بطاقة زرقاء لجلب مزيد من الكفاءات إلى ألمانيا
١٤ نوفمبر ٢٠١٢يمسك داوتماميت ريجيبوف بافتخار تلك البطاقة الزرقاء، التي قد يظنها الرائي مخطئاً الهوية الشخصية الألمانية نظراً لتشابه شكليهما. انتقل الموظف التركماني الذي حصل على وظيفة لدى شركة الكهرباء الألمانية العملاقة RWEإلى هامبورغ في أغسطس/آب، كما يوضح قائلاً: "لدى الشركة مشروع بحث حول بلدي". وبالطبع، فإنه ودّ المشاركة بهذا مشروع.
ورغم أنه لم يسمع عن البطاقة الزرقاء قبل وصوله إلى ألمانيا، إلا أنه الآن فرح جداً لعلمه أن بإمكانه الحصول على الإقامة الدائمة بسرعة. فإذا ما أجاد الشخص اللغة الألمانية وحصل على عقد عمل ثابت، يصبح الحصول على إقامة دائمة بعد عامين أمراً ممكناً. وهو ما يدفع ريجيرف البالغ من العمر الثلاثين إلى أن يرى في هذه المعادلة دافعاً إضافياً لتعلم اللغة الألمانية.
مجالات عمل مطلوبة
إلا أن هذا ليس هو الدافع الوحيد الذي يشجع اختصاصي النفط والغاز الطبيعي على الانتقال إلى ألمانيا، بل أيضاً إمكانية جلبه لزوجته إنسيه باشيموفا إلى جواره في ألمانيا. فقد حصلت زوجته هي أيضاً على إقامة شاملة لتصريح عمل في الحال. وخلافاً للمهاجرين الأقل كفاءة، لا يتوجب عليها إثبات تمكنها من اللغة الألمانية.
منذ أغسطس/آب الماضي بدأ العمل بنظام "البطاقات الزرقاء" في ألمانيا، ولقت اهتماماً كبيراً على الأقل في هامبورغ، حيث حصل حوالي 163 شخصاً على بطاقة زرقاء. وفي الوقت الحالي لا تتوفر أرقام حول عدد البطاقات الزرقاء التي تم منحها في شتى أنحاء ألمانيا، وتشير بيرتا شتيلر من مركز خدمة استقبال المهاجرين الذي يطلق عليه "Welcome Center" إلى أن الهنود من أكثر الحاصلين عليها.
في مركز الاستقبال، تحصل الكفاءات المهاجرة على إجابات على الأسئلة الأساسية حول الإقامة والبطاقة الزرقاء كما يتم إعطاؤهم الكثير من المعلومات العملية المفيدة في حياتهم اليومية. وأكثر المجالات المطلوب فيها كفاءات في سوق العمل هي مجالات النقل البحري والجوي والطاقات المتجددة وبرمجة ألعاب الكمبيوتر حسبما توضح شتيلر.
الحاجة إلى قوى عاملة
كانت شتيلر في بداية الأمر متشككة فيما يتعلق بالبطاقة الزرقاء، إذ كانت تخشى أن يشكل تراوح الحد الأدنى للدخل بين 35 ألف و 45 ألف يورو إغراءاً للشركات كي تستقطب قوى عاملة من الخارج على حساب الداخل الألماني. إلا أنها ترى أنه لازال من المبكر الحكم على هذا الأمر.
ووفقاً لأحد استطلاعات معهد أبحاث سوق العمل في نورنبرغ، لم تتمكن ثمان بالمئة من الشركات من سد حاجتها من القوى العاملة في النصف الأول من عام 2011. صحيح أن هذه النسبة أقل من مقابلتها في عام 2000، إلا أن النسبة لا تتراجع على المدى الطويل. ورغم أن نسبة كبيرة من الشركات تتمكن حالياً من تغطية احتياجاتهم من الأيدي العاملة، إلا أن معظمهم لا يتوقعون استمرار الحال على ما هو عليه، وفقاً للعلماء. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب من بينها شيخوخة المجتمع. وتعاني الشركات الصغيرة بشكل أكبر من هذه المشكلة في حال بقاء إحدى وظائفها شاغرة لمدة طويلة.
نقص في التشريع
ورغم أن بيرتا شتيلر ترى الجوانب الإيجابية في ارتفاع الطلب على البطاقة الزرقاء، إلا أنها ترى أيضاً أن بإمكان ألمانيا تقديم المزيد. فتوجيهات الاتحاد الأوروبي تسمح مثلاً بمعادلة الشهادة الجامعية بخمس سنوات على الأقل من التدريب المهني. لكن من أجل ذلك لا بد من إصدار قرار إداري خاص، إلا أن وزارة العمل الاتحادية لا ترى حتى الآن الداعي للمفاوضة بهذا الشأن.
أما السناتور ديتليف شيله، المفوض بشؤون العمل والأسرة والاندماج في هامبورغ، فيرى أهمية هذا التشريع، رغم عدم وجود نقص حاد في القوى العاملة فيما يطلق عليه مدن الهانزا في شمال ألمانيا، ويقول السياسي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني: "يجب علينا اتخاذ خطوات وقائية". لكنه يحذر من تبسيط عملية معادلة التدريب المهني بالشهادة الجامعية. ويحاول هو مع عدد من الدول الموجهة من الحزب الديمقراطي الاجتماعي دعم هذا الموضوع.
وفي النهاية يعتمد نجاح البطاقة الزرقاء في ألمانيا، على تشجيع تلك الكفاءات على البقاء في ألمانيا بشكل دائم. ويرفض ريجيبوف وزوجته اتخاذ هذا القرار قائلين: "في السابق كنا في أفريقيا، ولا أحد يعلم إلى أين قد يأخذنا عملنا". فالبطاقة الزرقاء لا تمنح فقط الفرصة للبقاء في ألمانيا، لكنها تسهل السفر والعمل داخل دول الاتحاد الأوروبي.