موجة الحر الشديد.. مشروع لحماية المشردين في برلين
٢٤ يوليو ٢٠٢٢تخطت درجات الحرارة في العاصمة الألمانية برلين حاجز الـ 39 درجة مؤخرا، وهو الأمر الذي دفع الكثيرين إلى اتخاذ كافة التدابير لمواجهة الطقس الحار سواء باللجوء إلى أجهزة التكييف أو حتى المراوح الكهربائية. بيد أن المشردين في شوارع برلين أضحوا أمام خطر الإصابة بالإجهاد الحراري مع ارتفاع درجات الحرارة كحال ليليانا وصديقها إلياس وهما من بلغاريا.
وفي ذلك، قالت ليليان "أشعر وكأني سائحة" فيما تحتمي مع صديقها في الظل وهما ينتظران الساعة لتدق العاشرة صباحا حتى يتمكنا من دخول ملجأ في منطقة شونبيرغ في برلين يُقدم للمشردين وسائل تعينهم على تحمل وطأة الحر الشديد ضمن مشروع جديد أُطلق عليه اسم Hitzehilfe أو "مساعدات لمواجهة الطقس الحار".
يوفر الملجأ الذي يفتح أبوابه حتى الساعة الثامنة مساء، العون للمشردين خلال الصيف الحار مثل تخصيص أماكن للاستحمام أو النوم مما لاقى إشادة من المشردين. وقالت ليليانا إن الاستحمام بالماء البارد يعد أكثر شيء تحتاجه داخل المرفق، مضيفة "يمكننا أن نحصل على الطعام والشراب في الشوارع، لكن بدون استحمام أو نوم، تصبح الحياة صعبة في ظل هذا الطقس الحار".
وانضمت ليليانا إلى صفوف المشردين خلال وباء كورونا حيث خسرت الفتاة ذات الثلاثين عاما وظيفتها ليستحيل عليها دفع إيجار الشقة ليصبح الشارع مأواها. وقالت "أصبحت مشردة لأكثر منذ عام. عملت لفترة في الدعارة لكنني توقفت عن ذلك". أما صديقها إلياس، فلم يعد بإمكانه العمل بعد أن فقد كافة أوراقه الرسمية، مضيفا "بدأت في استخراج أوراق جديدة".
حملات التوعية الحكومية
داخل الملجأ، يتم إعداد إعداد كل شيء لاستقبال المشردين بداية من الأطعمة والفاكهة وحتى الصناديق المليئة بزجاجات المياه البادرة، أما في الجزء الخلفي قيمكن العثور على قبعات وأغطية للنوم ومستلزمات النظافة الشخصية وملابس جديدة. ويحصل المشروع على التمويل من مجلس الشيوخ في برلين بما يصل إلى أكثر من مئة ألف يورو فيما يقف وراء البرنامج جمعية اجتماعية تُعرف بأسم إي بي برلين- براندنبورغ/ IB Berlin-Brandenburg بهدف مساعدة المشردين على تحمل الطقس الحار حتى ولو لساعات قليلة.
أما المبنى الخاص بالملجأ فيجرى استخدامه في الشتاء لمساعدة المشردين خاصة في الليل، بيد أن ارتفاع درجات الحرارة دفع الجمعية إلى الاستعانة به لمساعدة المشردين خلال الصيف الحار. من جانبه، قالت كاتيا كيبينغ، عضو مجلس الشيوخ في برلين، إنه يتعين زيادة التوعية داخل المجتمع حيال المخاطر التي تشكلها موجة الطقس الحار.
وأضافت السياسية اليسارية أن "الكثير من الناس في برلين يعرفون أرقام الخط الساخن الخاص بالاتصال عند رؤية شخص معرض للخطر بسبب الطقس شديد البرودة في الشتاء، لكنهم ليسوا على دراية عندما يتعلق الأمر بالصيف الحار". وفيما كان يعد الطعام والشراب الذي سوف يقدم للمشردين، قال أحد المتطوعين ويدعى أرتور كايل إن البرنامج حصل على دعم قوي. وفي مقابلة مع DW، أضاف بأن "معظم الأشخاص الذين جاءوا هنا نعرفهم في السابق من خلال برامج المساعدات التي تقدم للمشردين خلال الشتاء. لقد انتشرت الأخبار بشأن تقديم مساعدات خلال الصيف الحار".
المزيد من المساعدات للمشردين
بدورها، قالت جانيت ويرنر، المسؤولة في الجمعية التي تقف وراء البرنامج، إنه خلال الأيام الأولى من تدشين البرنامج كان "الكثير يأتي من أجل النوم نظرا لصعوبة ذلك في الخارج في ظل الطقس الحار".
وأضافت في مقابلة مع DW إن "الإفراط في تناول الكحول أو المخدرات يزيد من المخاطر حيث يواجه من يشرب الكثير من الكحول احتمال عدم إدراك مكان النوم في الخارج، وقد يتعرّض في مكان النوم هذا لحروق شديدة أو للجفاف وفي أسواء الحالات قد يلقى حتفه".
ولا تتوقف المساعدة على تقديم الطعام والشراب وإتاحة أماكن للنوم فقط، فهي تشمل أيضا تقديم مساعدات نصائح المشردين. وفي هذا السياق، قالت ويرنر "عندما يأتي الناس هنا بشكل متكرر يمكن فتح قنوات للحوار ومن ثم تنمو الثقة بينهم وبين الأخصائيين الاجتماعيين داخل المركز".
وجرى تدشين العديد من المبادرات في برلين لمساعدة المشردين على تحمل الطقس الحار فعلى سبيل يعمل قرابة 23 شخصا ضمن مبادرة كارونا/ Karuna لتوزيع المياه والنظارات الشمسية ومستلزمات النظافة على المشردين في الشوارع. ويعود نشاط هذه المبادرة إلى عام 2020 حيث تتضمن تشغيل حافلات باردة يمكن للمشردين الاحتماء داخلها والتعافي من الإنهاك الحراري.
وقالت ويرنر "إذا رأيت أي شخص مشرد في الشارع خاصة خلال الطقس الحار حاليا، فيجب أن تتأكد هل هو في حالة جيدة؟ وإن لم يكن كذلك، يتعين الاتصال بخدمة الطوارئ." وأضافت أن حصول أي "شخص في الشارع على زجاجة مياه باردة سيسعده". ومن المقرر أن يستمر البرنامج حتى نهاية سبتمبر / أيلول حيث سيجرى تقييم المرافق التي شهدت إقبالا كبيرا.
كيت برادي / م ع