ملف إيران النووي
٢٧ سبتمبر ٢٠٠٦بعد محادثات مكثفة جرت في العاصمة الألمانية برلين بين خافيير سولانا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي وعلي لاريجاني كبير المفاوضين الإيرانيين واستمرت خمس ساعات أمس الأربعاء، قرر الرجلان الاجتماع مجدد صباح اليوم الخميس(28 سبتمبر/ايلول 2006)، وذلك حسبما ذكرت المتحدثة باسم سولانا التي لم تذكر تفاصيل عن مدى تقدم المفاوضات. تندرج هذه المحادثات في إطار الجهود الدبلوماسية الأوروبية المكثفة بهدف التوصل إلى حل لمشكلة الملف النووي الإيراني، التي تحولت إلى نزاع دولي يهدد بمزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والعالم.
وأوضح وزير الخارجية الألماني فرانك- فالتر شتاينماير أنه لن يشارك في المحادثات وانه من غير الوارد إجراء محادثات ثنائية مع إيران. وقال بهذا الصدد "سنقيم معا" الموقف الإيراني بعد الاجتماع لنقرر ما إذا كنا سنعود أولا نعود إلى المفاوضات. لذلك وصف العديد من المراقبين هذه المحادثات بأنها واحدة من آخر الفرص المتاحة أمام التوصل إلى حل سلمي للنزاع بشأن الملف المذكور. ويتمحور النزاع حول حق إيران بتخصيب اليورانيوم، التي تقول انها ستستخدمه للأغراض السلمية، في حين يتهمها الغرب بالتحضير لصنع قنبلة نووية اعتماداً على ذلك.
إصرار إيراني على تخصيب اليورانيوم
يركز الوفدان الإيراني والأوروبي في مفاوضاتهما الجارية في برلين على بحث إمكانية تجميد طهران لعملية التخصيب ولو بشكل مؤقت من أجل جولة مفاوضات جديدة تقود إلى حل سلمي للأزمة، كما يؤمل من خطوة كهذه أن تحول دون تحويل الملف إلى مجلس الأمن وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على طهران.
غير أن تصريحات العديد من المسؤولين الإيرانيين حتى قبيل بدء الاجتماعات لا توحي بإحراز تقدم جوهري فيما يتعلق بإمكانية التجميد. ففي تصريح لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية مساء الأربعاء (27 سبتمبر/ أيلول 2006) رفض الرئيس الإيراني أحمدي نجاد مجدداً أي تغيير في مواقف بلاده رغم استعدادها للتفاوض. ونقلت الوكالة عنه قوله: "يطلبون منا خلال المفاوضات تعليق تخصيب اليورانيوم ليوم واحد بحجة حدوث بعض المشكلات الفنية كي نواصل المفاوضات، أما ردنا فهو أنه لا أحد يملك حق التخلي عن حقوق الأمة الإيرانية". وكانت صحيفة "واشنطن تايمز" الاميركية قد نقلت في عددها الصادر يوم الثلاثاء عن مسؤولين اميريكيين ان إيران مستعدة للموافقة على تعليق مؤقت لأنشطة تخصيب اليورانيوم طوال 90 يوماً، لكنها تريد إبقاء هذا القرار سريا.
تفاؤل أوروبي
وعلى صعيد آخر أعرب مسؤولون أوروبيون عن تفاؤلهم بما أظهره الجانب الإيراني من إرادة لمعالجة الأزمة، وذلك اثر أول لقاءين بين لاريجاني وسولانا. لكن احمدي نجاد الذي لم يعلق على هذه القضية، ندد بمساعي الأوروبيين لتعليق تخصيب اليورانيوم. وقال الرئيس الإيراني: "يريدون استخدام التعليق لأهداف دعائية ويريدون ان يقولوا للعالم أنهم اجبروا إيران على القبول بهذا الأمر، إنهم يرتكبون خطأ والأمة الإيرانية لن تتنازل عن حقوقها". ويشكل اللقاء الثالث بين لاريجاني وسولانا الفرصة الأخيرة لتجنب فرض عقوبات على إيران على خلفية برنامجها النووي. وكان من المقرر أن يلتقي لاريجاني مع سولانا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الاسبوع الماضي لكنه لم يحضر.
مفاوضات دون وقف مؤقت؟
من جهة أخرى صرح مسؤولون فرنسيون ان لاريجاني عرض دراسة وقف مؤقت لبرنامج التخصيب في اجتماع مع سولانا قبل أسبوعين وأن تفاصيل هذا الوقف المحتمل ستناقش في اجتماع برلين. واتفقت الولايات المتحدة والثلاثي الأوروبي فرنسا وألمانيا وبريطانيا على إحالة الأمر لمجلس الأمن اذا لم توقف إيران تخصيب اليورانيوم من أجل فرض عقوبات على طهران. وتعارض الصين وروسيا العقوبات وتفضلان العودة للمفاوضات مع إيران. وفي هذا السياق أكد دبلوماسي أوروبي تقرير نشرته مجلة دير شبيجل الألمانية قال ان الثلاثي الأوروبي سيرحب ببدء محادثات تمهيدية مع إيران حتى اذا لم توقف أولا تخصيب اليورانيوم. وأضاف أن شرط بدء هذه المحادثات سيكون التوصل لنتيجة ايجابية خلال اجتماعات سولانا ولاريجاني أو بمعنى اخر ظهور مؤشرات على أن ايران ستوقف تخصيب اليورانيوم . ولن تنضم واشنطن للمحادثات الا بعد أن يكون هناك وقف كامل للتخصيب. وكان مجلس الأمن قد حدد في باديء الامر مهلة انتهت في 31 أغسطس/آب لإيران حتى توقف تخصيب اليورانيوم، لكن طهران تجاهلت الهدنة. ووافقت الدول الست على منح سولانا فرصة حتى أوائل أكتوبر/تشرين الأول للتوصل لاتفاق مع طهران من أجل بدء المفاوضات.