتساءل عن سبب بناء طريق تربط جنوب السوادن بكينيا بدلا من الخرطوم متهما، حكومة بلاده بالمساهمة في دعم الانفصال.
الكاتب: اسكندر الديك
مراجعة: عبده جميل المخلافي